وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ عَدْلٍ لَهُ جَارِيَةٌ اعْتَرَفَ بِوَطْئِهَا بِحَضْرَةِ عُدُولٍ وَأَنَّهَا حَبِلَتْ مِنْهُ وَأَنَّهُ سَأَلَ بَعْضَ النَّاسِ عَنْ أَشْيَاءَ تُسْقِطُ الْحَمْلَ وَأَنَّهُ ضَرَبَ الْجَارِيَةَ ضَرْبًا مُبَرِّحًا عَلَى فُؤَادِهَا فَأَسْقَطَتْ عَقِيبَ ذَلِكَ ; وَأَنَّ الْجَارِيَةَ قَالَتْ : إنَّهُ كَانَ يُلَطِّخُ ذَكَرَهُ بِالْقَطْرَانِ وَيَطَؤُهَا حَتَّى يُسْقِطَهَا وَأَنَّهُ أَسْقَاهَا السُّمَّ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُسْقِطَةِ مُكْرَهَةً . فَمَا يَجِبُ عَلَى مَالِكِ الْجَارِيَةِ بِمَا ذُكِرَ ؟ وَهَلْ هَذَا مُسْقِطٌ لِعَدَالَتِهِ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إسْقَاطُ الْحَمْلِ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مِنْ الْوَأْدِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ : { وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } { بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } وَقَدْ قَالَ : { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ } وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الشَّخْصَ أَسْقَطَ الْحَمْلَ خَطَأً مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَ الْمَرْأَةَ خَطَأً فَتَسْقُطُ : فَعَلَيْهِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ; بِنَصِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَتَكُونُ قِيمَةُ الْغُرَّةِ بِقَدْرِ عُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ : كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . كَذَلِكَ عَلَيْهِ " كَفَّارَةُ الْقَتْلِ " عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ إلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } إلَى قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ } وَأَمَّا إذَا تَعَمَّدَ الْإِسْقَاطَ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً تَرْدَعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ مِمَّا يَقْدَحُ فِي دِينِهِ وَعَدَالَتِهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .