وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ تَخَاصَمَ مَعَ شَخْصٍ فَرَاحَ إلَى بَيْتِهِ فَحَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ فَلَمَّا قَارَبَ الْوَفَاةَ أَشْهَدَ كُلَّ نَفْسِهِ أَنَّ قَاتِلَهُ فُلَانٌ فَقِيلَ لَهُ . كَيْفَ قَتَلَك ؟ فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا . فَهَلْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَمْ لَا ؟ وَلَيْسَ بِهَذَا الْمَرِيضِ أَثَرُ قَتْلٍ وَلَا ضَرْبٍ أَصْلًا وَقَدْ شَهِدَ خَلْقٌ مِنْ الْعُدُولِ أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ وَلَا فَعَلَ بِهِ شَيْئًا ؟
فَأَجَابَ : أَمَّا بِمُجَرَّدِ هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ; بَلْ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِنَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ إمَّا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ : كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد . وَإِمَّا خَمْسُونَ يَمِينًا : كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ . وَالْعُلَمَاءُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي الرَّجُلِ إذَا كَانَ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ - كَجُرْحِ أَوْ أَثَرِ ضَرْبٍ - فَقَالَ فُلَانٌ : ضَرَبَنِي عَمْدًا : هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا ؟ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد : لَيْسَ بِلَوْثِ ; وَقَالَ مَالِكٌ : هُوَ لَوْثٌ فَإِذَا حَلَفَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ خَمْسِينَ يَمِينًا حُكِمَ بِهِ . وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ . وَهَذِهِ الصُّورَةُ قِيلَ : لَمْ تَكُنْ خَطَأً فَكَيْفَ وَلَيْسَ بِهِ أَثَرُ قَتْلٍ ; وَقَدْ شَهِدَ النَّاسُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ : فَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَ فِيهَا قَسَامَةٌ بِلَا رَيْبٍ عَلَى مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ .