تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَإِذَا قَالَ السَّائِلُ لِغَيْرِهِ : أَسْأَلُ بِاَللَّهِ فَإِنَّمَا سَأَلَهُ بِإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ وَذَلِكَ سَبَبٌ لِإِعْطَاءِ مَنْ سَأَلَهُ بِهِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ الْإِحْسَانَ إلَى الْخَلْقِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ كَفَّ الظُّلْمِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَيَنْهَى عَنْ الظُّلْمِ وَأَمْرُهُ أَعْظَمُ الْأَسْبَابِ فِي حَضِّ الْفَاعِلِ فَلَا سَبَبَ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا لِمُسَبِّبِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ ماجه عَنْ عَطِيَّةَ العوفي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَلَّمَ الْخَارِجَ إلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ : وَأَسْأَلُك بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْك وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَكِنْ خَرَجْت اتِّقَاءَ سَخَطِك وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِك } . فَإِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا فَحَقُّ السَّائِلِينَ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُمْ وَحَقُّ الْعَابِدِينَ لَهُ أَنْ يُثِيبَهُمْ وَهُوَ حَقٌّ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَهُمْ كَمَا يُسْأَلُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي جَعَلَهُ سَبَبًا لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } . وَكَمَا يُسْأَلُ بِوَعْدِهِ لِأَنَّ وَعْدَهُ يَقْتَضِي إنْجَازَ مَا وَعَدَهُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُؤْمِنِينَ : { رَبَّنَا إنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ } وَقَوْلُهُ : { إنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ } { فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي } . وَيُشْبِهُ هَذَا مُنَاشَدَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ حَيْثُ يَقُولُ : { اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي } وَكَذَلِكَ مَا فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَضِبَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فَجَعَلَ مُوسَى يَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَذْكُرُ مَا وَعَدَ بِهِ إبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ سَأَلَهُ بِسَابِقِ وَعْدِهِ لِإِبْرَاهِيمَ .