مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ  أَنَّ  ابْنَ عَقِيلٍ  مَعَ مُبَالَغَتِهِ هُنَا  فِي الرَّدِّ  عَلَى مَنْ يَقُولُ : لَيْسَ  فِي الْقُرْآنِ مَجَازٌ : فَهُوَ  فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَنْصُرُ  أَنَّهُ لَيْسَ  فِي اللُّغَةِ مَجَازٌ ; لَا  فِي الْقُرْآنِ وَلَا غَيْرِهِ  وَذَكَرَ  ذَلِكَ  فِي  مُنَاظَرَةٍ جَرَتْ لَهُ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ الْحَنْبَلِيِّينَ الَّذِينَ  قَالُوا بِالْمَجَازِ  فَقَالَ  فِي   فُنُونِهِ  : جَرَتْ مَسْأَلَةٌ   هَلْ  فِي اللُّغَةِ مَجَازٌ ؟   فَاسْتَدَلَّ حَنْبَلِيٌّ  أَنَّ  فِيهَا مَجَازًا بِأَنَّا وَجَدْنَا  أَنَّ  مِنْ الْأَسْمَاءِ مَا يَحْصُلُ نَفْيُهُ وَهُوَ تَسْمِيَةُ الرَّجُلِ الْمِقْدَامِ  أَسَدًا ; وَالْعَالِمِ وَالْكَرِيمِ الْوَاسِعِ الْعَطَاءِ وَالْجُودِ بَحْرًا . فَنَقُولُ  فِيهِ : لَيْسَ بِبَحْرِ وَلَا بِأَسَدِ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ نَقُولَ  فِي السَّبُعِ الْمَخْصُوصِ وَالْبَحْرِ لَيْسَ بِأَسَدِ وَلَا بَحْرٍ فَعُلِمَ  أَنَّ الَّذِي حَسُنَ نَفْيُ الِاسْمِ عَنْهُ  أَنَّهُ مُسْتَعَارٌ  كَمَا نَقُولُ  فِي الْمُسْتَعِيرِ  لِمَالِ غَيْرِهِ : لَيْسَ  بِمَالِكِ لَهُ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ نَقُولَ  فِي الْمَالِكِ لَيْسَ  بِمَالِكِ لَهُ . قَالَ : اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مُعْتَرِضٌ أُصُولِيٌّ حَنْبَلِيٌّ  فَقَالَ : الَّذِي عَوَّلْت عَلَيْهِ لَا أُسَلِّمُهُ وَلَا تَعْوِيلَ  عَلَى الصُّورَةِ بَلْ  عَلَى الْمُخَصَّصَةِ ;  فَإِنَّ قَوْلَنَا : حَيَوَانٌ : يَشْمَلُ السَّبُعَ وَالْإِنْسَانَ فَإِذَا  قُلْنَا : سَبُعٌ وَأَسَدٌ :  كَانَ  هَذَا لِمَا  فِيهِ  مِنْ الْإِقْدَامِ وَالْهُوَاشِ وَالتَّفَخُّمِ  لِلصِّيَالِ  وَذَلِكَ مَوْجُودٌ  فِي صُورَةِ  الْإِنْسَانِ وَصُورَةِ السَّبُعِ وَالِاتِّفَاقُ وَاقِعٌ  فِي الْحَقِيقَةِ ; كَسَوَادِ الْحِبْرِ وَسَوَادِ  الْقَارِ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفَانِ  فِي اسْمِ السَّوَادِ بِالْمَعْنَى وَهِيَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي هِيَ هِبَةٌ تَجْمَعُ الْبَصَرَ اتِّسَاعُ الْحَدَقَةِ  فَكَذَلِكَ اتِّسَاعُ الْجُودِ وَالْعِلْمِ وَاتِّسَاعُ الْمَاءِ جَمِيعًا يَجْمَعُهُ الِاتِّسَاعُ فَيُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَحْرًا لِلْمَعْنَى الَّذِي جَمَعَهُمَا وَهُوَ حَقِيقَةُ الِاتِّسَاعِ ;  وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ  الِاسْتِعَارَةَ لِأَحَدِهِمَا إلَّا إذَا  ثَبَتَ سَبْقُ التَّسْمِيَةِ لِأَحَدِهِمَا  ; وَلَا سِيَّمَا  عَلَى  أَصْلِ مَنْ يَقُولُ : إنَّ الْكَلَامَ قَدِيمٌ ; وَالْقَدِيمُ لَا يَسْبِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا ;  فَإِنَّ السَّابِقَ وَالْمَسْبُوقَ  مِنْ صِفَاتِ بَعْضِهِ الْحَادِثِ  مِنْ الزَّمَانِ . قُلْت : فَقَدْ جُعِلَ  هَذَا اللَّفْظُ مُتَوَاطِئًا دَالًّا  عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ  كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ الْمُتَوَاطِئَةِ  وَلَكِنَّهُ يَخْتَصُّ  فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِقَدْرِ مُتَمَيِّزٍ لِمَا امْتَازَ  بِهِ  مِنْ الْقَرِينَةِ  كَمَا  فِي مَا مَثَّلَهُ  بِهِ  مِنْ السَّوَادِ  وَهَذَا بِعَيْنِهِ . يَرُدُّ عَلَيْهِ فِيمَا احْتَجَّ  بِهِ لِلْمَجَازِ .