تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
فَصْلٌ وَالطَّلَاقُ الَّذِي يَقَعُ بِلَا رَيْبٍ هُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَأَبَاحَهُ وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا أَوْ بَعْدَ مَا يَبِينُ حَمْلُهَا : طَلْقَةً وَاحِدَةً فَأَمَّا " الطَّلَاقُ الْمُحَرَّمُ " مِثْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ أَنْ يَطَأَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَبِينَ حَمْلُهَا : فَهَذَا الطَّلَاقُ مُحَرَّمٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَكَذَلِكَ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِكَلِمَةِ أَوْ كَلِمَاتٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ : فَهُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ . وَتَنَازَعُوا فِيمَا يَقَعُ بِهَا . فَقِيلَ : يَقَعُ بِهَا الثَّلَاثُ . وَقِيلَ : لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ . وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ الْمُحَرَّمُ فِي الْحَيْضِ وَبَعْدَ الْوَطْءِ : هَلْ يَلْزَمُ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَمَا لَا يَلْزَمُ النِّكَاحُ الْمُحَرَّمُ وَالْبَيْعُ الْمُحَرَّمُ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ { ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ : طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً } . وَثَبَتَ أَيْضًا فِي مُسْنَدِ أَحْمَد : { أَنَّ ركانة بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ وَاحِدَةٌ } وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ هَذِهِ السُّنَّةِ بَلْ مَا يُخَالِفُهَا إمَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ ; بَلْ مَرْجُوحٌ . وَإِمَّا أَنَّهُ صَحِيحٌ لَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا قَدْ بُسِطَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .