تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
اعْلَمْ يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ : أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافٌ فِي رَجُلٍ لَوْ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَاحِدٌ وَأَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَقٌّ وَأَقَرَّ بِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ ثُمَّ قَالَ : مَا عَقَدَ قَلْبِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا ; وَلَا أُصَدِّقُ بِهِ ; أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمِ وَلَوْ قَالَ : الْمَسِيحُ هُوَ اللَّهُ وَجَحَدَ أَمْرَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ قَالَ : لَمْ يَعْقِدْ قَلْبِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَافِرٌ بِإِظْهَارِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بِالْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ التَّصْدِيقُ مُؤْمِنًا وَلَا بِالتَّصْدِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْإِقْرَارُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ مُقِرًّا بِلِسَانِهِ . فَإِذَا كَانَ تَصْدِيقًا بِالْقَلْبِ وَإِقْرَارًا بِاللِّسَانِ كَانَ عِنْدَهُمْ مُؤْمِنًا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ مَعَ التَّصْدِيقِ عَمَلٌ فَيَكُونُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذَا اجْتَمَعَتْ مُؤْمِنًا فَلَمَّا نَفَوْا أَنْ يَكُونَ الْإِيمَانُ بِشَيْءِ وَاحِدٍ وَقَالُوا : يَكُونُ بِشَيْئَيْنِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي قَوْلِ غَيْرِهِمْ . لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا إلَّا بِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ . فَكُلُّهُمْ يَشْهَدُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ; فَقُلْنَا بِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ فَأَمَّا الطَّائِفَةُ الَّتِي ذَهَبَتْ إلَى أَنَّ الْعَمَلَ لَيْسَ مِنْ الْإِيمَانِ فَيُقَالُ لَهُمْ : مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ الْعِبَادِ إذْ قَالَ لَهُمْ : أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ أَوْ الْإِقْرَارَ وَالْعَمَلَ ؟ فَإِنْ قَالَتْ : إنَّ اللَّهَ أَرَادَ الْإِقْرَارَ وَلَمْ يُرِدْ الْعَمَلَ ; فَقَدْ كَفَرَتْ . عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ . ( ك مَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ مِنْ الْعِبَادِ أَنْ يُصَلُّوا وَلَا يُؤْتُوا الزَّكَاةَ ؟ وَإِنْ قَالَتْ : أَرَادَ مِنْهُمْ الْإِقْرَارَ قِيلَ : فَإِذَا كَانَ أَرَادَ مِنْهُمْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا لِمَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَدْ أَرَادَهُمَا جَمِيعًا ؟ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : أَعَمَلُ جَمِيعَ مَا أَمَرَ بِهِ اللَّهُ وَلَا أُقِرُّ بِهِ أَيَكُونُ مُؤْمِنًا ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا . قِيلَ لَهُمْ : فَإِنْ قَالَ : أُقِرُّ بِجَمِيعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَلَا أَعْمَلُ بِهِ ; أَيَكُونُ مُؤْمِنًا ؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ . قِيلَ مَا الْفَرْقُ ؟ فَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِهِمَا مُؤْمِنًا إذَا تَرَكَ الْآخَرَ جَازَ أَنْ يَكُونَ بِالْآخَرِ إذَا عَمِلَ بِهِ وَلَمْ يُقِرَّ مُؤْمِنًا لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ . فَإِنْ احْتَجَّ فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ فَأَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَكُونُ مُؤْمِنًا بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ عَمَلٍ ؟ قِيلَ لَهُ : إنَّمَا يُطْلَقُ لَهُ الِاسْمُ بِتَصْدِيقِهِ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : أَنْ يَعْمَلَهُ فِي وَقْتِهِ إذَا جَاءَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْإِقْرَارُ بِجَمِيعِ مَا يَكُونُ بِهِ مُؤْمِنًا ; وَلَوْ قَالَ : أُقِرُّ وَلَا أَعْمَلُ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِيمَانِ . قُلْت : يَعْنِي الْإِمَامُ أَبُو ثَوْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا إلَّا إذَا الْتَزَمَ بِالْعَمَلِ مَعَ الْإِقْرَارِ وَإِلَّا فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَلْتَزِمْ الْعَمَلَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا . وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو ثَوْرٍ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْأَمْرَيْنِ : الْإِقْرَارِ وَالْعَمَلِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الدِّينِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُطِيعًا لِلَّهِ وَلَا مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ وَلَا مَمْدُوحًا عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَجْعَلُ الْأَعْمَالَ خَارِجَةً عَنْ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ جَمِيعًا . وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ إنَّهَا مِنْ الدِّينِ وَيَقُولُ : إنَّ الْفَاسِقَ مُؤْمِنٌ حَيْثُ أَخَذَ بِبَعْضِ الدِّينِ وَهُوَ الْإِيمَانُ عِنْدَهُمْ وَتَرَكَ بَعْضَهُ ; فَهَذَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِشَيْءِ آخَرَ لَكِنْ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ عَامَّةً احْتِجَاجُهُمْ مَعَ هَذَا الصِّنْفِ وَأَحْمَد كَانَ أَوْسَعَ عِلْمًا بِالْأَقْوَالِ وَالْحُجَجِ مِنْ أَبِي ثَوْرٍ . وَلِهَذَا إنَّمَا حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الكرامية ثُمَّ إنَّهُ تَوَرَّعَ فِي النُّطْقِ عَلَى عَادَتِهِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِنَفْيِ الْخِلَافِ ; لَكِنْ قَالَ : لَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُ هَذَا وَهَذَا فِي رِسَالَتِهِ إلَى أَبِي عَبْد الرَّحِيمِ الجوزجاني ذَكَرَهَا الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ " - وَهُوَ أَجْمَعَ كِتَابٍ يُذْكَرُ فِيهِ أَقْوَالُ أَحْمَد فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ الدِّينِيَّةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَقْوَالٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِيهِ كَمَا أَنَّ كِتَابَهُ فِي الْعِلْمِ أَجْمَعَ كِتَابٍ يُذْكَرُ فِيهِ أَقْوَالُ أَحْمَد فِي الْأُصُولِ الْفِقْهِيَّةِ . قَالَ المروذي : رَأَيْت أَبَا عَبْد الرَّحِيمِ الجوزجاني عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ كَانَ ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : كَانَ أَبُوهُ مُرْجِئًا أَوْ قَالَ : صَاحِبَ رَأْيٍ . وَأَمَّا أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ فَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِنْ خُرَاسَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ الْإِيمَانِ وَذَكَرَ الرِّسَالَةَ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ وَجَوَابِ أَحْمَد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَحْسَنَ اللَّهُ إلَيْنَا وَإِلَيْك فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَسَلَّمْنَا وَإِيَّاكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ بِرَحْمَتِهِ أَتَانِي كِتَابُك تَذْكُرُ مَا تَذْكُرُ مِنْ احْتِجَاجِ مَنْ احْتَجَّ مِنْ الْمُرْجِئَةِ . وَاعْلَمْ رَحِمَك اللَّهُ أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الدِّينِ لَيْسَتْ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَنَّ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ بِلَا سُنَّةٍ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى مَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْهُ أَوْ أَثَرٍ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعْرِفُ ذَلِكَ بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ فَهُمْ شَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدُوا تَنْزِيلَهُ وَمَا قَصَّهُ اللَّهُ لَهُ فِي الْقُرْآنِ وَمَا عُنِيَ بِهِ وَمَا أَرَادَ بِهِ أَخَاصٌّ هُوَ أَمْ عَامٌّ ؟ فَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ بِلَا دَلَالَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَهَذَا تَأْوِيلُ أَهْلِ الْبِدَعِ ; لِأَنَّ الْآيَةَ قَدْ تَكُونُ خَاصَّةً وَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمًا عَامًّا وَيَكُونُ ظَاهِرُهَا عَلَى الْعُمُومِ وَإِنَّمَا قُصِدَتْ لِشَيْءِ بِعَيْنِهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ وَمَا أَرَادَ وَأَصْحَابُهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنَّا لِمُشَاهَدَتِهِمْ الْأَمْرَ وَمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ فَقَدْ تَكُونُ الْآيَةُ خَاصَّةً ; أَيْ مَعْنَاهَا مِثْلُ قَوْله تَعَالَى . { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } وَظَاهِرُهَا عَلَى الْعُمُومِ أَيْ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ ( وَلَدٍ فَلَهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ فَجَاءَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يَرِثَ مُسْلِمٌ كَافِرًا . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ بِالثَّبْتِ - إلَّا أَنَّهُ عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُوَرِّثُوا قَاتِلًا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ الْكِتَابِ أَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا قُصِدَتْ لِلْمُسْلِمِ لَا لِلْكَافِرِ وَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا لَزِمَهُ أَنْ يُورِثَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ كَافِرًا كَانَ أَوْ قَاتِلًا وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْوَارِثِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ آيِ كَثِيرٍ يَطُولُ بِهَا الْكِتَابُ وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَتْ الْأُمَّةُ السُّنَّةَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ أَصْحَابِهِ إلَّا مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجِ وَمَا يُشْبِهُهُمْ فَقَدْ رَأَيْت إلَى مَا خَرَجُوا . قُلْت : لَفْظُ الْمُجْمَلِ وَالْمُطْلَقِ وَالْعَامِّ كَانَ فِي اصْطِلَاحِ الْأَئِمَّةِ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ سَوَاءٌ لَا يُرِيدُونَ بِالْمُجْمَلِ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ بَلْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يَكْفِي وَحْدَهُ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ حَقًّا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } فَهَذِهِ الْآيَةُ ظَاهِرُهَا وَمَعْنَاهَا مَفْهُومٌ لَيْسَتْ مِمَّا لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ بِهِ ; بَلْ نَفْسُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ لَا يَكْفِي وَحْدَهُ فِي الْعَمَلِ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صَدَقَةٌ تَكُونُ مُطَهِّرَةً مُزَكِّيَةً لَهُمْ هَذَا إنَّمَا يُعْرَفُ بِبَيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد يَحْذَرُ الْمُتَكَلِّمُ فِي الْفِقْهِ هَذَيْنِ " الْأَصْلَيْنِ " : الْمُجْمَلُ وَالْقِيَاسُ . وَقَالَ : أَكْثَرُ مَا يُخْطِئُ النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ وَالْقِيَاسِ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَلَّا يَحْكُمَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَامُّ وَالْمُطْلَقُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيمَا يَخُصُّهُ وَيُقَيِّدُهُ وَلَا يَعْمَلَ بِالْقِيَاسِ قَبْلَ النَّظَرِ فِي دَلَالَةِ النُّصُوصِ هَلْ تَدْفَعُهُ فَإِنَّ أَكْثَرَ خَطَأِ النَّاسِ تَمَسُّكُهُمْ بِمَا يَظُنُّونَهُ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ وَالْقِيَاسِ ; فَالْأُمُورُ الظَّنِّيَّةُ لَا يُعْمَلُ بِهَا حَتَّى يُبْحَثَ عَنْ الْمَعَارِضِ بَحْثًا يَطْمَئِنُّ الْقَلْبُ إلَيْهِ وَإِلَّا أَخْطَأَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي الْمُتَمَسِّكِينَ بِالظَّوَاهِرِ وَالْأَقْيِسَةِ وَلِهَذَا جُعِلَ الِاحْتِجَاجُ بِالظَّوَاهِرِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ طَرِيقَ أَهْلِ الْبِدَعِ . وَلَهُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفٌ كَبِيرٌ . وَكَذَلِكَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقْيِسَةِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ النُّصُوصِ وَالْآثَارِ طَرِيقُ أَهْلِ الْبِدَعِ . وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ قَوْلٍ ابْتَدَعَهُ هَؤُلَاءِ قَوْلًا فَاسِدًا وَإِنَّمَا الصَّوَابُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ مَا وَافَقُوا فِيهِ السَّلَفَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وقَوْله تَعَالَى { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } سَمَّاهُ عَامًّا وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ يَعُمُّهَا عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ كَمَا يَعُمُّ قَوْلُهُ : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } جَمِيعَ الرِّقَابِ لَا يَعُمُّهَا كَمَا يَعُمُّ لَفْظُ الْوَلَدِ لِلْأَوْلَادِ . وَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا لَمْ يَأْخُذْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ لَفْظِ الْقُرْآنِ بَلْ أَخَذَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْقُرْآنُ فَكَانَ الظُّهُورُ لِسُكُوتِ الْقُرْآنِ عَنْهُ لَا لِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّهُ ظَاهِرٌ فَكَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِظَاهِرِ مِنْ الْقَوْلِ لَا بِظَاهِرِ الْقَوْلِ ; وَعُمْدَتُهُمْ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالنُّصُوصِ الَّتِي فِيهَا عِلْمٌ بِمَا قُيِّدَ وَإِلَّا فَكَلُّ مَا بَيَّنَهُ الْقُرْآنُ وَأَظْهَرَهُ فَهُوَ حَقٌّ ; بِخِلَافِ مَا يَظْهَرُ لِلْإِنْسَانِ لِمَعْنَى آخَرَ غَيْرَ نَفْسِ الْقُرْآنِ يُسَمَّى ظَاهِرَ الْقُرْآنِ كَاسْتِدْلَالَاتِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْمُرْجِئَةِ والجهمية وَالْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ . قَالَ أَحْمَد : وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِيمَانَ الْإِقْرَارُ فَمَا يَقُولُ فِي الْمَعْرِفَةِ ؟ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْمَعْرِفَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ ؟ وَهَلْ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا بِمَا عَرَفَ ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْمَعْرِفَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ شَيْئَيْنِ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا وَمُصَدِّقًا بِمَا عَرَفَ فَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ ; وَإِنْ جَحَدَ وَقَالَ : لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ فَقَدْ قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَدْفَعُ الْمَعْرِفَةَ وَالتَّصْدِيقَ وَكَذَلِكَ الْعَمَلَ مَعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ . قُلْت أَحْمَد وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ كَانُوا قَدْ عَرَفُوا أَصْلَ قَوْلِ الْمُرْجِئَةِ وَهُوَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَذْهَبُ بَعْضُهُ وَيَبْقَى بَعْضُهُ ; فَلَا يَكُونُ إلَّا شَيْئًا وَاحِدًا فَلَا يَكُونُ ذَا عَدَدٍ : اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ عَدَدٌ أَمْكَنَ ذَهَابُ بَعْضِهِ وَبَقَاءُ بَعْضِهِ بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا شَيْئًا وَاحِدًا وَلِهَذَا قَالَتْ الجهمية : إنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي الْقَلْبِ . وَقَالَتْ الكرامية : إنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ عَلَى اللِّسَانِ كُلُّ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ تَبَعُّضِ الْإِيمَانِ وَتَعَدُّدِهِ فَلِهَذَا صَارُوا يُنَاظِرُونَهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا وَاحِدًا كَمَا قُلْتُمْ . فَأَبُو ثَوْرٍ احْتَجَّ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ " الْفُقَهَاءُ الْمُرْجِئَةُ " مِنْ أَنَّهُ تَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ وَلَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ قَوْلُ مُتَكَلِّمِيهِمْ وجهميتهم أَوْ لَمْ يَعُدْ خِلَافُهُمْ خِلَافًا وَأَحْمَد ذَكَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ مَعَ الْإِقْرَارِ وَقَالَ : إنَّ مَنْ جَحَدَ الْمَعْرِفَةَ وَالتَّصْدِيقَ فَقَدْ قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا فَإِنَّ فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ مَعْلُومٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَلِهَذَا لَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ أَحَدٌ قَبْلَ الكرامية مَعَ أَنَّ الكرامية لَا تُنْكِرُ وُجُوبَ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ وَلَكِنْ تَقُولُ : لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْإِيمَانِ حَذَرًا مِنْ تَبَعُّضِهِ وَتَعَدُّدِهِ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُهُ وَيَبْقَى بَعْضُهُ بَلْ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الْقَلْبِ إيمَانٌ وَكِبْرٌ وَاعْتَقَدُوا الْإِجْمَاعَ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ . كَمَا ذَكَرَ هَذَا الْإِجْمَاعَ الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ . وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ الَّتِي أَوْقَعَتْهُمْ مَعَ عِلْمِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَعِبَادَتِهِ وَحُسْنِ إسْلَامِهِ وَإِيمَانِهِ وَلِهَذَا دَخَلَ فِي " إرْجَاءِ الْفُقَهَاءِ " جَمَاعَةٌ هُمْ عِنْدَ الْأُمَّةِ أَهْلُ عِلْمٍ وَدِينٍ . وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ أَحَدًا مِنْ " مُرْجِئَةِ الْفُقَهَاءِ " بَلْ جَعَلُوا هَذَا مِنْ بِدَعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ; لَا مِنْ بِدَعِ الْعَقَائِدِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النِّزَاعِ فِيهَا لَفْظِيٌّ لَكِنَّ اللَّفْظَ الْمُطَابِقَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الصَّوَابُ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ قَوْلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى بِدَعِ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ أَهْلِ الْإِرْجَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَى ظُهُورِ الْفِسْقِ فَصَارَ ذَلِكَ الْخَطَأُ الْيَسِيرُ فِي اللَّفْظِ سَبَبًا لِخَطَأِ عَظِيمٍ فِي الْعَقَائِدِ وَالْأَعْمَالِ فَلِهَذَا عَظُمَ الْقَوْلُ فِي ذَمِّ " الْإِرْجَاءِ " حَتَّى قَالَ إبْرَاهِيمُ النخعي : لِفِتْنَتِهِمْ - يَعْنِي الْمُرْجِئَةَ - أَخْوَفُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فِتْنَةِ الأزارقة . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : مَا اُبْتُدِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةٌ أَضَرُّ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ الْإِرْجَاءِ . وَقَالَ الأوزاعي : كَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وقتادة يَقُولَانِ : لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْأَهْوَاءِ أَخْوَفُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ الْإِرْجَاءِ . وَقَالَ شَرِيكٌ الْقَاضِي - وَذَكَرَ الْمُرْجِئَةَ فَقَالَ - : هُمْ أَخْبَثُ قَوْمٍ حَسْبُك بِالرَّافِضَةِ خُبْثًا وَلَكِنَّ الْمُرْجِئَةَ يَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ . وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : تَرَكَتْ الْمُرْجِئَةُ الْإِسْلَامَ أَرَقَّ مِنْ ثَوْبِ سابري وَقَالَ قتادة : إنَّمَا حَدَثَ الْإِرْجَاءُ بَعْدَ فِتْنَةِ فِرْقَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ . وَسُئِلَ مَيْمُونُ بْنُ مهران عَنْ كَلَامِ " الْمُرْجِئَةِ " فَقَالَ : أَنَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لِذَرِّ الهمداني : أَلَا تَسْتَحِي مِنْ رَأْيٍ أَنْتَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَقَالَ أَيُّوبُ السختياني : أَنَا أَكْبَرُ مِنْ دِينِ الْمُرْجِئَةِ إنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْإِرْجَاءِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ : الْحَسَنُ . وَقَالَ زاذان : أَتَيْنَا الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقُلْنَا : مَا هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي وَضَعْت ؟ وَكَانَ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ كِتَابَ الْمُرْجِئَةِ فَقَالَ لِي : يَا أَبَا عُمَر لَوَدِدْت أَنِّي كُنْت مُتّ قَبْلَ أَنْ أُخْرِجَ هَذَا الْكِتَابَ أَوْ أَضَعَ هَذَا الْكِتَابَ فَإِنَّ الْخَطَأَ فِي اسْمِ الْإِيمَانِ لَيْسَ كَالْخَطَأِ فِي اسْمِ مُحَدِّثٍ ; وَلَا كَالْخَطَأِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ إذْ كانت أَحْكَامُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مُتَعَلِّقَةً بِاسْمِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَأَحْمَد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَرَّقَ بَيْنَ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي فِي الْقَلْبِ وَبَيْنَ التَّصْدِيقِ الَّذِي فِي الْقَلْبِ فَإِنَّ تَصْدِيقَ اللِّسَانِ هُوَ الْإِقْرَارُ ; وَقَدْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ " شَيْئَيْنِ " يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَمَعْرِفَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْن كُلَّابٍ والقلانسي . وَالْأَشْعَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَعْرِفَةِ الْقَلْبِ وَبَيْنَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ فَإِنَّ تَصْدِيقَ الْقَلْبِ قَوْلُهُ . وَقَوْلُ الْقَلْبِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمُ بَلْ نَوْعًا آخَرُ ; وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد : هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْمَعْرِفَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ ؟ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا بِمَا عَرَفَ ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْمَعْرِفَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ شَيْئَيْنِ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا وَمُصَدِّقًا بِمَا عَرَفَ فَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَإِنْ جَحَدَ وَقَالَ : لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ . فَقَدْ أَتَى عَظِيمًا وَلَا أَحْسَبُ امْرَأً يَدْفَعُ الْمَعْرِفَةَ وَالتَّصْدِيقَ