وَسُئِلَ  رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ   إنْسَانٍ جَاءَهُ  سَائِلٌ  فِي صُورَةِ مُشَبِّبٍ . فَشَبَّبَ . فَأَعْطَاهُ شَيْئًا  فَكَانَ إنْسَانٌ حَاضِرًا  فَقَالَ لِلْمُعْطَى : تَحْرُمُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْعَطِيَّةُ  عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ; لِكَوْنِ الشبابة  وَسِيلَةً :  فَقَالَ : مَا أَعْطَيْته إلَّا لِكَوْنِهِ  فَقِيرًا وَبَعْدَ  هَذَا لَوْ أَعْطَيْته  لِأَجْلِ تَشْبِيبِهِ  لَكَانَ جَائِزًا  ; فَإِنَّهُ قَدْ  أَبَاحَ بَعْضُهُمْ سَمَاعَ الشبابة وَاسْتَدَلَّ  عَلَى  ذَلِكَ بِأَنَّ {   النَّبِيَّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  عَبَرَ  عَلَى  رَاعٍ وَمَعَهُ  ابْنُ عَبَّاسٍ  أَوْ غَيْرُهُ .  وَكَانَ  الرَّاعِي يُشَبِّبُ  فَسَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أُذُنَيْهِ بِإِصْبَعَيْهِ  وَصَارَ يَسْأَلُ الَّذِي  كَانَ مَعَهُ : هَلْ تَسْمَعُ صَوْتَ الشبابة ؟  فَمَا  زَالَ  كَذَلِكَ حَتَّى  أَخْبَرَهُ  أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا فَفَتَحَ أُذُنَيْهِ   }  .  وَقَالَ : لَوْ  كَانَ سَمَاعُ الشبابة حَرَامًا ;  لَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لِمَنْ  كَانَ مَعَهُ بِسَدِّ أُذُنَيْهِ  كَمَا فَعَلَ أَوْ  نَهَى  الرَّاعِيَ عَنْ التَّشْبِيبِ  وَهَذَا دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ  فِي حَقِّ غَيْرِ  الْأَنْبِيَاءِ . فَهَلْ  هَذَا الْخَبَرُ صَحِيحٌ ؟ وَهَلْ  هَذَا الدَّلِيلُ مُوَافِقٌ لِلسُّنَّةِ ؟ أَمْ لَا ؟ 
				
				
				 فَأَجَابَ :  أَمَّا  نَقْلُ  هَذَا الْخَبَرِ عَنْ  ابْنِ عَبَّاسٍ  فَبَاطِلٌ ; لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ  أَبُو داود  فِي   السُّنَنِ   {  أَنَّهُ  كَانَ مَعَ  ابْنِ عُمَرَ  -  فَمَرَّ  بِرَاعٍ مَعَهُ  زَمَّارَةٌ فَجَعَلَ يَقُولُ : أَتَسْمَعُ يَا  نَافِعُ  ؟  فَلَمَّا  أَخْبَرَهُ  أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ رَفَعَ إصْبَعَيْهِ  مِنْ أُذُنَيْهِ  وَأَخْبَرَهُ  أَنَّهُ  كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَفَعَلَ مِثْلَ  ذَلِكَ   }  وَقَالَ  أَبُو داود  لَمَّا رَوَى  هَذَا الْحَدِيثَ :  هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ .  وَقَدْ رَوَاهُ  أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ  مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا .  فَإِنْ  كَانَ ثَابِتًا  فَلَا حُجَّةَ  فِيهِ لِمَنْ  أَبَاحَ الشبابة لَا سِيَّمَا وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ  أَنَّ  الشبابة حَرَامٌ   . وَلَمْ يَتَنَازَعْ  فِيهَا  مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ إلَّا مُتَأَخِّرِي   الْخُرَاسَانِيِّين  مِنْ أَصْحَابِ  الشَّافِعِيِّ  ; فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا  فِيهَا وَجْهَيْنِ .  وَأَمَّا   الْعِرَاقِيُّونَ  - وَهُمْ  أَعْلَمُ بِمَذْهَبِهِ - فَقَطَعُوا بِالتَّحْرِيمِ  كَمَا قَطَعَ  بِهِ  سَائِر الْمَذَاهِبِ . وَبِكُلِّ  حَالٍ  فَهَذَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ  فِي مَذْهَبِهِ .  وَقَدْ  قَالَ  الشَّافِعِيِّ  :   الْغِنَاءُ مَكْرُوهٌ   يُشْبِهُ الْبَاطِلَ وَمَنْ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ سَفِيهٌ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ . وَقَالَ أَيْضًا : خَلَفْت  فِي   بَغْدَادَ  شَيْئًا  أَحْدَثَهُ   الزَّنَادِقَةُ  يُسَمُّونَهُ "   التَّغْبِيرَ  " يَصُدُّونَ  بِهِ النَّاسَ عَنْ الْقُرْآنِ .   وَآلَاتُ الْمَلَاهِي  لَا يَجُوزُ  اتِّخَاذُهَا وَلَا الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ . فَهَذَا الْحَدِيثُ إنْ  كَانَ ثَابِتًا  فَلَا حُجَّةَ  فِيهِ  عَلَى إبَاحَةِ الشبابة ; بَلْ هُوَ  عَلَى النَّهْيِ عَنْهَا  أَوْلَى  مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدُهَا :  أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الِاسْتِمَاعُ لَا السَّمَاعُ فَالرَّجُلُ لَوْ  يَسْمَعُ الْكُفْرَ وَالْكَذِبَ وَالْغِيبَةَ وَالْغِنَاءَ والشبابة  مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ ; بَلْ  كَانَ  مُجْتَازًا بِطَرِيقِ   فَسَمِعَ  ذَلِكَ لَمْ يَأْثَمْ  بِذَلِكَ  بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ  . وَلَوْ جَلَسَ وَاسْتَمَعَ إلَى  ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ لَا بِقَلْبِهِ وَلَا بِلِسَانِهِ وَلَا يَدِهِ :  كَانَ آثِمًا  بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى :   {   وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ  فِي  آيَاتِنَا  فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا  فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ  الشَّيْطَانُ  فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ   وَمَا  عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ  مِنْ حِسَابِهِمْ  مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى  لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ  فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا  فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا  فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ   }  فَجَعَلَ الْقَاعِدَ الْمُسْتَمِعَ  مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ .  وَلِهَذَا  يُقَالُ : الْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ  الْمُغْتَابِ . وَفِي الْأَثَرِ : مَنْ شَهِدَ الْمَعْصِيَةَ وَكَرِهَهَا  كَانَ كَمَنْ  غَابَ عَنْهَا وَمَنْ  غَابَ عَنْهَا  وَرَضِيَهَا  كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا .  فَإِذَا شَهِدَهَا لِحَاجَةِ أَوْ لِإِكْرَاهِ  أَنْكَرَهَا بِقَلْبِهِ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ .  فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ  فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ  وَذَلِكَ  أَضْعَفُ  الْإِيمَانِ   }  . فَلَوْ  كَانَ الرَّجُلُ مَارًّا فَسَمِعَ الْقُرْآنَ  مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَمِعَ إلَيْهِ لَمْ يُؤْجَرْ  عَلَى  ذَلِكَ ; وَإِنَّمَا يُؤْجَرُ  عَلَى الِاسْتِمَاعِ الَّذِي يُقْصَدُ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {   وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا  لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ   }  وَقَالَ  لِمُوسَى  :   {   فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى   }  .  فَإِذَا عُرِفَ  أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِمَاعِ ; لَا بِالسَّمَاعِ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَابْنُ عُمَرَ  كَانَ مَارًّا  مُجْتَازًا لَمْ يَكُنْ مُسْتَمِعًا  وَكَذَلِكَ  كَانَ  ابْنُ عُمَرَ  مَعَ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَنَافِعٌ  مَعَ  ابْنِ عُمَرَ  :  كَانَ سَامِعًا لَا مُسْتَمِعًا . فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَدُّ أُذُنِهِ .  الْوَجْهُ الثَّانِي :  أَنَّهُ إنَّمَا  سَدَّ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أُذُنَيْهِ مُبَالَغَةً  فِي التَّحَفُّظِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ أَصْلًا . فَتَبَيَّنَ  بِذَلِكَ  أَنَّ الِامْتِنَاعَ  مِنْ أَنْ يَسْمَعَ  ذَلِكَ خَيْرٌ  مِنْ السَّمَاعِ  وَإِنْ لَمْ يَكُنْ  فِي السَّمَاعِ إثْمٌ وَلَوْ  كَانَ الصَّوْتُ مُبَاحًا  لَمَا  كَانَ يَسُدُّ أُذُنَيْهِ عَنْ سَمَاعِ الْمُبَاحِ ; بَلْ  سَدَّ أُذُنَيْهِ لِئَلَّا يَسْمَعَهُ  وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّمَاعُ مُحَرَّمًا  دَلَّ  عَلَى  أَنَّ الِامْتِنَاعَ  مِنْ الِاسْتِمَاعِ  أَوْلَى .  فَيَكُونُ  عَلَى الْمَنْعِ  مِنْ الِاسْتِمَاعِ  أَدَلَّ مِنْهُ  عَلَى الْإِذْنِ  فِيهِ .  الْوَجْهُ الثَّالِثُ :  أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ  أَنَّ الِاسْتِمَاعَ لَا يَجُوزُ فَلَوْ  سَدَّ هُوَ وَرَفِيقُهُ آذَانَهُمَا لَمْ يَعْرِفَا مَتَى يَنْقَطِعُ الصَّوْتُ فَيَتْرُكُ الْمَتْبُوعُ  سَدَّ أُذُنَيْهِ .  الرَّابِعُ :  أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ  أَنَّ الرَّفِيقَ  كَانَ بَالِغًا ; أَوْ  كَانَ صَغِيرًا  دُونَ الْبُلُوغِ .  وَالصِّبْيَانُ يُرَخَّصُ  لَهُمْ  فِي اللَّعِبِ مَا لَا يُرَخَّصُ  فِيهِ لِلْبَالِغِ .  الْخَامِسُ :  أَنَّ  زَمَّارَةَ  الرَّاعِي لَيْسَتْ مُطْرِبَةً كالشبابة الَّتِي يَصْنَعُ غَيْرُ  الرَّاعِي فَلَوْ قُدِّرَ الْإِذْنُ  فِيهَا لَمْ يَلْزَمْ الْإِذْنُ  فِي الْمَوْصُوفِ وَمَا يَتْبَعُهُ  مِنْ الْأَصْوَاتِ الَّتِي تَفْعَلُ  فِي النُّفُوسِ فِعْلَ حَمِيِّ الْكُؤُوسِ . السَّادِسُ :  أَنَّهُ قَدْ  ذَكَرَ  ابْنُ الْمُنْذِرِ  اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ  عَلَى الْمَنْعِ  مِنْ  إجَارَةِ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ  فَقَالَ :  أَجَمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ  مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ  عَلَى إبْطَالِ  النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ  كَرِهَ  ذَلِكَ  الشَّعْبِيُّ  وَالنَّخْعِيُّ  وَمَالِكٍ  .  وَقَالَ  أَبُو ثَوْرٍ  وَالنُّعْمَانُ  وَيَعْقُوبُ  وَمُحَمَّدٍ  : لَا تَجُوزُ   الْإِجَارَةُ  عَلَى شَيْءٍ  مِنْ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ  وَبِهِ نَقُولُ . فَإِذَا  كَانَ قَدْ  ذَكَرَ  إجْمَاعَ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ  مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ  عَلَى إبْطَالِ  إجَارَةِ  النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ  .  وَالْغِنَاءُ  لِلنِّسَاءِ  فِي الْعُرْسِ وَالْفَرَحِ  جَائِزٌ . وَهُوَ لِلرَّجُلِ إمَّا مُحَرَّمٌ ; وَإِمَّا مَكْرُوهٌ . وَقَدْ رَخَّصَ  فِيهِ بَعْضُهُمْ  فَكَيْفَ بالشبابة الَّتِي لَمْ يُبِحْهَا أَحَدٌ  مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا لِلرِّجَالِ وَلَا  لِلنِّسَاءِ ; لَا  فِي الْعُرْسِ وَلَا  فِي غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُبِيحُهَا مَنْ لَيْسَ  مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ  فِي الدِّينِ .  فَقَوْلُ  الْقَائِلِ : لَوْ أَعْطَيْته  لِأَجْلِ تَشْبِيبِهِ  لَكَانَ جَائِزًا .  قَوْلٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِمَذَاهِبِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَوْ  كَانَ التَّشْبِيبُ  مِنْ الْبَاطِلِ الْمُبَاحِ  فَكَيْفَ وَهُوَ  مِنْ الْبَاطِلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ  وَهَذَا يَظْهَرُ " بِالْوَجْهِ السَّابِعِ " : وَهُوَ  أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا  جَازَ فِعْلُهُ  جَازَ إعْطَاءُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ . أَلَا  تَرَى  أَنَّ  فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   لَا سَبْقَ إلَّا  فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ   }  فَقَدْ  نَهَى عَنْ السَّبْقِ  فِي غَيْرِ هَذِهِ  الثَّلَاثَةِ . وَمَعَ  هَذَا  فَالْمُصَارَعَةُ قَدْ تَجُوزُ .  كَمَا صَارَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ركانة بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ  . وَتَجُوزُ  الْمُسَابَقَةُ بِالْأَقْدَامِ  كَمَا سَابَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  عَائِشَةَ  وَكَمَا أَذِنَ  لسلمة بْنِ الْأَكْوَعِ  فِي  الْمُسَابَقَةِ  فِي غَزْوَةِ الْغَابَةِ وَذِي قِرْدٍ .  وَقَدْ  قَالَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {   كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو  بِهِ الرَّجُلُ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا رَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَتَأْدِيبُهُ فَرَسُهُ  وَمُلَاعَبَةُ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهُنَّ  مِنْ الْحَقِّ   }  وَهَذَا اللَّهْوُ الْبَاطِلُ مَنْ  أَكَلَ الْمَالَ  بِهِ  كَانَ أَكْلًا بِالْبَاطِلِ وَمَعَ  هَذَا فَيُرَخَّصُ  فِيهِ  كَمَا يُرَخَّصُ لِلصِّغَارِ  فِي اللَّعِبِ  وَكَمَا {  كَانَتْ صَغِيرَتَانِ  مِنْ الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ أَيَّامَ الْعِيدِ  فِي بَيْتِ  عَائِشَةَ  وَالنَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْتَمِعُ إلَيْهِنَّ وَلَا يَنْهَاهُنَّ .  وَلَمَّا  قَالَ  أَبُو بَكْرٍ  : أَمِزْمَارُ  الشَّيْطَانِ  فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ؟  قَالَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  دَعْهُمَا يَا  أَبَا بَكْرٍ  فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا  وَإِنَّ  هَذَا عِيدُنَا   }  فَدَلَّ  بِذَلِكَ  عَلَى  أَنَّهُ يُرَخَّصُ لِمَنْ يَصْلُحُ لَهُ اللَّعِبُ أَنْ يَلْعَبَ  فِي الْأَعْيَادِ  وَإِنْ  كَانَ الرِّجَالُ لَا يَفْعَلُونَ  ذَلِكَ . وَلَا يَبْذُلُ الْمَالَ  فِي الْبَاطِلِ . فَقَدْ تَبَيَّنَ  أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ  عَلَى جَوَازِ  ذَلِكَ وَجَوَازِ إعْطَاءِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ : مُخْطِئٌ  مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ لَوْ  كَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا  فَكَيْفَ  وَفِيهِ مَا  فِيهِ . 
							
				 
            