تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
فَصْلٌ إذَا أَتَى مَكَّةَ جَازَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ وَالْمَسْجِدَ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ لَكِنْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ وَجْهِ الْكَعْبَةِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ دَخَلَهَا مِنْ وَجْهِهَا مِنْ النَّاحِيَةِ الْعُلْيَا الَّتِي فِيهَا الْيَوْمَ بَابُ الْمَعْلَاةِ . وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ وَلَا لِلْمَدِينَةِ سُورٌ وَلَا أَبْوَابٌ مَبْنِيَّةٌ وَلَكِنْ دَخَلَهَا مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ الْمُشْرِفَةِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ . وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ الْبَابِ الْأَعْظَمِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : بَابُ بَنِي شَيْبَةَ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَإِنَّ هَذَا أَقْرَبُ الطُّرُقِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِمَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَعْلَاةِ . وَلَمْ يَكُنْ قَدِيمًا بِمَكَّةَ بِنَاءٌ يَعْلُو عَلَى الْبَيْتِ وَلَا كَانَ فَوْقَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِنَاءٌ وَلَا كَانَ بِمِنَى وَلَا بِعَرَفَاتِ مَسْجِدٌ وَلَا عِنْدَ الْجَمَرَاتِ مَسَاجِدُ بَلْ كُلُّ هَذِهِ مُحْدَثَةٌ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَمِنْهَا مَا أُحْدِثَ بَعْدَ الدَّوْلَةِ الْأُمَوِيَّةِ وَمِنْهَا مَا أُحْدِثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ الْبَيْتُ يُرَى قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ . وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَكَرَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا } فَمَنْ رَأَى الْبَيْتَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَدْ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ مَنْ اسْتَحَبَّهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ الدُّعَاء وَلَوْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ . لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعْد أَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَ ذَلِكَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ بَلْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُوَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَمَا يَبِيتُ بِذِي طُوًى وَهُوَ عِنْدَ الْآبَارِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : آبَارُ الزَّاهِرِ . فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْمَبِيتُ بِهَا وَالِاغْتِسَالُ وَدُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَدَأَ بِالطَّوَافِ فَيَبْتَدِئُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ يَسْتَقْبِلُهُ اسْتِقْبَالًا وَيَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ إنْ أَمْكَنَ وَلَا يُؤْذِي أَحَدًا بِالْمُزَاحَمَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ وَإِلَّا أَشَارَ إلَيْهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلطَّوَافِ وَيَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ وَلَا يَمْشِي عَرْضًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلطَّوَافِ بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ . وَيَقُولُ إذَا اسْتَلَمَهُ : بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَإِنْ شَاءَ قَالَ : اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَيَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ فَيَطُوفُ سَبْعًا وَلَا يَخْتَرِقُ الْحَجَرَ فِي طَوَافِهِ لِمَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَجَرِ مِنْ الْبَيْتِ وَاَللَّهُ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِهِ لَا بِالطَّوَافِ فِيهِ . وَلَا يَسْتَلِمُ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ دُونَ الشَّامِيَّيْنِ . فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا اسْتَلَمَهُمَا خَاصَّةً لِأَنَّهُمَا عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَالْآخَرَانِ هُمَا فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ . فَالرُّكْنُ الْأَسْوَدُ يُسْتَلَمُ وَيُقَبَّلُ وَالْيَمَانِيُّ يُسْتَلَمُ وَلَا يُقَبَّلُ وَالْآخَرَانِ لَا يُسْتَلَمَانِ وَلَا يُقَبَّلَانِ وَالِاسْتِلَامُ هُوَ مَسْحُهُ بِالْيَدِ . وَأَمَّا سَائِرُ جَوَانِبِ الْبَيْتِ وَمَقَامُ إبْرَاهِيمَ وَسَائِرُ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَحِيطَانِهَا وَمَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَحُجْرَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَغَارَةِ إبْرَاهِيمَ وَمَقَامِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَصَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا تُسْتَلَمُ وَلَا تُقَبَّلُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ . وَأَمَّا الطَّوَافُ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ وَمَنْ اتَّخَذَهُ دِينًا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الشاذروان الَّذِي يُرْبَطُ فِيهِ أَسْتَارُ الْكَعْبَةِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَلَيْسَ الشاذروان مِنْ الْبَيْتِ بَلْ جُعِلَ عِمَادًا لِلْبَيْتِ . وَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي الطَّوَافِ الْأَوَّلِ أَنْ يَرْمُلَ مِنْ الْحِجْرِ إلَى الْحِجْرِ فِي الْأَطْوَافِ الثَّلَاثَةِ وَالرَّمَلُ مِثْلُ الْهَرْوَلَةِ وَهُوَ مُسَارَعَةُ الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّمَلُ لِلزَّحْمَةِ كَانَ خُرُوجُهُ إلَى حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَالرَّمَلُ أَفْضَلُ مِنْ قُرْبِهِ إلَى الْبَيْتِ بِدُونِ الرَّمَلِ . وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ الْقُرْبُ مِنْ الْبَيْتِ مَعَ إكْمَالِ السُّنَّةِ فَهُوَ أَوْلَى . وَيَجُوزُ أَنْ يَطُوفَ مِنْ وَرَاءِ قُبَّةِ زَمْزَمَ وَمَا وَرَاءَهَا مِنْ السَّقَائِفِ الْمُتَّصِلَةِ بِحِيطَانِ الْمَسْجِدِ . وَلَوْ صَلَّى الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ أَمَامَهُ لَمْ يُكْرَهْ سَوَاءٌ مَرَّ أَمَامَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ مَكَّةَ . وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَضْطَبِعَ فِي هَذَا الطَّوَافِ وَالِاضْطِبَاعُ : هُوَ أَنْ يُبْدِيَ ضَبْعَهُ الْأَيْمَنَ فَيَضَعَ وَسَطَ الرِّدَاءِ تَحْتَ إبِطِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَإِنْ تَرَكَ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي الطَّوَافِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوَهُ بِمَا يُشْرَعُ وَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ سِرًّا فَلَا بَأْسَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مَحْدُودٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بِأَمْرِهِ وَلَا بِقَوْلِهِ وَلَا بِتَعْلِيمِهِ بَلْ يَدْعُو فِيهِ بِسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ دُعَاءٍ مُعَيَّنٍ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَا أَصْلَ لَهُ . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِمُ طَوَافَهُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ بِقَوْلِهِ : { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } كَمَا كَانَ يَخْتِمُ سَائِرَ دُعَائِهِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ ذِكْرٌ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ كَالصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرِ . وَلِهَذَا يُؤْمَرُ الطَّائِفُ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا الطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَيَكُونَ مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ مُجْتَنِبَ النَّجَاسَةِ الَّتِي يَجْتَنِبُهَا الْمُصَلِّي وَالطَّائِفُ طَاهِرًا ; لَكِنْ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ فِي الطَّوَافِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ وَلَا نَهَى الْمُحْدِثَ أَنْ يَطُوفَ وَلَكِنَّهُ طَافَ طَاهِرًا . لَكِنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى الْحَائِضَ عَنْ الطَّوَافِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ } فَالصَّلَاةُ الَّتِي أَوْجَبَ لَهَا الطَّهَارَةَ مَا كَانَ يُفْتَتَحُ بِالتَّكْبِيرِ وَيُخْتَمُ بِالتَّسْلِيمِ كَالصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَأَمَّا الطَّوَافُ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ فَلَيْسَا مِنْ هَذَا . وَالِاعْتِكَافُ يُشْتَرَطُ لَهُ الْمَسْجِدُ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْمُعْتَكِفَةُ الْحَائِضُ تُنْهَى عَنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْحَيْضِ وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَثُ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ مُحْدِثَةٌ . قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فِي " مَنَاسِكِ الْحَجِّ " لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ : حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ وَمَنْصُورٍ قَالَ : سَأَلْتهمَا عَنْ الرَّجُلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سَأَلْت أَبِي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ . وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَد فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِ وَوُجُوبِهَا كَمَا هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ . لَكِنْ لَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطِ . وَمَنْ طَافَ فِي جَوْرَبٍ وَنَحْوِهِ ; لِئَلَّا يَطَأَ نَجَاسَةً مِنْ ذَرْقِ الْحَمَامِ أَوْ غَطَّى يَدَيْهِ لِئَلَّا يَمَسَّ امْرَأَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَالتَّابِعِينَ مَا زَالُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَمَا زَالَ الْحَمَامُ بِمَكَّةَ ; لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ حَسَنٌ مَا لَمْ يُخَالِفْ السُّنَّةَ الْمَعْلُومَةَ فَإِذَا أَفْضَى إلَى ذَلِكَ كَانَ خَطَأً . وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي يَتَضَمَّنُ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ خَطَأٌ كَمَنْ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ . أَوْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ فَإِنَّ هَذَا خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ . فَإِنَّ { النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ وَقَالَ : إنْ الْيَهُودَ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ فَخَالِفُوهُمْ } وَقَالَ : { إذَا أَتَى الْمَسْجِدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ . فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذًى فَلْيُدَلِّكْهُمَا فِي التُّرَابِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُمَا طَهُورٌ . } وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَعْلَيْهِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَطُوفَ فِي نَعْلَيْهِ