تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الصَّغِيرِ هَلْ يَحْيَا وَيُسْأَلُ أَوْ يَحْيَا وَلَا يُسْأَلُ ؟ وَبِمَاذَا يُسْأَلُ عَنْهُ ؟ وَهَلْ يَسْتَوِي فِي الْحَيَاةِ وَالسُّؤَالِ مَنْ يُكَلَّفُ وَمَنْ لَا يُكَلَّفُ ؟
1
فَأَجَابَ : - الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَمَّا مَنْ لَيْسَ مُكَلَّفًا كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ فَهَلْ يُمْتَحَنُ فِي قَبْرِهِ وَيَسْأَلُهُ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ . أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يُمْتَحَنُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عبدوس عَنْهُمْ وَذَكَرَهُ أَبُو حَكِيمٍ النهرواني وَغَيْرُهُمَا . وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُمْتَحَنُ فِي قَبْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا . قَالُوا لِأَنَّ الْمِحْنَةَ إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ يُكَلَّفُ فِي الدُّنْيَا . وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ : يُسْتَدَلُّ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى صَغِيرٍ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ فَقَالَ : اللَّهُمَّ قِه عَذَابَ الْقَبْرِ وَفِتْنَةَ الْقَبْرِ } وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُفْتَنُ . وَأَيْضًا : فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يُكَلَّفُوا فِي الدُّنْيَا يُكَلَّفُونَ فِي الْآخِرَةِ كَمَا وَرَدَتْ بِذَلِكَ أَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ النُّصُوصَ عَنْ الْأَئِمَّةِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ : الْوَقْفُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ { النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُمْ فَقَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ } . وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ . وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا فَإِنْ كَانَ الْأَطْفَالُ وَغَيْرُهُمْ فِيهِمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ : فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لِامْتِحَانِهِمْ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُمْنَعْ امْتِحَانُهُمْ فِي الْقُبُورِ ; لَكِنْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ لِكُلِّ مُعَيَّنٍ مِنْ أَطْفَالِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَإِنْ شَهِدَ لَهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ شَهِدَ لَهُمْ مُطْلَقًا . فَالطِّفْلُ الَّذِي وُلِدَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ يَكُونُ مُنَافِقًا بَيْنَ مُؤْمِنِينَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .