وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلَيْنِ تَخَاصَمَا وَتَقَابَضَا فَقَامَ وَاحِدٌ وَنَطَحَ الْآخَرَ فِي أَنْفِهِ فَجَرَى دَمُهُ فَقَامَ الَّذِي جَرَى دَمُهُ خَنَقَهُ وَرَفَسَهُ بِرِجْلِهِ فِي مَخَاصِيهِ فَوَقَعَ مَيِّتًا ؟
فَأَجَابَ : يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْخَانِقِ الَّذِي رَفَسَ الْآخَرَ فِي أُنْثَيَيْهِ ; فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ قَدْ يَقْتُلُ غَالِبًا ; فَإِنَّ مَوْتَهُ بِهَذَا الْفِعْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا ; وَالْفِعْلُ الَّذِي يَقْتُلُ غَالِبًا يَجِبُ بِهِ الْقَوَدُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ : مِثْلَ مَا لَوْ ضَرَبَهُ فِي أُنْثَيَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَيَجِبُ الْقَوَدُ وَلَوْ خَنَقَهُ حَتَّى مَاتَ وَجَبَ الْقَوَدُ فَكَيْفَ إذَا اجْتَمَعَا ؟ وَوَلِيُّ الْمَقْتُولِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ ; وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْقَاتِلِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ وَلَا لِبَيْتِ الْمَالِ ; وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ .