وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ مُتَوَلِّي إمَامَةِ مَسْجِدٍ وَخَطَابَتِهِ ; وَنَظْرِ وَقْفِهِ : مِنْ سِنِينَ مَعْدُودَةٍ بِمَرْسُومِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَلَهُ مُسْتَحَقٌّ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ لِنُظَّارِ وَقْفٍ آخَرَ أَنْ يَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ ; أَوْ يَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِدُونِ هَذَا النَّاظِرِ ; وَأَنْ يَصْرِفُوا مَالَ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ ; أَوْ يَمْنَعُوا مَا قُدِّرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ . وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ كَانَ فِي دِيوَانِ أُولَئِكَ مِنْ مُدَّةٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ ; وَجَعَلَهُ لِلْإِمَامِ الْخَطِيبِ : فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَتَصَرَّفُوا فِيهِ وَيَمْنَعُوهُ التَّصَرُّفَ مَعَ بَقَاءِ وِلَايَتِهِ ؟ وَهَلْ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ مُتَعَدٍّ وَصَرَفَ مِنْهُ شَيْئًا إلَى غَيْرِهِ مَعَ حَاجَةِ الْإِمَامِ وَقِيَامِ الْمَصَالِحِ وَأَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - يُقْدَحُ فِي دِينِهِ وَعَدَالَتِهِ أَمْ لَا .
فَأَجَابَ : لَيْسَ لِنَاظِرِ غَيْرَ النَّاظِرِ الْمُتَوَلِّي هَذَا الْوَقْفِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ; لَا نُظَّارُ وَقْفٍ آخَرَ وَلَا غَيْرُهُمْ ; سَوَاءٌ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتَوَلِّينَ نَظْرَهُ أَوْ لَمْ يَكُونُوا مُتَوَلِّينَ نَظْرَهُ وَلَا لَهُمْ أَنْ يَصْرِفُوا مَالَ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ جِهَاتِهِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا - وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ - بَلْ يَجِبُ أَنْ يُعْطِيَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ كَامِلًا ; وَلَا يُنْقِصُونَ مِنْ مُسْتَحَقِّهِمْ لِأَجْلِ أَنْ يَصْرِفُوا الْفَاضِلَ إلَى وَقْفٍ آخَرَ ; فَإِنَّ هَذَا لَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ; وَإِنَّمَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ صَرْفِ الْفَاضِلِ وَمَنْ جَوَّزَهُ فَلَمْ يُجَوِّزْ لِغَيْرِ النَّاظِرِ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى صَرْفِ مَالٍ لِغَيْرِ مُسْتَحَقِّهِ وَمَنَعَ الْمُسْتَحِقَّ قُدِحَ فِي دِينِهِ وَعَدَالَتِهِ .