وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى فِي مَرَضِهِ الْمُتَّصِلِ بِمَوْتِهِ بِأَنْ يُبَاعَ شَرَابٌ فِي حَانُوتِ الْعِطْرِ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا يُضَافُ ذَلِكَ إلَى ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ وَأَنْ يُشْتَرَى بِذَلِكَ عَقَارٌ ; وَيُجْعَلُ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ مَسْجِدٍ لِإِمَامِهِ وَمُؤَذِّنِهِ وَزَيْتِهِ . وَكَتَبَ ذَلِكَ قَبْلَ مَرَضِهِ ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . إذَا أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْ مَالِهِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ مَنْقُولٍ يُضَمُّ إلَى ثَمَنِهِ شَيْءٌ آخَرُ قَدَّرَهُ مِنْ مَالِهِ وَيُصْرَفُ ذَلِكَ فِي وَقْفٍ شَرْعِيٍّ : جَازَ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أُخْرِجَ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْوَرَثَةُ وَمَا أَعْطَاهُ لِلْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنْ أَعْطَى أَحَدًا مِنْهُمْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ أَعْطَى كُلَّ إنْسَانٍ شَيْئًا مُعَيَّنًا بِقَدْرِ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِ حَقِّهِ : فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ : " أَحَدُهُمَا " لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ . " وَالثَّانِي " لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِذَا قِيلَ : إنَّ لَهُ ذَلِكَ بِحَسَبِ مِيرَاثِ أَحَدِهِمْ ; فَإِنَّ عَطِيَّةَ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ بِمَنْزِلَةِ وَصِيَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .