تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ أَيُّمَا أَوْلَى مُعَالَجَةُ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ مِنْ قَلْبِك مِثْلُ . الْحَسَدِ وَالْحِقْدِ وَالْغِلِّ وَالْكِبْرِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَرُؤْيَةِ الْأَعْمَالِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ . وَغَيْرِ ذَلِكَ . مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْقَلْبِ مِنْ دَرَنِهِ وَخُبْثِهِ ؟ أَوْ الِاشْتِغَالُ بِالْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ : مِنْ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَأَنْوَاعِ الْقُرُبَاتِ : مَنْ النَّوَافِلِ وَالْمَنْذُورَاتِ مَعَ وُجُودِ تِلْكَ الْأُمُورِ فِي قَلْبِهِ ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ .
1
فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ - مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ : وَأَنَّ لِلْأَوْجَبِ فَضْلًا وَزِيَادَةً . كَمَا قَالَ تَعَالَى فِيمَا يَرْوِيه عَنْهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ } . ثُمَّ قَالَ { وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ } وَالْأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ لَا تَكُونُ صَالِحَةً مَقْبُولَةً إلَّا بِتَوَسُّطِ عَمَلِ الْقَلْبِ فَإِنَّ الْقَلْبَ مَلِكٌ وَالْأَعْضَاءُ جُنُودُهُ . فَإِذَا خَبُثَ الْمَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ ; وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ } وَكَذَلِكَ أَعْمَالُ الْقَلْبِ لَا بُدَّ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي عَمَلِ الْجَسَدِ وَإِذَا كَانَ الْمُقَدَّمُ هُوَ الْأَوْجَبُ [ سَوَاءٌ ] سُمِّيَ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فَقَدْ يَكُونُ مَا يُسَمَّى بَاطِنًا أَوَجَبَ مِثْلُ تَرْكِ الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ فَإِنَّهُ أَوَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ نَوَافِلِ الصِّيَامِ وَقَدْ يَكُونُ مِمَّا سُمِّيَ ظَاهِرًا أَفْضَلَ : مِثْلُ قِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ تَرْكِ بَعْضِ الْخَوَاطِرِ الَّتِي تَخْطُرُ فِي الْقَلْبِ مِنْ جِنْسِ الْغِبْطَةِ وَنَحْوِهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَمَلِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ يُعِينُ الْآخَرَ وَالصَّلَاةُ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَتُورِثُ الْخُشُوعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْآثَارِ الْعَظِيمَةِ : هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَالصَّدَقَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .