تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَنَاصِرُ السُّنَّةِ فَرِيدُ الْوَقْتِ وَبَحْرُ الْعُلُومِ بَقِيَّةُ الْمُجْتَهِدِينَ وَحُجَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَاجُ الْعَارِفِينَ وَقُدْوَةُ الْمُحَقِّقِينَ رِحْلَةُ الطَّالِبِينَ وَنُخْبَةُ الرَّاسِخِينَ إمَامُ الزَّاهِدِينَ وَمَنَالُ الْمُجْتَهِدِينَ الْإِمَامُ الْحُجَّةُ النُّورَانِيُّ وَالْعَالِمُ الْمُجْتَهِدُ الرَّبَّانِيُّ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنِ تيمية الحراني أَدَامَ اللَّهُ عُلُوَّ قَدْرِهِ فِي الدَّارَيْنِ وَجَعَلَهُ يَتَسَنَّمُ ذُرْوَةَ الْكَمَالِ مَسْرُورَ الْقَلْبِ قَرِيرَ الْعَيْنِ عَنْ " الْمُرْشِدَةِ " كَيْفَ كَانَ أَصْلُهَا وَتَأْلِيفُهَا ؟ وَهَلْ تَجُوزُ قِرَاءَتُهَا أَمْ لَا ؟
1
فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَائِلًا : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَصْلُ هَذِهِ : أَنَّهُ وَضَعَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ التومرت الَّذِي تَلَقَّبَ بِالْمَهْدِيِّ وَكَانَ قَدْ ظَهَرَ فِي الْمَغْرِبِ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ إلَى بِلَادِ الْعِرَاقِ وَتَعَلَّمَ طَرَفًا مِنْ الْعِلْمِ وَكَانَ فِيهِ طَرَفٌ مِنْ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ . وَلَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَغْرِبِ صَعِدَ إلَى جِبَالِ الْمَغْرِبِ ; إلَى قَوْمٍ مِنْ الْبَرْبَرِ . وَغَيْرُهُمْ : جُهَّالٍ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَّمَهُمْ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَجَازَ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ أَنْوَاعًا مِنْ المخاريق لِيَدْعُوَهُمْ بِهَا إلَى الدِّينِ فَصَارَ يَجِيءُ إلَى الْمَقَابِرِ يَدْفِنُ بِهَا أَقْوَامًا وَيُوَاطِئُهُمْ عَلَى أَنْ يُكَلِّمُوهُ إذَا دَعَاهُمْ وَيَشْهَدُوا لَهُ بِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ مِثْلَ أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمَهُ وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِيهِ . وَأَنَّهُ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا . وَأَنَّ مَنْ اتَّبَعَهُ أَفْلَحَ وَمَنْ خَالَفَهُ خَسِرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ . فَإِذَا اعْتَقَدَ أُولَئِكَ الْبَرْبَرُ أَنَّ الْمَوْتَى يُكَلِّمُونَهُ وَيَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ عَظُمَ اعْتِقَادُهُمْ فِيهِ وَطَاعَتُهُمْ لِأَمْرِهِ . ثُمَّ إنَّ أُولَئِكَ الْمَقْبُورِينَ يَهْدِمُ عَلَيْهِمْ الْقُبُورَ لِيَمُوتُوا وَلَا يُظْهِرُوا أَمْرَهُ وَأَعْتَقِدُ أَنَّ دِمَاءَ أُولَئِكَ مُبَاحَةٌ بِدُونِ هَذَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إظْهَارُ هَذَا الْبَاطِلِ لِيَقُومَ أُولَئِكَ الْجُهَّالُ بِنَصْرِهِ وَاتِّبَاعِهِ . وَقَدْ ذَكَرَ عَنْهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَخْبَارَهُ مِنْ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ أَنْوَاعًا . وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَهُ عَنْهُ . وَمِنْ الْحِكَايَاتِ الَّتِي يَأْثُرُونَهَا عَنْهُ أَنَّهُ وَاطَأَ رَجُلًا عَلَى إظْهَارِ الْجُنُونِ وَكَانَ ذَلِكَ عَالِمًا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ فَظَهَرَ بِصُورَةِ الْجُنُونِ وَالنَّاسُ لَا يَعْرِفُونَهُ إلَّا مَجْنُونًا . ثُمَّ أَصْبَحَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عَاقِلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَزَعَمَ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْمَنَامِ وَعُوفِيَ مِمَّا كَانَ بِهِ وَرُبَّمَا قِيلَ : إنَّهُ ذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ ذَلِكَ فَصَارُوا يُحْسِنُونَ الظَّنَّ بِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنَّهُ كَانَ لَهُمْ يَوْمٌ يُسَمُّونَهُ يَوْمَ الْفُرْقَانِ فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ بِزَعْمِهِ فَصَارَ كُلُّ مَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَعَصَمُوا دَمَهُ وَمَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَاسْتَحَلُّوا دَمَهُ وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ أُلُوفِ مُؤَلَّفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ : كَالصَّحِيحَيْنِ وَالْمُوَطَّأِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْفِقْهَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إظْهَارُ الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ . وَاسْتَحَلَّ أَيْضًا أَمْوَالَهُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِهَذَا التَّأْوِيلِ وَنَحْوِهِ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَتْ تَسْتَحِلُّهُ الجهمية الْمُعَطِّلَةُ - كَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَسَائِرِ نفاة الصِّفَاتِ - مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَمَّا امْتَحَنُوا النَّاسَ فِي " خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ وَأَظْهَرُوا الْقَوْلَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ وَنَفَوْا أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ عِلْمٌ أَوْ قُدْرَةٌ أَوْ كَلَامٌ أَوْ مَشِيئَةٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِذَاتِهِ . وَصَارَ كُلُّ مَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى هَذَا التَّعْطِيلِ عَصَمُوا دَمَهُ وَمَالَهُ وَوَلَّوْهُ الْوِلَايَاتِ وَأَعْطَوْهُ الرِّزْقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقَبِلُوا شَهَادَتَهُ وَافْتَدَوْهُ مِنْ الْأَسْرِ وَمَنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ بِدَعِهِمْ قَتَلُوهُ أَوْ حَبَسُوهُ أَوْ ضَرَبُوهُ أَوْ مَنَعُوهُ الْعَطَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يُوَلُّوهُ وِلَايَةً وَلَمْ يَقْبَلُوا لَهُ شَهَادَةً وَلَمْ يَفْدُوهُ مِنْ الْكُفَّارِ . يَقُولُونَ : هَذَا مُشَبِّهٌ ; هَذَا مُجَسِّمٌ لِقَوْلِهِ : إنَّ اللَّهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَنَحْوَ ذَلِكَ . فَدَامَتْ هَذِهِ الْمِحْنَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ وَخِلَافَةِ أَخِيهِ الْمُعْتَصِمِ وَالْوَاثِقِ بْنِ الْمُعْتَصِمِ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَشَفَ الْغُمَّةَ عَنْ الْأُمَّةِ فِي وِلَايَةِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ عَامَّةَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دُونَ ذُرِّيَّةِ الَّذِينَ أَقَامُوا الْمِحْنَةَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ . فَأَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ بِرَفْعِ الْمِحْنَةِ وَإِظْهَارِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنْ يُرْوَى مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ الْإِثْبَاتِ النَّافِي لِلتَّعْطِيلِ . وَكَانَ أُولَئِكَ الجهمية الْمُعَطِّلَةُ قَدْ بَلَغَ مِنْ تَبْدِيلِهِمْ لِلدِّينِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ عَلَى سُتُورِ الْكَعْبَةِ : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَلَا يَقُولُونَ : وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَمْتَحِنُونَ النَّاسَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } فَإِذَا قَالُوا وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ وَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ . فَلَا يَنْفُونَ عَنْ اللَّهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ بَلْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ فَكَمَا أَنَّ ذَاتَه لَا تُشْبِهُ الذَّوَاتِ فَصِفَاتُهُ لَا تُشْبِهُ الصِّفَاتِ . وَاَللَّهُ تَعَالَى بَعَثَ الرُّسُلَ فَوَصَفُوهُ بِإِثْبَاتِ مُفَصَّلٍ وَنَفْيٍ مُجْمَلٍ . وَأَعْدَاءُ الرُّسُلِ : الجهمية الْفَلَاسِفَةُ وَنَحْوُهُمْ وَصَفُوهُ بِنَفْيٍ مُفَصَّلٍ وَإِثْبَاتٍ مُجْمَلٍ . فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ بِأَنَّهُ : بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّهُ حَيٌّ قَيُّومٌ وَأَنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَأَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ . وَأَنَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالصَّابِرِينَ وَأَنَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَأَنَّهُ رَضِيَ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَنَّهُ يَغْضَبُ عَلَى الْكُفَّارِ وَيَلْعَنُهُمْ وَأَنَّهُ إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ . وَأَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ مِنْ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . كَمَا قَالَ : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } وَرُوحُ الْقُدُسِ هُوَ جِبْرِيلُ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } وَقَالَ تَعَالَى : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ } { عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ } { إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } وَقَالَ تَعَالَى : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ صهيب عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ ينجزكموه ; فَيَقُولُونَ : مَا هُوَ ؟ أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُجِرْنَا مِنْ النَّارِ قَالَ : فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ فَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَمَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ ; وَهِيَ الزِّيَادَةُ } وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ } وَ { إنَّ النَّاسَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ; هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : هَلْ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لَا قَالَ : فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ ؟ قَالُوا : لَا . قَالَ : فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ . كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ } فَشَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَةَ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يُشَبِّهْ الْمَرْئِيَّ بِالْمَرْئِيِّ ; فَإِنَّ الْعِبَادَ لَا يُحِيطُونَ بِاَللَّهِ عِلْمًا ; وَلَا تُدْرِكُهُ أَبْصَارُهُمْ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ } . وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : مِنْ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ إنَّ " الْإِدْرَاكَ " هُوَ الْإِحَاطَةُ فَالْعِبَادُ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى عِيَانًا وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ . وَقَالَ تَعَالَى فِي النَّفْيِ : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } { فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا } { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } . { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } فَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ اللَّهَ لَا كُفُوَ لَهُ وَلَا نِدَّ لَهُ وَلَا مِثْلَ لَهُ وَلَا سَمِيَّ لَهُ . فَمَنْ قَالَ : إنَّ عِلْمَ اللَّهِ كَعِلْمِيِّ أَوْ قُدْرَتَهُ كَقُدْرَتِي أَوْ كَلَامَهُ مِثْلُ كَلَامِي أَوْ إرَادَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَرِضَاهُ وَغَضَبَهُ مِثْلُ إرَادَتِي وَمَحَبَّتِي وَرِضَائِي وَغَضَبِي أَوْ اسْتِوَاءَهُ عَلَى الْعَرْشِ كَاسْتِوَائِي أَوْ نُزُولَهُ كَنُزُولِي أَوْ إتْيَانَهُ كَإِتْيَانِي وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا قَدْ شَبَّهَ اللَّهَ وَمَثَّلَهُ بِخَلْقِهِ تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ وَهُوَ ضَالٌّ خَبِيثٌ مُبْطِلٌ بَلْ كَافِرٌ . وَمَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا كَلَامٌ وَلَا مَشِيئَةٌ وَلَا سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ وَلَا مَحَبَّةٌ وَلَا رِضًى وَلَا غَضَبٌ وَلَا اسْتِوَاءٌ وَلَا إتْيَانٌ وَلَا نُزُولٌ فَقَدْ عَطَّلَ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى وَأَلْحَدَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ وَهُوَ ضَالٌّ خَبِيثٌ مُبْطِلٌ بَلْ كَافِرٌ ; بَلْ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ إثْبَاتُ الصِّفَاتِ وَنَفْيُ التَّشْبِيهِ بِالْمَخْلُوقَاتِ إثْبَاتٌ بِلَا تَشْبِيهٍ وَتَنْزِيهٌ بِلَا تَعْطِيلٍ كَمَا قَالَ نَعِيمُ بْنُ حَمَّادٍ الخزاعي شَيْخُ الْبُخَارِيِّ : مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ وَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا رَسُولُهُ تَشْبِيهًا . وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مَاءً وَلَبَنًا وَخَمْرًا وَعَسَلًا وَلَحْمًا وَفَاكِهَةً وَحَرِيرًا وَذَهَبًا وَفِضَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ . وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إلَّا الْأَسْمَاءُ فَإِذَا كَانَتْ الْمَخْلُوقَاتُ فِي الْجَنَّةِ تُوَافِقُ الْمَخْلُوقَاتِ فِي الدُّنْيَا فِي الْأَسْمَاءِ وَالْحَقَائِقُ لَيْسَتْ مِثْلَ الْحَقَائِقِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْخَالِقُ مِثْلَ الْمَخْلُوقِ إذَا وَافَقَهُ فِي الِاسْمِ . وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَأَخْبَرَ عَنْ الْإِنْسَانِ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا وَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَيٌّ وَعَنْ بَعْضِ عِبَادِهِ أَنَّهُ حَيٌّ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا . وَأَخْبَرَ أَنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَأَخْبَرَ عَنْ نَبِيِّهِ أَنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا . وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ وَأَخْبَرَ عَنْ بَعْضِ عِبَادِهِ بِأَنَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا . وَسَمَّى نَفْسَهُ الْمَلِكَ وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادِهِ الْمَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا . وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَكَانَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا كَأَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ : مِثْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ عَلَى هَذَا إثْبَاتٌ بِلَا تَشْبِيهٍ وَتَنْزِيهٌ بِلَا تَعْطِيلٍ لَا يَقُولُونَ بِقَوْلِ أَهْلِ التَّعْطِيلِ نفاة الصِّفَاتِ وَلَا بِقَوْلِ أَهْلِ التَّمْثِيلِ الْمُشَبِّهَةِ لِلْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقَاتِ فَهَذِهِ طَرِيقَةُ الرُّسُلِ وَمَنْ آمَنَ بِهِمْ . وَأَمَّا الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ فَيَصِفُونَ الرَّبَّ تَعَالَى " بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ " لَيْسَ كَذَا لَيْسَ كَذَا لَيْسَ كَذَا وَلَا يَصِفُونَهُ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْإِثْبَاتِ بَلْ بِالسَّلْبِ الَّذِي يُوصَفُ بِهِ الْمَعْدُومُ فَيَبْقَى مَا ذَكَرُوهُ مُطَابِقًا لِلْمَعْدُومِ فَلَا يَبْقَى فَرْقٌ بَيْنَ مَا يُثْبِتُونَهُ وَبَيْنَ الْمَعْدُومِ وَهُمْ يَقُولُونَ : إنَّهُ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِمَعْدُومِ فَيَتَنَاقَضُونَ يُثْبِتُونَهُ مِنْ وَجْهٍ وَيَجْحَدُونَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ . وَيَقُولُونَ : إنَّهُ وُجُودٌ مُطْلَقٌ لَا يَتَمَيَّزُ بِصِفَةِ . وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْأُمُورِ الْمَوْجُودَةِ مَا هُوَ مُطْلَقٌ لَا يَتَعَيَّنُ وَلَا يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا يُقَدِّرُهُ الْمَرْءُ فِي نَفْسِهِ فَيُقَدِّرُ أَمْرًا مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ فَصَارَ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةُ الجهمية الْمُعَطِّلُونَ لَا يَجْعَلُونَ الْخَالِقَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَوْجُودًا مُبَايِنًا لِخَلْقِهِ ; بَلْ إمَّا أَنْ يَجْعَلُوهُ مُطْلَقًا فِي ذِهْنِ النَّاسِ أَوْ يَجْعَلُوهُ حَالًا فِي الْمَخْلُوقَاتِ أَوْ يَقُولُونَ هُوَ وُجُودُ الْمَخْلُوقَاتِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْمَخْلُوقَاتِ وَخَلَقَهَا فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا وَلَمْ يُدْخِلْهَا فِيهِ فَلَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا . فالجهمية الْمُعَطِّلَةُ نفاة الصِّفَاتِ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ - الَّذِينَ امْتَحَنُوا الْمُسْلِمِينَ كَمَا تَقَدَّمَ - كَانُوا عَلَى هَذَا الضَّلَالِ فَلَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَنَصَرَهُمْ . بَقِيَ هَذَا النَّفْيُ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ فَصَارُوا يُظْهِرُونَ تَارَةً مَعَ الرَّافِضَةِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَتَارَةً مَعَ الجهمية الِاتِّحَادِيَّةِ وَتَارَةً يُوَافِقُونَهُمْ عَلَى أَنَّهُ وُجُودٌ مُطْلَقٌ وَلَا يَزِيدُونَ عَلَى ذَلِكَ . وَصَاحِبُ " الْمُرْشِدَةِ " كَانَتْ هَذِهِ عَقِيدَتَهُ كَمَا قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كِتَابٍ لَهُ كَبِيرٍ شَرَحَ فِيهِ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وُجُودٌ مُطْلَقٌ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَابْنُ سَبْعِينَ وَأَمْثَالُهُمْ . وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي " مُرْشِدَتِهِ " الِاعْتِقَادَ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ : مِنْ الكلابية وَالْأَشْعَرِيَّةِ والكرامية وَغَيْرِهِمْ وَمَشَايِخِ التَّصَوُّفِ وَالزُّهْدِ وَعُلَمَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَيٌّ عَالِمٌ بِعِلْمٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلَّا بِمَا شَاءَ } وَقَالَ تَعَالَى : { لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ } . وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إلَّا بِعِلْمِهِ } . وَقَالَ تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } وَقَالَ تَعَالَى : { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } أَيْ بِقُوَّةِ . وَفِي الصَّحِيحِ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ . يَقُولُ : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ . ثُمَّ لِيَقُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك وَأَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ . اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ - وَيُسَمِّيه بِاسْمِهِ - خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ . وَاقَدْرُ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ . ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ } . وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَسَائِرُ مَنْ ذَكَرَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَى فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ . فَصَاحِبُ " الْمُرْشِدَةِ " لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ الْإِثْبَاتِ الَّذِي عَلَيْهِ طَوَائِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَلَا ذَكَرَ فِيهَا الْإِيمَانَ بِرِسَالَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَالْحَوْضِ وَشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُصُولَ كُلَّهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ . وَمِنْ عَادَاتِ عُلَمَائِهِمْ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ فِي الْعَقَائِدِ الْمُخْتَصَرَةِ بَلْ اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى مَا يُوَافِقُ أَصْلَهُ وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ اللَّهَ وُجُودٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَفَلْسِفَةِ والجهمية . وَالشِّيعَةِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ اتَّفَقَتْ طَوَائِفُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ عَلَى إبْطَالِ قَوْلِهِ وَتَضْلِيلِهِ . فَذَكَرَ فِيهَا مَا تَقُولُهُ نفاة الصِّفَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا صِفَةً وَاحِدَةً لِلَّهِ تَعَالَى ثُبُوتِيَّةً وَزَعَمَ فِي أَوَّلِهَا أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ وَقَدْ اتَّفَقَتْ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُوجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُهُ قَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَيَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهِ وَبَعْضُهُ لَمْ يَذْكُرْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فَلَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَقُولُوا مَا لَمْ يُوجِبْ اللَّهُ قَوْلَهُ عَلَيْهِمْ . وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ كَلِمَةً وَتَكُونُ حَقًّا لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ النَّاسِ أَنْ يَقُولُوهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوجِبَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَقُولُوهَا فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ الْكَلِمَةُ تَتَضَمَّنُ بَاطِلًا ؟ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّفْيِ يَتَضَمَّنُ حَقًّا وَبَاطِلًا فَالْحَقُّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَالْبَاطِلُ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ . وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابٍ كَبِيرٍ . وَذَكَرْنَا سَبَبَ تَسْمِيَتِهِ لِأَصْحَابِهِ بِالْمُوَحِّدِينَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ الْمُسْلِمُونَ ; إذْ جَمِيعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَحِّدُونَ وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ أَحَدٌ . وَ " التَّوْحِيدُ " هُوَ مَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } { اللَّهُ الصَّمَدُ } { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } وَهَذِهِ السُّورَةُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ . وَقَوْلُهُ : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } { لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } { وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ } { وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } وَقَالَ تَعَالَى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } . فنفاة الجهمية مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ سَمَّوْا نَفْيَ الصِّفَاتِ تَوْحِيدًا . فَمَنْ قَالَ إنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقِ . أَوْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ يَرَى فِي الْآخِرَةِ أَوْ قَالَ : " أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك . وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك " لَمْ يَكُنْ مُوَحِّدًا عِنْدَهُمْ ; بَلْ يُسَمُّونَهُ مُشَبِّهًا مُجَسِّمًا وَصَاحِبُ " الْمُرْشِدَةِ " لَقَّبَ أَصْحَابَهُ مُوَحِّدِينَ اتِّبَاعًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا تَوْحِيدًا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ وَأَلْحَدُوا فِي التَّوْحِيدِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ الْقُرْآنَ . وَقَالَ أَيْضًا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى : إنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْفَلَاسِفَةِ وَعَلِيُّ الأسواري وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ مَا فَعَلَ وَمَذْهَبُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . سَوَاءٌ شَاءَهُ أَوْ لَمْ يَشَأْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا } . وَقَدْ ثَبَتَ فِي { الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ } قَالَ : أَعُوذُ بِوَجْهِك { أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } قَالَ : أَعُوذُ بِوَجْهِك . { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } قَالَ : هَاتَانِ أَهْوَنُ } قَالُوا فَهُوَ يُقَدِّرُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ لَا يَشَاءُ أَنْ يَفْعَلَهُمَا بَلْ قَدْ أَجَارَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهَا أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجْتَاحَهُمْ أَوْ يُهْلِكَهُمْ بِسَنَةِ عَامَّةٍ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ } { بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ } فَاَللَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَشَاؤُهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } فَاَللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ شَاءَهُ لَفَعَلَهُ بِقُدْرَتِهِ وَهُوَ لَا يَشَاؤُهُ . وَقَدْ شَرَحْنَا مَا ذَكَرَهُ فِيهَا كَلِمَةً كَلِمَةً وَبَيَّنَّا مَا فِيهَا مِنْ صَوَابٍ وَخَطَأٍ وَلَفْظٍ مُجْمَلٍ فِي كِتَابٍ آخَرَ . فَالْعَالِمُ الَّذِي يَعْلَمُ حَقَائِقَ مَا فِيهَا وَيَعْرِفُ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَلَا حَاجَةَ لِأَحَدِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى تَعَلُّمِهَا وَقِرَاءَتِهَا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَعْدِلَ عَمَّا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا إلَى مَا أَحْدَثَهُ بَعْضُ النَّاسِ مِمَّا قَدْ يَتَضَمَّنُ خِلَافَ ذَلِكَ أَوْ يُوقِعَ النَّاسَ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَضَعَ لِلنَّاسِ عَقِيدَةً وَلَا عِبَادَةً مِنْ عِنْدِهِ ; بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ وَلَا يَبْتَدِعَ وَيَقْتَدِيَ وَلَا يَبْتَدِيَ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا . وَقَالَ لَهُ : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } وَقَالَ تَعَالَى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي دِينِهِمْ . فَيَأْخُذُ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعَ دِينِهِمْ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِلْعَقْلِ الصَّرِيحِ فَإِنَّ مَا خَالَفَ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ بَاطِلٌ وَلَكِنْ فِيهِ أَلْفَاظٌ قَدْ لَا يَفْهَمُهَا بَعْضُ النَّاسِ أَوْ يَفْهَمُونَ مِنْهَا مَعْنًى بَاطِلًا فَالْآفَةُ مِنْهُمْ لَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ . وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاَللَّهِ . عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيبُ .