مسألة تاليةمسألة سابقة
متن:
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَحْمَد ابْنِ تيمية إلَى سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ وَوَلِيِّ أَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ ; نَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ ; بِإِقَامَةِ فَرْضِ الدِّينِ وَسُنَّتِهِ . أَيَّدَهُ اللَّهُ تَأْيِيدًا يَصْلُحُ بِهِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيُقِيمُ بِهِ جَمِيعَ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { الَّذِينَ إنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ : إمَامٌ عَادِلٌ } إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ } . وَقَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ الدُّعَاءَ فِي السُّلْطَانِ فَجَعَلَ فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ قُلُوبُ الْأُمَّةِ مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ . وَاَللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يُعِينَهُ فَإِنَّهُ أَفْقَرُ خَلْقِ اللَّهِ إلَى مَعُونَةِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ قَالَ تَعَالَى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } الْآيَةَ . وَصَلَاحُ أَمْرِ السُّلْطَانِ بِتَجْرِيدِ الْمُتَابَعَةِ لِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَنَبِيِّهِ وَحَمْلِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ صَلَاحَ أَهْلِ التَّمْكِينِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : إقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ . فَإِذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ فِي مَوَاقِيتِهَا جَمَاعَةٌ - هُوَ وَحَاشِيَتُهُ وَأَهْلُ طَاعَتِهِ - وَأَمَرَ بِذَلِكَ جَمِيعَ الرَّعِيَّةِ وَعَاقَبَ مَنْ تَهَاوَنَ فِي ذَلِكَ الْعُقُوبَةَ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ فَقَدْ تَمَّ هَذَا الْأَصْلُ ثُمَّ إنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا نَاجَى رَبَّهُ فِي السَّحَرِ وَاسْتَغَاثَ بِهِ وَقَالَ : يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ بِرَحْمَتِك أَسْتَغِيثُ : أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ التَّمْكِينِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } { وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا } { وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا . } ثُمَّ كَلُّ نَفْعٍ وَخَيْرٍ يُوَصِّلُهُ إلَى الْخَلْقِ هُوَ مِنْ جِنْسِ الزَّكَاةِ . فَمِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ سَدُّ الفاقات وَقَضَاءُ الْحَاجَاتِ وَنَصْرُ الْمَظْلُومِ وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ : الْأَمْرُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ مِنْ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَأَمْرُ نَوَائِبِ الْبِلَادِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ بِاتِّبَاعِ حُكْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاجْتِنَابِهِمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَهُوَ : النَّهْيُ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ . وَإِذَا تَقَدَّمَ السُّلْطَانُ - أَيَّدَهُ اللَّهُ - بِذَلِكَ فِي عَامَّةِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَانَ فِيهِ مِنْ صَلَاحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ . وَاَللَّهُ يُوَفِّقُهُ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ .