تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ امْرَأَةٍ كَانَتْ مُغَنِّيَةً . وَاكْتَسَبَتْ فِي جَهْلِهَا مَالًا كَثِيرًا . وَقَدْ تَابَتْ وَحَجَّتْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى : وَهِيَ مُحَافِظَةٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ . فَهَلْ الْمَالُ الَّذِي اكْتَسَبْته مِنْ حِلٍّ وَغَيْرِهِ ; إذَا أَكَلَتْ وَتَصَدَّقَتْ مِنْهُ ; تُؤْجَرُ عَلَيْهِ ؟ .
1
فَأَجَابَ : الْمَالُ الْمَكْسُوبُ إنْ كانت عَيْنٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ فِي نَفْسِهَا . وَإِنَّمَا حَرُمَتْ بِالْقَصْدِ . مِثْلَ مَنْ يَبِيعُ عِنَبًا لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا . أَوْ مَنْ يُسْتَأْجَرُ لِعَصْرِ الْخَمْرِ أَوْ حَمْلِهَا . فَهَذَا يَفْعَلُهُ بِالْعِوَضِ ; لَكِنْ لَا يَطِيبُ لَهُ أَكْلُهُ . وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْمَنْفَعَةُ مُحَرَّمَةً : كَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَثَمَنِ الْخَمْرِ . فَهُنَا لَا يُقْضَى لَهُ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ . وَلَوْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ لَمْ يُحْكَمْ بِرَدِّهِ ; فَإِنَّ هَذَا مَعُونَةٌ لَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي : إذَا جَمَعَ لَهُمْ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ . وَلَا يَحِلُّ هَذَا الْمَالُ لِلْبَغِيِّ وَالْخَمَّارِ وَنَحْوِهِمَا ; لَكِنْ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ . فَإِنْ تَابَتْ هَذِهِ الْبَغِيُّ وَهَذَا الْخَمَّارُ وَكَانُوا فُقَرَاءَ جَازَ أَنْ يُصْرَفَ إلَيْهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِقْدَارُ حَاجَتِهِمْ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ يَتَّجِرُ أَوْ يَعْمَلُ صَنْعَةً كَالنَّسْجِ وَالْغَزْلِ أُعْطِيَ مَا يَكُونُ لَهُ رَأْسُ مَالٍ وَإِنْ اقْتَرَضُوا مِنْهُ شَيْئًا لِيَكْتَسِبُوا بِهِ وَلَمْ يَرُدُّوا عِوَضَ الْقَرْضِ كَانَ أَحْسَنَ . وَأَمَّا إذَا تَصَدَّقَ بِهِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَهَذَا يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ تَصَدَّقَ بِهِ كَمَا يَتَصَدَّقُ الْمَالِكُ بِمِلْكِهِ فَهَذَا لَا يَقْبَلُهُ اللَّهُ - إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إلَّا الطَّيِّبَ - فَهَذَا خَبِيثٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ } .