متن:
				  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ  مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا . مَنْ يَهْدِ اللَّهُ  فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ  فَلَا هَادِيَ لَهُ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ  أَنَّ   مُحَمَّدًا  عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . بَابٌ ( الْخِلَافَةُ وَالْمُلْكُ وَقِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ  قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ  أَحْمَد ابْنُ تيمية  قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ  مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا  وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ; مَنْ يَهْدِ اللَّهُ  فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ  فَلَا هَادِيَ لَهُ وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا [ اللَّهُ ] وَحْدَهُ لَا  شَرِيكَ لَهُ وَنَشْهَدُ  أَنَّ   مُحَمَّدًا  عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا .  أَمَّا بَعْدُ : فَهَذِهِ " قَاعِدَةٌ مُخْتَصَرَةٌ  فِي وُجُوبِ  طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ "  فِي كُلِّ  حَالٍ  عَلَى كُلِّ أَحَدٍ  وَأَنَّ مَا  أَمَرَ اللَّهُ  بِهِ وَرَسُولُهُ  مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ  وَمُنَاصَحَتِهِمْ : وَاجِبٌ ; وَغَيْرُ  ذَلِكَ  مِنْ الْوَاجِبَاتِ  قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {   إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ  تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ  بِهِ إنَّ اللَّهَ  كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا   }  وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :   {   يَا  أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا  أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ  وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ  فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ  فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ  ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا   }  فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ  وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ  كَمَا  أَمَرَهُمْ أَنْ  يُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ .  وَأَمَرَهُمْ إذَا  تَنَازَعُوا  فِي شَيْءٍ أَنْ يَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ .  قَالَ الْعُلَمَاءُ : الرَّدُّ إلَى اللَّهِ هُوَ الرَّدُّ إلَى كِتَابِهِ وَالرَّدُّ إلَى الرَّسُولِ بَعْدَ مَوْتِهِ هُوَ الرَّدُّ إلَى سُنَّتِهِ ;  قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {  كَانَ النَّاسُ أُمَّةً  وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ  وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا  فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ  فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ  مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا  فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ   }  فَجَعَلَ اللَّهُ الْكِتَابَ الَّذِي  أَنْزَلَهُ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا  فِيهِ .  وَفِي   صَحِيحِ  مُسْلِمٍ  وَغَيْرِهِ عَنْ  عَائِشَةَ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا  أَنَّ   {   النَّبِيَّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  كَانَ إذَا قَامَ  يُصَلِّي بِاللَّيْلِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ  رَبَّ   جبرائيل   وميكائيل   وَإِسْرَافِيلَ  فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ  أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِك فِيمَا  كَانُوا  فِيهِ يَخْتَلِفُونَ :  اهْدِنِي لِمَا اُخْتُلِفَ  فِيهِ  مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك ; إنَّك تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ   }  وَفِي   صَحِيحِ  مُسْلِمٍ  عَنْ  تَمِيمٍ  الداري   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  قَالَ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {   الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ  قَالُوا : لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ   }  وَفِي   صَحِيحِ  مُسْلِمٍ  أَيْضًا عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ :   {   إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا ; أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا  بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا  تَفَرَّقُوا وَأَنْ  تناصحوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ   }  وَفِي السُّنَنِ  مِنْ حَدِيثِ  ابْنِ مَسْعُودٍ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ :   {   نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأَ سَمِعَ  مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ  فَرُبَّ  حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ  أَفْقَهُ مِنْهُ  وَرُبَّ  حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ . ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ : إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ  وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ;  فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ  مِنْ  وَرَائِهِمْ   }  . و " يَغَلُّ " بِالْفَتْحِ هُوَ الْمَشْهُورُ  وَيُقَالُ :  غَلَّى صَدْرَهُ  فَغَلَّ إذَا  كَانَ ذَا غِشٍّ وَضَغَنٍ وَحِقْدٍ أَيْ قَلْبُ الْمُسْلِمِ لَا يُغِلُّ  عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ  فِي قَوْلِهِ : {   إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا  بِهِ شَيْئًا . وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا  تَفَرَّقُوا وَأَنْ  تناصحوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ   }  فَإِنَّ اللَّهَ إذَا  كَانَ يَرْضَاهَا لَنَا لَمْ يَكُنْ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يُحِبُّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ يُغِلُّ عَلَيْهَا يُبْغِضُهَا وَيَكْرَهُهَا فَيَكُونُ  فِي قَلْبِهِ عَلَيْهَا غِلٌّ ; بَلْ يُحِبُّهَا قَلْبُ الْمُؤْمِنِ وَيَرْضَاهَا .  وَفِي   صَحِيحِ  الْبُخَارِيِّ  وَمُسْلِمٍ  وَغَيْرِهِمَا عَنْ  عبادة بْنِ الصَّامِتِ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  قَالَ :   {   بَايَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ  فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ ;  وَعَلَى أُثْرَةٍ  عَلَيْنَا  وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ  وَعَلَى أَنْ نَقُولَ أَوْ نَقُومَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا  كُنَّا ; لَا  نَخَافُ  فِي اللَّهِ لَوْمَةَ  لَائِمٍ   }  وَفِي   الصَّحِيحَيْنِ  أَيْضًا عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {  عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا  أَحَبَّ وَكَرِهَ ; إلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةِ  فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةِ  فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةٌ   }  وَفِي   صَحِيحِ  مُسْلِمٍ  عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  قَالَ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {   عَلَيْك بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ  فِي عُسْرِك  وَيُسْرِك وَمَنْشَطِك وَمَكْرَهِك وَأُثْرَةٍ عَلَيْك   }  . وَمَعْنَى قَوْلِهِ   {   وَأُثْرَةٍ عَلَيْك   }   {   وَأُثْرَةٍ  عَلَيْنَا   }  أَيْ  وَإِنْ اسْتَأْثَرَ : وُلَاةُ الْأُمُورِ عَلَيْك فَلَمْ يُنْصِفُوك وَلَمْ يُعْطُوك  حَقَّك ;  كَمَا  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  عَنْ   {  أسيد بْنِ حضير   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا  مِنْ   الْأَنْصَارِ  خَلَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَقَالَ :  أَلَّا تَسْتَعْمِلُنِي  كَمَا اسْتَعْمَلْت فُلَانًا ؟  فَقَالَ : إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي  عَلَى الْحَوْضِ   }  .  وَهَذَا  كَمَا  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ   {  قَالَ رَسُول اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهَا تَكُونُ بَعْدِي أُثْرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا  قَالُوا : يَا رَسُول اللَّهِ  كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ  مِنَّا  ذَلِكَ ؟  قَالَ ؟  تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ   }  وَفِي   صَحِيحِ  مُسْلِمٍ  عَنْ  وَائِلِ بْنِ  حجر   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  قَالَ   {   سَأَلَ  سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الجعفي  رَسُولَ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ  قَامَتْ  عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَنَا  حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا  حَقَّنَا :  فَمَا تَأْمُرُنَا ؟  فَأَعْرَضَ عَنْهُ ;  ثُمَّ سَأَلَهُ  فَأَعْرَضَ ;  ثُمَّ سَأَلَهُ  فِي الثَّانِيَةِ أَوْ  فِي الثَّالِثَةِ فَحَدَّثَهُ  الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ  قَالَ ;  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ; فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ   }  .  فَذَلِكَ مَا  أَمَرَ اللَّهُ  بِهِ وَرَسُولُهُ  مِنْ  طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ  وَمُنَاصَحَتِهِمْ  : هُوَ وَاجِبٌ  عَلَى الْمُسْلِمِ ;  وَإِنْ اسْتَأْثَرُوا عَلَيْهِ . وَمَا  نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ  مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ : فَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ ;  وَإِنْ  أُكْرِهَ عَلَيْهِ .