تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ " الرُّوحِ الْمُؤْمِنَةِ " أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَلَقَّاهَا وَتَصْعَدُ بِهَا إلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ .
1
فَأَجَابَ : أَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي " قَبْضِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ وَأَنَّهُ يَصْعَدُ بِهَا إلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ " : فَهَذَا حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَقَوْلُهُ " فِيهَا اللَّهُ " بِمَنْزِلَةِ قَوْله تَعَالَى { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } { أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } وَبِمَنْزِلَةِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَارِيَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ : أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ قَالَ : مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ } . وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ السَّمَاءَ تَحْصُرُ الرَّبَّ وَتَحْوِيهِ كَمَا تَحْوِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَغَيْرَهُمَا فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ وَلَا يَعْتَقِدُهُ عَاقِلٌ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } وَالسَّمَوَاتُ فِي الْكُرْسِيِّ كَحَلْقَةِ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ وَالْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ كَحَلْقَةِ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ ; لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ . وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَأُصَلِّبَنَّكُم فِي جُذُوعِ النَّخْلِ } وَقَالَ : { فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ } وَقَالَ : { يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ } وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ فِي جَوْفِ النَّخْلِ وَجَوْفِ الْأَرْضِ ; بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ فَوْقَ السَّمَوَاتِ وَعَلَيْهَا بَائِنٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ . وَقَالَ : { يَا عِيسَى إنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إلَيَّ } وَقَالَ تَعَالَى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إلَيْهِ } وَقَالَ : { بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إلَيْهِ } . وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .