القائمة
الرئيسية
عن الشيخ
تعريف بالشيخ
منهج الشيخ
أقوال العلماء
تلامذة الشيخ
مناظرات الشيخ
تعريف بالشيخ
منهج الشيخ
المــــراجــــــــع
تصنيــف المـراجــــــع
ترتيــب المراجع زمنيـاً
ترتيب المراجع أبجدياً
البحث المتقدم
البـحـث النـصــــي
البـحــث الفقهــي
الرئيسية
>
مَجْمُوعُ فتاوى ابْنِ تيمية
>
الْعَقِيدَة
>
كِتَابُ الْإِيمَانِ
>
كِتَابُ الْإِيمَانِ الْكَبِيرِ
>
فَصْلٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ اللَّهَ سَمَّى الصَّلَاةَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ إيمَانًا
مسألة تالية
مسألة سابقة
تنسيق الخط:
16px
17px
18px
19px
20px
21px
22px
23px
24px
25px
26px
27px
28px
29px
30px
31px
32px
Adobe Arabic
Andalus
Arial
Simplified Arabic
Traditional Arabic
Tahoma
Times New Roman
Verdana
MS Sans Serif
(إخفاء التشكيل)
التحليل الفقهي
الأدلة
: الآيات | الأحاديث | الإجماع | آثار الصحابة | آثار التابعين | القياس | المعقول
الأعلام
: أعلام الرجال | أعلام الأماكن | الأنبياء | الفقهاء | الجماعات
التحليل الموضوعي
الْعَمَلَ دَاخِلٌ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ؟
الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ
لِلْإِيمَانِ أَصْلٌ وَفَرْعٌ وَضِدُّ الْإِيمَانِ الْكُفْرُ فِي كُلِّ مَعْنًى
أَصْلُ الْإِيمَانِ
متن:
فَصْلٌ . قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ
: وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ بِالْآيَاتِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا عِنْدَ ذِكْرِ تَسْمِيَةِ اللَّهِ الصَّلَاةَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ إيمَانًا وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا قَصَّ اللَّهُ مِنْ إبَاءِ إبْلِيسَ حِينَ عَصَى رَبَّهُ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ أُمِرَ أَنْ يَسْجُدَهَا
لِآدَمَ
فَأَبَاهَا . فَهَلْ جَحَدَ إبْلِيسُ رَبَّهُ وَهُوَ يَقُولُ : {
رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي
} وَيَقُولُ : {
رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
} إيمَانًا مِنْهُ بِالْبَعْثِ وَإِيمَانًا بِنَفَاذِ قُدْرَتِهِ فِي إنْظَارِهِ إيَّاهُ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ وَهَلْ جَحَدَ أَحَدًا مِنْ أَنْبِيَائِهِ أَوْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ سُلْطَانِهِ وَهُوَ يَحْلِفُ بِعِزَّتِهِ ؟ وَهَلْ كَانَ كُفْرُهُ إلَّا بِتَرْكِ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ أُمِرَ بِهَا فَأَبَاهَا ؟ قَالَ : وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ نَبَأِ ابْنَيْ
آدَمَ
{
إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ
} إلَى قَوْلِهِ : {
فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ
} قَالُوا : وَهَلْ جَحَدَ رَبَّهُ ؟ وَكَيْفَ يَجْحَدُهُ وَهُوَ يُقَرِّبُ الْقُرْبَانَ ؟ . قَالُوا : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
} وَلَمْ يَقُلْ : إذَا ذُكِّرُوا بِهَا أَقَرُّوا بِهَا فَقَطْ . وَقَالَ : {
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ
} يَعْنِي يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ مَعَ مَا ذَكَرْت مِنْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ تُبَيِّنُ أَنَّ
الْعَمَلَ دَاخِلٌ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ؟
قِيلَ : نَعَمْ عَامَّةُ السُّنَنِ وَالْآثَارِ تَنْطِقُ بِذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ
وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ
; وَذَكَرَ حَدِيثَ
شُعْبَةَ
وَقُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ
عَنْ
أَبِي جَمْرَةَ
عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ
كَمَا تَقَدَّمَ وَلَفْظُهُ {
آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ
} ثُمَّ قَالَ : {
هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا
رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ
} وَذَكَرَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً تُوجِبُ دُخُولَ الْأَعْمَالِ فِي الْإِيمَانِ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ لَمَّا سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ
: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ
} فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : إنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إزَالَةَ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يُزِيلَ عَنْهُ اسْمَهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَقَالُوا : إذَا زَنَى فَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَاحْتَجُّوا لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ . بِقَوْلِهِ : {
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا
} الْآيَةُ فَقَالُوا : الْإِيمَانُ خَاصٌّ يُثْبِتُ الِاسْمَ بِهِ بِالْعَمَلِ مَعَ التَّوْحِيدِ وَالْإِسْلَامُ عَامٌّ يُثْبِتُ الِاسْمَ بِالتَّوْحِيدِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
وَذَكَرَهُ عَنْ {
سَعْدٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رِجَالًا وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا . فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَيْت فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَمْ تُعْطِ فُلَانًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو مُسْلِمٌ أَعَادَهَا ثَلَاثًا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أو مُسْلِمٌ ثُمَّ قَالَ : إنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا وَأَمْنَعُ آخَرِينَ وَهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُمْ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ
}
قَالَ
الزُّهْرِيُّ
: فَنَرَى أَنَّ
الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ
. قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ
: وَاحْتَجُّوا
بِإِنْكَارِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
عَلَى مَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِالْإِيمَانِ فَقَالَ : أَنَا مُؤْمِنٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ
وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَجُلُّ
عُلَمَاءِ
الْكُوفَةِ
عَلَى ذَلِكَ . وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ
: {
يَخْرُجُ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَإِنْ رَجَعَ رَجَعَ إلَيْهِ
} وَبِمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَارِ وَبِمَا رُوِيَ عَنْ
الْحَسَنِ
وَمُحَمَّدِ بْنِ سيرين
أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : مُسْلِمٌ وَيَهَابَانِ : مُؤْمِنٌ ; وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ
أَبِي جَعْفَرٍ
الَّذِي حَدَّثَنَاهُ
إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ
أَنْبَأَنَا
وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ
فضيل بْنِ بَشَّارٍ
عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ
} فَقَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ
: هَذَا الْإِسْلَامُ وَدَوَّرَ دَارَةً وَاسِعَةً وَهَذَا الْإِيمَانُ وَدَوَّرَ دَارَةً صَغِيرَةً فِي وَسَطِ الْكَبِيرَةِ فَإِذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ خَرَجَ مِنْ الْإِيمَانِ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ إلَّا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ
. وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ
عَمْرُو بْنُ العاص
} حَدَّثَنَا بِذَلِكَ
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
حَدَّثَنَا
ابْنُ لَهِيعَةَ
عَنْ
شريح بْنِ هَانِئٍ
عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
الجهني
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ
عَمْرُو بْنُ العاص
} . وَذَكَرَ عَنْ
حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ
أَنَّهُ كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فَجَعَلَ الْإِيمَانَ خَاصًّا وَالْإِسْلَامَ عَامًّا
. قَالَ : فَلَنَا فِي هَؤُلَاءِ أُسْوَةٌ وَبِهِمْ قُدْوَةٌ مَعَ مَا يَثْبُتُ ذَلِكَ مِنْ النَّظَرِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ اسْمَ الْمُؤْمِنِ اسْمَ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ وَمِدْحَةٍ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ : {
وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
} {
تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا
} وَقَالَ : {
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا
} وَقَالَ : {
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ
} وَقَالَ : {
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
} وَقَالَ : {
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ
} وَقَالَ : {
وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
} . قَالَ : ثُمَّ أَوْجَبَ اللَّهُ النَّارَ عَلَى الْكَبَائِرِ فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْإِيمَانِ زَائِلٌ عَمَّنْ أَتَى كَبِيرَةً . قَالُوا : وَلَمْ نَجِدْهُ أَوْجَبَ الْجَنَّةَ بِاسْمِ الْإِسْلَامِ فَثَبَتَ أَنَّ اسْمَ الْإِسْلَامِ لَهُ ثَابِتٌ عَلَى حَالِهِ وَاسْمَ الْإِيمَانِ زَائِلٌ عَنْهُ . فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا : لَيْسَ الْإِيمَانُ ضِدُّ الْكُفْرِ قَالُوا : الْكُفْرُ ضِدٌّ لِأَصْلِ الْإِيمَانِ
لِأَنَّ لِلْإِيمَانِ أَصْلًا وَفُرُوعًا فَلَا يَثْبُتُ الْكُفْرُ حَتَّى يَزُولَ أَصْلُ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكُفْرِ
فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ ; فَاَلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزَالَ عَنْهُمْ اسْمَ الْإِيمَانِ هَلْ فِيهِمْ مِنْ الْإِيمَانِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ أَصْلُهُ ثَابِتٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَفَرُوا . أَلَمْ تَسْمَعْ إلَى
ابْنِ مَسْعُودٍ
أُنْكِرَ عَلَى الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ثُمَّ قَالَ : لَكِنَّا نُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ يُخْبِرُك أَنَّهُ قَدْ آمَنَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ صَدَقَ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الْمُؤْمِنِ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ
لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ هَذَا الِاسْمَ عِنْدَهُ إلَّا مَنْ أَدَّى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَانْتَهَى عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُوجِبَاتِ لِلنَّارِ الَّتِي هِيَ الْكَبَائِرُ
. قَالُوا : فَلَمَّا أَبَانَ اللَّهُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَسْتَحِقُّهُ مَنْ قَدْ اسْتَحَقَّ الْجَنَّةَ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ الْجَنَّةَ عَلَيْهِ . وَعَلِمْنَا أَنَّا قَدْ آمَنَّا وَصَدَّقْنَا ; لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ التَّصْدِيقِ إلَّا بِالتَّكْذِيبِ ; وَلَسْنَا بِشَاكِّينَ وَلَا مُكَذِّبِينَ ; وَعَلِمْنَا أَنَّا عَاصُونَ لَهُ مُسْتَوْجِبُونَ لِلْعَذَابِ وَهُوَ ضِدُّ الثَّوَابِ الَّذِي حَكَمَ اللَّهُ بِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى اسْمِ الْإِيمَانِ ; عَلِمْنَا أَنَّا قَدْ آمَنَّا وَأَمْسَكْنَا عَنْ الِاسْمِ الَّذِي أَثْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ مِنْ اللَّهِ اسْمُ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ وَقَدْ نَهَانَا اللَّهُ أَنْ نُزَكِّيَ أَنْفُسَنَا وَأَمَرَنَا بِالْخَوْفِ عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَوْجَبَ لَنَا الْعَذَابَ بِعِصْيَانِنَا فَعَلِمْنَا أَنَّا لَسْنَا بِمُسْتَحِقِّينَ بِأَنْ نَتَسَمَّى مُؤْمِنِينَ إذْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى اسْمِ الْإِيمَانِ الثَّنَاءَ وَالتَّزْكِيَةَ وَالرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالْجَنَّةَ ; وَأَوْجَبَ عَلَى الْكَبَائِرِ النَّارَ وَهَذَانِ حُكْمَانِ مُتَضَادَّانِ . فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ أَمْسَكْتُمْ عَنْ اسْمِ الْإِيمَانِ أَنْ تُسَمُّوا بِهِ وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِأَنَّ اللَّهَ حَقٌّ وَمَا قَالَهُ صِدْقٌ ؟ قَالُوا : إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاهِيرَ الْمُسْلِمِينَ سَمَّوْا الْأَشْيَاءَ بِمَا غَلَبَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ فَسَمَّوْا الزَّانِيَ فَاسِقًا وَالْقَاذِفَ فَاسِقًا وَشَارِبَ الْخَمْرِ فَاسِقًا وَلَمْ يُسَمُّوا وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ مُتَّقِيًا وَلَا وَرِعًا ;
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ فِيهِ أَصْلَ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ
وَذَلِكَ أَنَّهُ يَتَّقِي أَنْ يَكْفُرَ أَوْ يُشْرِكَ بِاَللَّهِ شَيْئًا . وَكَذَلِكَ يَتَّقِي اللَّهَ أَنْ يَتْرُكَ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْ الصَّلَاةِ وَيَتَّقِي أَنْ يَأْتِيَ أُمَّهُ فَهُوَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُتَّقٍ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ أَنَّهُمْ لَا يُسَمُّونَهُ مُتَّقِيًا وَلَا وَرِعًا إذَا كَانَ يَأْتِي بِالْفُجُورِ
فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ أَصْلَ التُّقَى وَالْوَرَعَ ثَابِتٌ فِيهِ وَأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ فِيهِ فَرْعًا بَعْدَ الْأَصْلِ كَتَوَرُّعِهِ عَنْ إتْيَانِ الْمَحَارِمِ ثُمَّ لَا يُسَمُّونَهُ مُتَّقِيًا وَلَا وَرِعًا مَعَ إتْيَانِهِ بَعْضَ الْكَبَائِرِ بَلْ سَمَّوْهُ فَاسِقًا وَفَاجِرًا مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بِبَعْضِ التُّقَى وَالْوَرَعِ فَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اسْمَ التُّقَى اسْمُ ثَنَاءٍ وَتَزْكِيَةٍ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْمَغْفِرَةَ وَالْجَنَّةَ . قَالُوا : فَلِذَلِكَ لَا نُسَمِّيه مُؤْمِنًا وَنُسَمِّيه فَاسِقًا زَانِيًا . وَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَصْلُ اسْمِ الْإِيمَانِ
لِأَنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ أَثْنَى اللَّهُ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَزَكَّاهُمْ بِهِ
وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا : مُسْلِمٌ وَلَمْ نَقُلْ : مُؤْمِنٌ قَالُوا : وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُوَحِّدِينَ يَسْتَحِقُّ أَلَّا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ إيمَانٌ وَلَا إسْلَامٌ لَكَانَ أَحَقُّ النَّاسِ بِذَلِكَ أَهْلَ النَّارِ الَّذِينَ دَخَلُوهَا فَلَمَّا وَجَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : {
أَخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ
} ثَبَتَ أَنَّ شَرَّ الْمُسْلِمِينَ فِي قَلْبِهِ إيمَانٌ وَلَمَّا وَجَدْنَا الْأُمَّةَ تَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُكَفِّرُونَهُمْ وَلَا يَشْهَدُونَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ : ثَبَتَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ
إذْ أَجْمَعُوا أَنْ يُمْضُوا عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ
وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يُسَمَّوْا مُؤْمِنِينَ إذْ كَانَ الْإِسْلَامُ يُثْبِتُ لِلْمِلَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ بِهَا الْإِنْسَانُ مِنْ جَمِيعِ الْمِلَلِ فَتَزُولُ عَنْهُ أَسْمَاءُ الْمِلَلِ إلَّا اسْمُ الْإِسْلَامِ وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ وَتَزُولُ عَنْهُ أَحْكَامُ جَمِيعِ الْمِلَلِ . فَإِنْ قَالَ لَهُمْ قَائِلٌ : لِمَ لَمْ تَقُولُوا : كَافِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تُرِيدُونَ بِهِ كَمَالَ الْكُفْرِ كَمَا قُلْتُمْ : مُؤْمِنُونَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تُرِيدُونَ بِهِ كَمَالَ الْإِيمَانِ ؟ قَالُوا :
لِأَنَّ الْكَافِرَ مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ
وَالْمُؤْمِنَ أَصْلُ إيمَانِهِ الْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ لَا أَوَّلَ لَهُ وَلَا آخِرَ فَتُنْتَظَرُ بِهِ الْحَقَائِقُ وَالْإِيمَانُ أَصْلُهُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ يُنْتَظَرُ بِهِ حَقَائِقُ الْأَدَاءِ لِمَا أَقَرَّ وَالتَّحْقِيقُ لِمَا صَدَقَ ;
وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا حَقٌّ لِرَجُلِ فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ فَقَالَ : لَيْسَ لَك عِنْدِي حَقٌّ فَأَنْكَرَ وَجَحَدَ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَنْزِلَةٌ يُحَقِّقُ بِهَا مَا قَالَ إذَا جَحَدَ وَأَنْكَرَ وَسَأَلَ الْآخَرُ حَقَّهُ فَقَالَ : نَعَمْ لَك عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا فَلَيْسَ إقْرَارُهُ بِاَلَّذِي يَصِلُ إلَيْهِ بِذَلِكَ حَقُّهُ دُونَ أَنْ يُوَفِّيَهُ ; فَهُوَ مُنْتَظِرٌ لَهُ أَنْ يُحَقِّقَ مَا قَالَ بِالْأَدَاءِ وَيُصَدِّقَ إقْرَارَهُ بِالْوَفَاءِ وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ لَمْ يُؤَدِّ إلَيْهِ حَقَّهُ كَانَ كَمَنْ جَحَدَهُ فِي الْمَعْنَى إذْ اسْتَوَيَا فِي التَّرْكِ لِلْأَدَاءِ
فَتَحْقِيقُ مَا قَالَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ حَقَّهُ ; فَإِنْ أَدَّى جُزْءًا مِنْهُ حَقَّقَ بَعْضَ مَا قَالَ وَوَفَى بِبَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ . وَكُلَّمَا أَدَّى جُزْءًا ازْدَادَ تَحْقِيقًا لِمَا أَقَرَّ بِهِ . وَعَلَى الْمُؤْمِنِ الْأَدَاءُ أَبَدًا بِمَا أَقَرَّ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ . فَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا : مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ نَقُلْ : كَافِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ . قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ
: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِمِثْلِ مَقَالَةِ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنَّهُمْ سَمَّوْهُ مُسْلِمًا لِخُرُوجِهِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ وَلِإِقْرَارِهِ بِاَللَّهِ وَبِمَا قَالَ وَلَمْ يُسَمُّوهُ مُؤْمِنًا . وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ مَعَ تَسْمِيَتِهِمْ إيَّاهُ بِالْإِسْلَامِ كَافِرٌ ; لَا كَافِرٌ بِاَللَّهِ ; وَلَكِنْ كَافِرٌ مِنْ طَرِيقِ الْعَمَلِ . وَقَالُوا : كُفْرٌ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ ; وَقَالُوا : مُحَالٌ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ
} وَالْكُفْرُ ضِدُّ الْإِيمَانِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ إلَّا وَاسْمُ الْكُفْرِ لَازِمٌ لَهُ
لِأَنَّ الْكُفْرَ ضِدُّ الْإِيمَانِ
إلَّا أَنَّ الْكُفْرَ كُفْرَانِ : كُفْرٌ هُوَ جَحْدٌ بِاَللَّهِ وَبِمَا قَالَ فَذَاكَ ضِدُّهُ الْإِقْرَارُ بِاَللَّهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ وَبِمَا قَالَ وَكُفْرٌ هُوَ عَمَلٌ فَهُوَ ضِدُّ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ أَلَا تَرَى إلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ
} قَالُوا : فَإِذَا لَمْ يُؤْمِنْ فَقَدْ كَفَرَ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ كَفَرَ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ إذْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَا يُضَيِّعُ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ وَيَرْتَكِبُ الْكَبَائِرَ إلَّا مِنْ قِلَّةِ خَوْفِهِ وَإِنَّمَا يَقِلُّ خَوْفُهُ مِنْ قِلَّةِ تَعْظِيمِهِ لِلَّهِ وَوَعِيدِهِ فَقَدْ تَرَكَ مِنْ الْإِيمَانِ التَّعْظِيمَ الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ الْخَوْفُ وَالْوَرَعُ فَأَقْسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَوَائِقَهُ . ثُمَّ قَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ
} وَأَنَّهُ قَالَ : {
إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ فَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَاءَ بِالْكُفْرِ
} . فَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِ أَخَاهُ كَافِرًا وَبِقَوْلِهِ لَهُ : يَا كَافِرُ كَافِرًا ; وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ دُونَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ . قَالُوا : فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ احْتَجَّ عَلَيْنَا فَزَعَمَ أَنَّا إذَا سَمَّيْنَاهُ كَافِرًا لَزِمَنَا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ فَنَسْتَتِيبَهُ وَنُبْطِلَ الْحُدُودَ عَنْهُ ;
لِأَنَّهُ إذَا كَفَرَ فَقَدْ زَالَتْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ وَحُدُودُهُمْ وَفِي ذَلِكَ إسْقَاطُ الْحُدُودِ وَأَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً
فَإِنَّا لَمْ نَذْهَبْ فِي ذَلِكَ إلَى حَيْثُ ذَهَبُوا وَلَكِنَّا نَقُولُ :
لِلْإِيمَانِ أَصْلٌ وَفَرْعٌ وَضِدُّ الْإِيمَانِ الْكُفْرُ فِي كُلِّ مَعْنًى
فَأَصْلُ الْإِيمَانِ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ وَفَرْعُهُ إكْمَالُ الْعَمَلِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ فَضِدُّ الْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ
أَصْلُ الْإِيمَانِ
: الْكُفْرُ بِاَللَّهِ وَبِمَا قَالَ وَتَرَكَ التَّصْدِيقَ بِهِ وَلَهُ وَضِدُّ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ وَلَيْسَ هُوَ إقْرَارُ كُفْرٍ لَيْسَ بِكُفْرِ بِاَللَّهِ يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ ; وَلَكِنْ كُفْرُ تَضْيِيعِ الْعَمَلِ كَمَا كَانَ الْعَمَلُ إيمَانًا وَلَيْسَ هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ إقْرَارٌ بِاَللَّهِ فَلَمَّا كَانَ مِنْ تَرْكِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ إقْرَارٌ بِاَللَّهِ كَافِرًا يُسْتَتَابُ وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ مِثْلُ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَوْ تَرْكِ الْوَرِعِ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا قَدْ زَالَ عَنْهُ بَعْضُ الْإِيمَانِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ
وَأَهْلِ الْبِدَعِ مِمَّنْ قَالَ : إنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ إلَّا
الْخَوَارِجُ
وَحْدَهَا فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ بِقَوْلِنَا : كَافِرٌ مِنْ جِهَةِ تَضْيِيعِ الْعَمَلِ أَنْ يُسْتَتَابَ وَلَا تَزُولُ عَنْهُ الْحُدُودُ كَمَا لَمْ يَكُنْ بِزَوَالِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلُ اسْتِتَابَةٍ وَلَا إزَالَةِ الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ عَنْهُ إذْ لَمْ يَزَلْ أَصْلُ الْإِيمَانِ عَنْهُ فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْنَا اسْتِتَابَتُهُ وَإِزَالَةُ الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ عَنْهُ بِإِثْبَاتِنَا لَهُ اسْمَ الْكُفْرِ مِنْ قِبَلِ الْعَمَلِ إذْ لَمْ يَأْتِ بِأَصْلِ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ جَحْدٌ بِاَللَّهِ أَوْ بِمَا قَالَ . قَالُوا : وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِاَللَّهِ إيمَانًا وَالْجَهْلُ بِهِ كُفْرًا وَكَانَ الْعَمَلُ بِالْفَرَائِضِ إيمَانًا وَالْجَهْلُ بِهَا قَبْلَ نُزُولِهَا لَيْسَ بِكُفْرِ لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقَرُّوا بِاَللَّهِ أَوَّلَ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرَائِضَ الَّتِي اُفْتُرِضَتْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ جَهْلُهُمْ بِذَلِكَ كُفْرًا ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْفَرَائِضَ فَكَانَ إقْرَارُهُمْ بِهَا وَالْقِيَامُ بِهَا إيمَانًا وَإِنَّمَا يَكْفُرُ مَنْ جَحَدَهَا لِتَكْذِيبِهِ خَبَرَ اللَّهِ ; وَلَوْ لَمْ يَأْتِ خَبَرٌ مِنْ اللَّهِ مَا كَانَ بِجَهْلِهَا كَافِرًا وَبَعْدَ مَجِيءِ الْخَبَرِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْخَبَرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ بِجَهْلِهَا كَافِرًا .