تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَقَالَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فَصْلٌ : أَقْوَالُ الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَغْوٌ عِنْدَنَا : مِثْلَ كُفْرِهِ وَطَلَاقِهِ وَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ . فَإِذَا أُكْرِهَ الْبَيِّعَانِ عَلَى الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِذَا أُكْرِهَا عَلَى التَّقَابُضِ فَهَذَا إكْرَاهٌ عَلَى الْأَفْعَالِ لَا عَلَى الْأَقْوَالِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ قَبَضَ وَأَقْبَضَ مُكْرَهًا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ مَا قَبَضَهُ إلَى الْآخَرِ إذَا أَمْكَنَهُ ; لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ مُكْرَهًا . فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ الْمَقْبُوضُ بِالْإِكْرَاهِ تَحْتَ يَدِ الْقَابِضِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَتْلَفَهُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِتَفْرِيطِهِ أَوْ بِعُدْوَانِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ ; لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ وَيَدُ الْأَمَانَةِ إذَا أَتْلَفَتْ شَيْئًا أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِهَا أَوْ عُدْوَانِهَا ضَمِنَتْهُ كَيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ وَالْمُضَارِبِ وَالْوَكِيلِ . وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ : فَهَلْ تَكُونُ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ ; لِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ ؟ أَوْ يَدَ أَمَانَةٍ ; لِأَنَّهُ قَبَضَهُ قَبْضًا غَيْرَ مُحَرَّمٍ ؟ فَنَقُولُ : تَلَفُهُ تَحْتَ يَدِ الْمُكْرَهِ بِمَنْزِلَةِ إتْلَافِهِ كَرْهًا وَفِيهِ خِلَافٌ . وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَارِيَةَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ; فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَبَضَ الْمَالَ لِنَفْعِهِ كَمَا أَنَّ الْمُكْرَهَ قَبَضَهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَهَذَا قَبَضَهُ بِإِذْنِ الشَّارِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ الْقَابِضُ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ وَفَاءً عَنْ دَيْنٍ فَهُنَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ فِي مَنْفَعَتِهِ كَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ فَأَخَذَهُ لِيَأْكُلَهُ .