مسألة تاليةمسألة سابقة
متن:
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فَصْلٌ : وَأَمَّا بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ : هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ كَصَرْفِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد : إحْدَاهُمَا لَا بُدَّ مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّقَابُضِ ; فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الصَّرْفِ ; فَإِنَّ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ تُشْبِهُ الْأَثْمَانَ فَيَكُونُ بَيْعُهَا بِجِنْسِ الْأَثْمَانِ صَرْفًا . وَالثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ فِي جِنْسِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنًا أَوْ كَانَ صَرْفًا أَوْ كَانَ مَكْسُورًا ; بِخِلَافِ الْفُلُوسِ . وَلِأَنَّ الْفُلُوسَ هِيَ فِي الْأَصْلِ مِنْ " بَابِ الْعُرُوضِ " والثمنية عَارِضَةٌ لَهَا . وَأَيْضًا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ أَنَّ بَيْعَ النُّحَاسِ مُتَفَاضَلًا هَلْ يَجُوزُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ : كَالْحَدِيدِ بِالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ بِالرَّصَاصِ وَالْقُطْنِ بِالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ بِالْكَتَّانِ وَالْحَرِيرِ بِالْحَرِيرِ : أَحَدُهُمَا : لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ . وَالثَّانِي : أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى اخْتَارَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ . وَمَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ اخْتَلَفُوا فِي الْمَعْمُولِ مِنْ ذَلِكَ : كَثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْأَسْطَالِ وَقُدُورِ النُّحَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . هَلْ يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : أَصَحُّهَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ وَزْنُهُ بَعْد الصَّنْعَةِ - كَثِيَابِ الْحَرِيرِ وَالْأَسْطَالِ وَنَحْوِهِمَا - وَبَيْنَ مَا لَا يُقْصَدُ وَزْنُهُ : كَثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْإِبَرِ وَغَيْرِهَا . وَعَلَى هَذَا فَالْفُلُوسُ يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّ مَعْمُولَ النُّحَاسِ يَجْرِي فِيهِ وَمَنْ اعْتَبَرَ قَصْدَ الْوَزْنِ لَمْ يَجْرِ الرِّبَا فِيهَا عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ وَزْنَهَا فِي الْعَادَةِ وَإِنَّمَا تُنْفَقُ عَدَدًا . لَكِنْ مَنْ قَالَ هِيَ أَثْمَانٌ . فَهَلْ يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لَهُمْ . وَكَذَلِكَ فِيهَا وَجْهَانِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَفِي إخْرَاجِهَا عَنْ الزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَالْوَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ .