وَسُئِلَ  شَيْخُ الْإِسْلَامِ  عَنْ   مُسْلِمٍ بَدَرَتْ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ  فِي  حَالِ صِبَاهُ تُوجِبُ  مُهَاجَرَتَهُ  وَمُجَانَبَتَهُ  .  فَقَالَتْ  طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَصْفَحُ عَنْهُ وَيَتَجَاوَزُ عَنْ كُلِّ مَا  كَانَ مِنْهُ .  وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ أُخْرَى : لَا تَجُوزُ أُخُوَّتُهُ وَلَا  مُصَاحَبَتُهُ . فَأَيُّ  الطَّائِفَتَيْنِ  أَحَقُّ بِالْحَقِّ ؟ 
				
				
				 فَأَجَابَ : لَا رَيْبَ  أَنَّ   مَنْ تَابَ إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا  تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى :   {   وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا  عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا  مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا   }  أَيْ لِمَنْ تَابَ . وَإِذَا  كَانَ  كَذَلِكَ وَتَابَ الرَّجُلُ  فَإِنْ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا سَنَةً  مِنْ الزَّمَانِ وَلَمْ يَنْقُضْ التَّوْبَةَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ  ذَلِكَ وَيُجَالَسُ وَيُكَلَّمُ .  وَأَمَّا إذَا تَابَ وَلَمْ تَمْضِ عَلَيْهِ سَنَةٌ فَلِلْعُلَمَاءِ  فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ . مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ :  فِي الْحَالِ يُجَالَسُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : لَا  بُدَّ  مِنْ مُضِيِّ سَنَةٍ  كَمَا فَعَلَ  عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ  بِصَبِيغِ بْنِ عِسْلٍ  . وَهَذِهِ  مِنْ  مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ . فَمَنْ رَأَى أَنْ تُقْبَلَ تَوْبَةُ  هَذَا التَّائِبِ وَيُجَالَسُ  فِي الْحَالِ قَبْلَ اخْتِبَارِهِ : فَقَدْ  أَخَذَ بِقَوْلِ  سَائِغٍ . وَمَنْ رَأَى  أَنَّهُ يُؤَخَّرُ مُدَّةً حَتَّى يَعْمَلَ صَالِحًا وَيُظْهِرُ صِدْقَ تَوْبَتِهِ فَقَدْ  أَخَذَ بِقَوْلِ  سَائِغٍ .  وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ  مِنْ الْمُنْكَرَاتِ .