وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ تَوَلَّى حُكُومَةً عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ رُمَاةِ الْبُنْدُقِ وَيَقُولُ : هَذَا شَرْعُ الْبُنْدُقِ وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَى مَدْرَسَةٍ وَفُقَهَاء : فَهَلْ إذَا تَحَدَّثَ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَالشَّرْعِ الَّذِي يَذْكُرُهُ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ مِنْ النَّظَرِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى حَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يُثْبِتُ عَدَالَتَهُ عِنْدَهُ إذَا سَمِعَ أَنَّهُ يَتَحَدَّثُ فِي شَرْعِ الْبُنْدُقِ الَّذِي لَا يَشْرَعُهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ أَنْ يَعْزِلَهُ مِنْ النَّظَرِ أَمْ لَا ؟ .
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ; لَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا الْكُفَّارِ وَلَا الْفِتْيَانِ وَلَا رُمَاةِ الْبُنْدُقِ وَلَا الْجَيْشِ وَلَا الْفُقَرَاءِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ : إلَّا بِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَمَنْ ابْتَغَى غَيْرَ ذَلِكَ تَنَاوَلَهُ قَوْله تَعَالَى { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } وقَوْله تَعَالَى { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُحَكِّمُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي كُلِّ مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ وَمَنْ حَكَمَ بِحُكْمِ الْبُنْدُقِ وَشَرْعِ الْبُنْدُقِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُخَالِفُ شَرْعَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَحُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ : فَهُوَ مِنْ جِنْسِ التَّتَارِ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ حُكْمَ " الياسق " عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَقَدْ قَدَحَ فِي عَدَالَتِهِ وَدِينِهِ وَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ النَّظَرِ فِي الْوَقْفِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .