تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَكَذَلِكَ التَّوَسُّلُ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ : - ( أَحَدُهُمَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ فَيَدْعُو وَيَشْفَعُ كَمَا كَانَ يَطْلُبُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَمَا يَطْلُبُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَأْتُونَ آدَمَ وَنُوحًا ثُمَّ الْخَلِيلَ ثُمَّ مُوسَى الْكَلِيمَ ثُمَّ عِيسَى ثُمَّ يَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فَيَطْلُبُونَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ . ( وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ التَّوَسُّلُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِشَفَاعَتِهِ وَدُعَائِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَعْمَى الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ وَذِكْرُهُ فَإِنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ فَدَعَا لَهُ الرَّسُولُ وَشَفَعَ فِيهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فَيَقُولَ { اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِهِ اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ } فَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى قَبُولَ شَفَاعَتِهِ ; بِخِلَافِ مَنْ يَتَوَسَّلُ بِدُعَاءِ الرَّسُولِ وَشَفَاعَةِ الرَّسُولِ - وَالرَّسُولُ لَمْ يَدْعُ لَهُ وَلَمْ يَشْفَعْ فِيهِ - فَهَذَا تَوَسُّلٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ وَإِنَّمَا يَتَوَسَّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ مَنْ دَعَا لَهُ وَشَفَعَ فِيهِ . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقْتَ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ عُمَرَ وَالْمُسْلِمِينَ تَوَسَّلُوا بِدُعَاءِ الْعَبَّاسِ وَسَأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى مَعَ دُعَاءِ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُمْ اسْتَشْفَعُوا جَمِيعًا وَلَمْ يَكُنْ الْعَبَّاسُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي دَعَا لَهُمْ فَصَارَ التَّوَسُّلُ بِطَاعَتِهِ وَالتَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ مَعَ دُعَاءِ الْمُتَوَسِّلِ وَسُؤَالِهِ وَلَا يَكُونُ بِدُونِ ذَلِكَ . فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ كُلُّهَا مَشْرُوعَةٌ لَا يُنَازِعُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ .