القائمة
الرئيسية
عن الشيخ
تعريف بالشيخ
منهج الشيخ
أقوال العلماء
تلامذة الشيخ
مناظرات الشيخ
تعريف بالشيخ
منهج الشيخ
المــــراجــــــــع
تصنيــف المـراجــــــع
ترتيــب المراجع زمنيـاً
ترتيب المراجع أبجدياً
البحث المتقدم
البـحـث النـصــــي
البـحــث الفقهــي
الرئيسية
>
مَجْمُوعُ فتاوى ابْنِ تيمية
>
الْفِقْهُ
>
كِتَابُ النِّكَاحِ
>
بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ
>
فَصْلٌ التَّكْفِيرُ لِلْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ
مسألة تالية
مسألة سابقة
تنسيق الخط:
16px
17px
18px
19px
20px
21px
22px
23px
24px
25px
26px
27px
28px
29px
30px
31px
32px
Adobe Arabic
Andalus
Arial
Simplified Arabic
Traditional Arabic
Tahoma
Times New Roman
Verdana
MS Sans Serif
(إخفاء التشكيل)
التحليل الفقهي
الأدلة
: الآيات | الأحاديث | الإجماع | آثار الصحابة | القياس | المعقول
الأعلام
: أعلام الرجال | أعلام النساء | أعلام الأماكن | الأنبياء | الفقهاء | الجماعات | كتب
التحليل الموضوعي
الْخُلْعَ فَسْخٌ لِلنِّكَاحِ ; وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ
نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ
الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا أَنْ يُصَرِّحَ بِخِطْبَتِهَا
متن:
وَلِهَذَا ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ
السَّلَفِ
وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّ
الْخُلْعَ فَسْخٌ لِلنِّكَاحِ ; وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ
كَقَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ
وَالشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَد
فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمَا
لِأَنَّ الْمَرْأَةَ افْتَدَتْ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ كَافْتِدَاءِ الْأَسِيرِ
; وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَكْرُوهِ فِي الْأَصْلِ وَلِهَذَا يُبَاحُ فِي الْحَيْضِ ; بِخِلَافِ الطَّلَاقِ . وَأَمَّا إذَا عَدَلَ هُوَ عَنْ الْخُلْعِ وَطَلَّقَهَا إحْدَى الثَّلَّاتِ بِعِوَضِ فَالتَّفْرِيطُ مِنْهُ . وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ :
كَعُثْمَانِ بْنِ عفان
وَغَيْرِهِ ; وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا . وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ
الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَد
جَعَلُوهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَسْخًا . كَالْإِقَالَةِ
. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا هُوَ مَعَ الْمَرْأَةِ ; فَإِنَّهُ إذَا كَانَ افْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ كَمَا يُفْدَى الْأَسِيرُ فَقَدْ يَفْتَدِي الْأَسِيرُ بِمَالِ مِنْهُ وَمَالٍ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَعْتِقُ بِمَالِ يَبْذُلُهُ هُوَ وَمَا يَبْذُلُهُ الْأَجْنَبِيُّ وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ يَصِحُّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَعَ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ هَذَا جَمِيعَهُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ وَالْإِزَالَةِ . وَإِذْ كَانَ الْخُلْعُ رَفْعًا لِلنِّكَاحِ ; وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ : فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَبْذُولُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ . وَتَشْبِيهُ فَسْخِ النِّكَاحِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ : فِيهِ نَظَرٌ ; فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بِرِضَى الْمُتَابِعَيْنِ ; لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِإِزَالَتِهِ ; بِخِلَافِ النِّكَاحِ ; فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَ إلَيْهَا إزَالَتُهُ ; بَلْ الزَّوْجُ يَسْتَقِلُّ بِذَلِكَ ;
لَكِنْ افْتِدَاؤُهَا نَفْسَهَا مِنْهُ كَافْتِدَاءِ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا
. وَمَسَائِلُ الطَّلَاقِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْإِجْمَاعِ وَالنِّزَاعِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضُوعِ . وَالْمَقْصُودُ هُنَا
إذَا وَقَعَ بِهِ الثَّلَاثُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ
كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَلَا يُبَاحُ إلَّا بِنِكَاحِ ثَانٍ وَبِوَطْئِهِ لَهَا عِنْدَ عَامَّةِ
السَّلَفِ
وَالْخَلَفِ ; فَإِنَّ النِّكَاحَ الْمَأْمُورَ بِهِ يُؤْمَرُ فِيهِ بِالْعَقْدِ . وَبِالْوَطْءِ بِخِلَافِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ; فَإِنَّهُ يُنْهَى فِيهِ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ ; وَلِهَذَا كَانَ النِّكَاحُ الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ يُؤْمَرُ فِيهِ بِالْوَطْءِ مِنْ الْعَقْدِ " وَالنِّكَاحُ الْمُحَرَّمُ " يَحْرُمُ فِيهِ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِامْرَأَةِ رِفَاعَةَ القرظي
. لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ إلَى رِفَاعَةَ بِدُونِ الْوَطْءِ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك
} وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلَافٌ إلَّا عَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
فَإِنَّهُ - مَعَ أَنَّهُ أَعْلَمُ
التَّابِعِينَ
- لَمْ تَبْلُغْهُ السُّنَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . " وَالنِّكَاحُ الْمُبِيحُ " هُوَ النِّكَاحُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ النِّكَاحُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ; وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ : {
حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتك
} فَأَمَّا "
نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ
" فَإِنَّهُ لَا يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ
السَّلَفِ
وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ
}
وَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
: لَا أوتى بِمُحَلِّلِ وَمُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتهمَا
. وَكَذَلِكَ قَالَ
عُثْمَانُ
وَعَلِيٌّ
وَابْنُ عَبَّاسٍ
وَابْنُ عُمَرَ
وَغَيْرُهُمْ : إنَّهُ لَا يُبِيحُهَا إلَّا بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ ; لَا نِكَاحِ مُحَلِّلٍ . وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ
الصَّحَابَةِ
أَنَّهُ رَخَّصَ فِي نِكَاحِ التَّحْلِيلِ . وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي "
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ
" فَإِنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ خَيْرٌ مِنْ نِكَاحِ التَّحْلِيلِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ . " أَحَدُهَا " أَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ التَّحْلِيلِ . " الثَّانِي " أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ
ابْنُ عَبَّاسٍ
وَطَائِفَةٌ مِنْ
السَّلَفِ
; بِخِلَافِ التَّحْلِيلِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ
الصَّحَابَةِ
. الثَّالِثُ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الْمَرْأَةِ وَلِلْمَرْأَةِ رَغْبَةٌ فِيهِ إلَى أَجَلٍ ; بِخِلَافِ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَ لَهَا رَغْبَةٌ فِيهِ بِحَالِ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ رَغْبَةٌ فِيهَا بَلْ فِي أَخْذِ مَا يُعْطَاهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ رَغْبَةٌ فَهِيَ مِنْ رَغْبَتِهِ فِي الْوَطْءِ ; لَا فِي اتِّخَاذِهَا زَوْجَةً مِنْ جِنْسِ رَغْبَةِ الزَّانِي ; وَلِهَذَا قَالَ
ابْنُ عُمَرَ
: لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ ; وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً . إذْ اللَّهُ عَلِمَ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُ . وَلِهَذَا تَعْدَمُ فِيهِ خَصَائِصُ النِّكَاحِ ; فَإِنَّ النِّكَاحَ الْمَعْرُوفَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
} وَالتَّحْلِيلُ فِيهِ الْبِغْضَة وَالنُّفْرَةُ ; وَلِهَذَا لَا يُظْهِرُهُ أَصْحَابُهُ ; بَلْ يَكْتُمُونَهُ كَمَا يُكْتَمُ السِّفَاحُ . وَمِنْ شَعَائِرِ النِّكَاحِ إعْلَانُهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ
} وَلِهَذَا يَكْفِي فِي إعْلَانِهِ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَطَائِفَةٌ أُخْرَى تُوجِبُ الْإِشْهَادَ وَالْإِعْلَانَ ; فَإِذَا تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِهِ بَطَلَ . وَمِنْ ذَلِكَ الْوَلِيمَةُ عَلَيْهِ وَالنِّثَارُ وَالطِّيبُ وَالشَّرَابُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَاتُ النَّاسِ فِي النِّكَاحِ . وَأَمَّا " التَّحْلِيلُ " فَإِنَّهُ لَا يُفْعَلُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ;
لِأَنَّ أَهْلَهُ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّلُ زَوْجَ الْمَرْأَةِ
وَلَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ امْرَأَتَهُ ; وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ اسْتِعَارَتُهُ لِيَنْزُوَ عَلَيْهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ تَسْمِيَتُهُ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ ; وَلِهَذَا شُبِّهَ بِحِمَارِ الْعَشْرِيَّيْنِ الَّذِي يُكْتَرَى للتقفيز عَلَى الْإِنَاثِ ; وَلِهَذَا لَا تَبْقَى الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا بَعْدَ التَّحْلِيلِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَهُ ; بَلْ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا نَوْعٌ مِنْ النُّفْرَةِ . وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي التَّحْلِيلِ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ يَأْمُرُ بِهِ الشَّارِعَ : صَارَ الشَّيْطَانُ يُشَبِّهُ بِهِ أَشْيَاءَ مُخَالِفَةً لِلْإِجْمَاعِ فَصَارَ طَائِفَةٌ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ يَظُنُّونَ أَنَّ وِلَادَتَهَا لِذَكَرِ يُحِلُّهَا أَوْ أَنَّ وَطْأَهَا بِالرِّجْلِ عَلَى قَدَمِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ فَوْقَ سَقْفٍ أَوْ سُلَّمٍ هِيَ تَحْتَهُ يُحِلُّهَا . وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُمَا إذَا الْتَقَيَا
بِعَرَفَاتِ
كَمَا الْتَقَى
آدَمَ
وَامْرَأَتُهُ أَحَلَّهَا ذَلِكَ . وَمِنْهُنَّ مَنْ إذَا تَزَوَّجَتْ بِالْمُحَلِّلِ بِهِ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا ; بَلْ تُمَكِّنُهُ مِنْ أَمَةٍ لَهَا . وَمِنْهُنَّ مَنْ تُعْطِيهِ شَيْئًا وَتُوصِيه بِأَنْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا . وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلِّلُ الْأُمَّ وَبِنْتَهَا . إلَى أُمُورٍ أُخَرَ قَدْ بُسِطَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بَيَّنَّاهَا فِي
" كِتَابِ بَيَانِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ "
وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَنْسُوخَ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَمَا تَنَازَعَ فِيهِ السَّلَفُ خَيْرٌ مِنْ مِثْلِ هَذَا ; فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَأْتِي بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا عَدَدَ لَهُ لَكَانَ هَذَا مُمْكِنًا وَإِنْ كَانَ هَذَا مَنْسُوخًا . وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ : إنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَسْتَكْرِيَ مَنْ يَطَؤُهَا فَهَذَا لَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ . وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّحْلِيلِ يَفْعَلُونَ أَشْيَاءَ مُحَرَّمَةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّ
الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا أَنْ يُصَرِّحَ بِخِطْبَتِهَا
سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ عِدَّةِ وَفَاةٍ قَالَ تَعَالَى " {
وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ
} فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْمُوَاعَدَةِ سِرًّا وَعَنْ عَزْمِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ . وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي عِدَّةِ الْمَوْتِ فَهُوَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَشَدُّ
بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ
; فَإِنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَدْ تَرْجِعُ إلَى زَوْجِهَا ; بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ عَنْهَا . وَأَمَّا " التَّعْرِيضُ " فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَفِيمَا سِوَاهُمَا . فَهَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَا يَحِلُّ لِأَحَدِ أَنْ يُوَاعِدَهَا سِرًّا
وَلَا يَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ
وَإِذَا
تَزَوَّجَتْ بِزَوْجِ ثَانٍ وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ يَحِلَّ لِلْأَوَّلِ أَنْ يُوَاعِدَهَا سِرًّا وَلَا يَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ
. وَذَلِكَ أَشَدُّ وَأَشَدُّ .
وَإِذَا كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدِ أَنْ يَخْطُبَهَا لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا : بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا كَانَتْ لَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدُ لَمْ يَحِلَّ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا أَنْ يَخْطُبَهَا ; لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا . بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ
. وَخِطْبَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ أَعْظَمُ مِنْ خِطْبَتِهَا بَعْدَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِالثَّانِي . وَهَؤُلَاءِ " أَهْلُ التَّحْلِيلِ " قَدْ يُوَاعِدُ أَحَدُهُمْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَيَعْزِمَانِ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَقَبْلَ نِكَاحِ الثَّانِي عَلَى عُقْدَةِ النِّكَاحِ بَعْدَ النِّكَاحِ الثَّانِي نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ وَيُعْطِيهَا مَا تُنْفِقُهُ عَلَى شُهُودِ عَقْدِ التَّحْلِيلِ وَلِلْمُحَلِّلِ وَمَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ التَّحْلِيلِ وَالزَّوْجُ الْمُحَلِّلُ لَا يُعْطِيهَا مَهْرًا وَلَا نَفَقَةَ عِدَّةٍ وَلَا نَفَقَةَ طَلَاقٍ ; فَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي هَذِهِ وَقْتَ نِكَاحِهَا بِالثَّانِي أَنْ يَخْطُبَهَا الْأَوَّلُ - لَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا - فَكَيْفَ إذَا خَطَبَهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِالثَّانِي ؟ أَوْ إذَا كَانَ بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا الثَّانِي لَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ أَنْ يُوَاعِدَهَا سِرًّا وَلَا يَعْزِمَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ : فَكَيْفَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُطَلِّقَ بَلْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَلْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَهَذَا كُلُّهُ يَحْرُمُ
بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ
. وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّحْلِيلِ يَفْعَلُهُ وَلَيْسَ فِي التَّحْلِيلِ صُورَةٌ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى حِلِّهَا وَلَا صُورَةٌ أَبَاحَهَا النَّصُّ ; بَلْ مِنْ صُوَرِ التَّحْلِيلِ مَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَمِنْهَا مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ . وَأَمَّا
الصَّحَابَةُ
فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَعَنَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ مِنْهُمْ ; وَهَذَا وَغَيْرُهُ يُبَيِّنُ أَنَّ مِنْ التَّحْلِيلِ مَا هُوَ شَرٌّ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْكِحَةِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا
السَّلَفُ
; وَبِكُلِّ حَالٍ
فَالصَّحَابَةُ
أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَبَعْدَهُمْ التَّابِعُونَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ
} فَنِكَاحٌ تَنَازَعَ
السَّلَفُ
فِي جَوَازِهِ أَقْرَبُ مِنْ نِكَاحٍ أَجْمَعَ
السَّلَفُ
كُلٌّ تَحْرِيمَهُ . وَإِذَا تَنَازَعَ فِيهِ الْخَلَفُ فَإِنَّ أُولَئِكَ أَعْظَمُ عِلْمًا وَدِينًا ; وَمَا أَجْمَعُوا عَلَى تَعْظِيمِ تَحْرِيمِهِ كَانَ أَمْرُهُ أَحَقَّ مِمَّا اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَإِنْ اشْتَبَهَ تَحْرِيمُهُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ . وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .