وَسُئِلَ عَنْ   الْيَهُودِيِّ أَوْ  النَّصْرَانِيِّ إذَا  أَسْلَمَ . هَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ ذَنْبٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ  ؟ 
				
				
				 فَأَجَابَ : -   إذَا  أَسْلَمَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا غُفِرَ لَهُ الْكُفْرُ الَّذِي تَابَ مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ  بِلَا نِزَاعٍ  وَأَمَّا الذُّنُوبُ الَّتِي لَمْ يَتُبْ مِنْهَا مِثْلُ : أَنْ يَكُنْ مُصِرًّا  عَلَى ذَنْبٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ فَاحِشَةٍ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا بِالْإِسْلَامِ .  فَقَدْ  قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ .  وَالصَّحِيحُ :  أَنَّهُ إنَّمَا يُغْفَرُ لَهُ مَا تَابَ مِنْهُ .  كَمَا  ثَبَتَ  فِي الصحيح عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قِيلَ :   {   أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا  فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟  فَقَالَ : مَنْ  أَحْسَنَ  فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ  فِي الْجَاهِلِيَّةِ .  وَمَنْ  أَسَاءَ  فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ   }  وَ " حُسْنُ الْإِسْلَامِ " أَنْ يَلْتَزِمَ فِعْلَ مَا  أَمَرَ اللَّهُ  بِهِ وَتَرْكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ . وَهَذَا مَعْنَى التَّوْبَةِ الْعَامَّةِ فَمَنْ  أَسْلَمَ  هَذَا الْإِسْلَامَ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا .  وَهَكَذَا  كَانَ إسْلَامُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ  مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ ; وَلِهَذَا  قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فِي الْحَدِيثِ  الصَّحِيحِ  لِعَمْرِو بْنِ العاص  :   {  أَمَا عَلِمْت  أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا  كَانَ قَبْلَهُ   }  "  فَإِنَّ اللَّامَ لِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ وَالْإِسْلَامُ الْمَعْهُودُ بَيْنَهُمْ  كَانَ الْإِسْلَامَ الْحَسَنَ .  وَقَوْلُهُ : "   {   وَمَنْ  أَسَاءَ  فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ   }  " أَيْ : إذَا  أَصَرَّ  عَلَى مَا  كَانَ يَعْمَلُهُ  مِنْ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ . وَهَذَا مُوجَبُ النُّصُوصِ وَالْعَدْلِ  فَإِنَّ مَنْ تَابَ  مِنْ ذَنْبٍ غُفِرَ لَهُ  ذَلِكَ الذَّنْبُ وَلَمْ  يَجِبْ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ غَيْرُهُ .  وَالْمُسْلِمُ تَائِبٌ  مِنْ الْكُفْرِ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {   فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا  لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ  فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ  وَآتَوُا الزَّكَاةَ  فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ   }  وَقَوْلُهُ :   {   قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ  لَهُمْ مَا قَدْ  سَلَفَ   }  أَيْ إذَا انْتَهَوْا  عَمَّا نُهُوا عَنْهُ غُفِرَ  لَهُمْ مَا قَدْ  سَلَفَ . فَالِانْتِهَاءُ عَنْ الذَّنْبِ هُوَ التَّوْبَةُ مِنْهُ . مَنْ انْتَهَى عَنْ ذَنْبٍ غُفِرَ لَهُ مَا  سَلَفَ مِنْهُ .  وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ ذَنْبٍ  فَلَا يَجِبُ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مَا  سَلَفَ لِانْتِهَائِهِ عَنْ ذَنْبٍ آخَرَ . وَاَللَّهُ  أَعْلَمُ . 
							
				 
            