مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَالْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ  لَهَا فَضْلٌ  عَلَى مَا سِوَاهَا  فَإِنَّهَا بَنَاهَا  أَنْبِيَاءُ وَدَعَوْا النَّاسَ إلَى السَّفَرِ إلَيْهَا .   فَالْخَلِيلُ  دَعَا إلَى   الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ   وَسُلَيْمَانُ  دَعَا إلَى   بَيْتِ الْمَقْدِسِ  وَنَبِيُّنَا  دَعَا إلَى الثَّلَاثَةِ : إلَى مَسْجِدِهِ . وَالْمَسْجِدَيْنِ وَلَكِنْ  جَعَلَ  السَّفَرَ إلَى   الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ  فَرْضًا وَالْآخَرَيْنِ تَطَوُّعًا .   وَإِبْرَاهِيمُ   وَسُلَيْمَانُ  لَمْ يُوجِبَا شَيْئًا وَلَا  أَوْجَبَ   الْخَلِيلُ  الْحَجَّ ; وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ   بَنُو إسْرَائِيلَ  يَحُجُّونَ وَلَكِنْ  حَجَّ  مُوسَى   وَيُونُسُ  وَغَيْرُهُمَا :  وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ  الْحَجُّ وَاجِبًا  فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ; وَإِنَّمَا  وَجَبَ  فِي سُورَةِ  آلِ عِمْرَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {   وَلِلَّهِ  عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ   }  هَذَا هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ  :  أَنَّهُ  يُفِيدُ إيجَابَهُ .  وَأَمَّا قَوْلُهُ :   {   وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ   }  فَقِيلَ : إنَّهُ  يُفِيدُ إيجَابَهُمَا  ابْتِدَاءً وَإِتْمَامَهُمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ .  وَقِيلَ : إنَّمَا  يُفِيدُ وُجُوبَ إتْمَامِهِمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ لَا إيجَابَهُمَا  ابْتِدَاءً .  وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ  فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ  عَامَ   الْحُدَيْبِيَةِ  بِإِجْمَاعِ النَّاسِ بَعْدَ شُرُوعِ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَةِ - عُمْرَةِ   الْحُدَيْبِيَةِ  -  لَمَّا  صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ وَأُبِيحُ  فِيهَا التَّحَلُّلُ لِلْمُحْصَرِ  فَحَلَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  - وَأَصْحَابُهُ  لَمَّا  صَدَّهُمْ الْمُشْرِكُونَ وَرَجَعُوا . وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ يَجِبُ  عَلَى الشَّارِعِ  فِيهِمَا إتْمَامُهُمَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ .  وَتَنَازَعُوا  فِي الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ ؟  عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ . وَمَذْهَبُ  الشَّافِعِيِّ  وَأَحْمَد  فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ  أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِتْمَامُ وَمَذْهَبُ  مَالِكٍ  وَأَبِي حَنِيفَةَ  أَنَّهُ يَجِبُ  كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ  فِي غَيْرِ  هَذَا الْمَوْضِعِ .  وَالْمَقْصُودُ  أَنَّ   مَسْجِدَ الرَّسُولِ .  فَضِيلَةُ السَّفَرِ إلَيْهِ  لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ  فِيهِ وَالصَّلَاةُ  فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ ; وَلَيْسَ شَيْءٌ  مِنْ  ذَلِكَ  لِأَجْلِ الْقَبْرِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ  .  وَهَذَا  مِنْ   الْفُرُوقِ بَيْنَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  - وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ قَبْرِهِ وَغَيْرِهِ  . فَقَدْ  ظَهَرَ الْفَرْقُ  مِنْ وُجُوهٍ .  وَهَذَا الْمُعْتَرِضُ وَأَمْثَالُهُ جَعَلُوا   السَّفَرَ إلَى قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ  نَوْعًا .  ثُمَّ  لَمَّا رَأَوْا مَا  ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ  مِنْ اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ قَبْرِ نَبِيِّنَا ظَنُّوا  أَنَّ  سَائِرَ الْقُبُورِ يُسَافَرُ إلَيْهَا  كَمَا يُسَافَرُ إلَيْهِ .  فَضَلُّوا  مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدُهَا :  أَنَّ السَّفَرَ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ سَفَرٌ إلَى مَسْجِدِهِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ .  الثَّانِي :  أَنَّ  هَذَا السَّفَرَ هُوَ لِلْمَسْجِدِ  فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ وَبَعْدَ دَفْنِهِ وَقَبْلَ دُخُولِ الْحُجْرَةِ وَبَعْدَ دُخُولِ الْحُجْرَةِ  فِيهِ . فَهُوَ سَفَرٌ إلَى الْمَسَاجِدِ  سَوَاءٌ  كَانَ الْقَبْرُ هُنَاكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ .  فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَبَّهَ  بِهِ السَّفَرُ إلَى قَبْرٍ مُجَرَّدٍ .  الثَّالِثُ :  أَنَّ  مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يُسَمِّيَ  هَذَا زِيَارَةً لِقَبْرِهِ . وَاَلَّذِينَ لَمْ يَكْرَهُوهُ يُسَلِّمُونَ لِأُولَئِكَ الْحُكْمَ ; وَإِنَّمَا النِّزَاعُ  فِي الِاسْمِ .  وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ زِيَارَةٌ لِقَبْرِهِ  بِلَا نِزَاعٍ . فَلِلْمَانِعِ أَنْ يَقُولَ : لَا أُسَلِّمُ  أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُسَافَرَ إلَى زِيَارَةِ قَبْرِهِ أَصْلًا وَكُلُّ مَا  سُمِّيَ زِيَارَةَ قَبْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُسَافَرُ إلَيْهِ وَالسَّفَرُ إلَى   مَسْجِدِ نَبِيِّنَا  لَيْسَ سَفَرًا إلَى زِيَارَةِ قَبْرِهِ بَلْ هُوَ سَفَرٌ لِعِبَادَةِ  فِي مَسْجِدِهِ .  الرَّابِعُ :  أَنَّ  هَذَا السَّفَرَ مُسْتَحَبٌّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالسَّفَرَ إلَى قُبُورِ  سَائِرِ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا لَا بِنَصِّ وَلَا إجْمَاعٍ  ; بَلْ  هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ  كَمَا  دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ .  الْخَامِسُ :  أَنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي عِنْدَ قَبْرِهِ مَسْجِدُهُ الَّذِي أُسِّسَ  عَلَى التَّقْوَى وَهُوَ أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ غَيْرَ   الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ  وَالصَّلَاةُ  فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ وَالْمَسَاجِدُ الَّتِي  عَلَى قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ نُهِيَ عَنْ  اتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ وَالصَّلَاةُ  فِيهَا  كَمَا تَقَدَّمَ .  فَكَيْفَ عَنْ السَّفَرِ إلَيْهَا .  السَّادِسُ :  أَنَّ السَّفَرَ إلَى مَسْجِدِهِ - الَّذِي يُسَمَّى السَّفَرَ لِزِيَارَةِ قَبْرِهِ - هُوَ مَا  أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ  وَأَمَّا السَّفَرُ إلَى  سَائِرِ الْقُبُورِ  فَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ  مِنْ   الصَّحَابَةِ  وَالتَّابِعِينَ  لَهُمْ بِإِحْسَانِ بَلْ وَلَا عَنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَلَا اسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ  مِنْ   الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ  وَلَا غَيْرِهِمْ .  فَكَيْفَ  يُقَاسُ  هَذَا بِهَذَا ؟ وَمَا  زَالَ الْمُسْلِمُونَ  مِنْ عَهْدِهِ وَإِلَى  هَذَا الْوَقْتِ يُسَافِرُونَ إلَى مَسْجِدِهِ ; إمَّا مَعَ الْحَجِّ وَإِمَّا بِدُونِ الْحَجِّ .  فَعَلَى عَهْدِ   الصَّحَابَةِ  لَمْ يَكُونُوا  يَأْتُونَهُ مَعَ الْحَجِّ -  كَمَا يُسَافِرُونَ إلَى مَكَّةَ -  فَإِنَّ الطُّرُقَاتِ  كَانَتْ آمِنَةً  وَكَانَ  إنْشَاءُ السَّفَرِ إلَيْهِ  أَفْضَلَ  مِنْ أَنْ يُجْعَلَ تَبَعًا لِسَفَرِ الْحَجِّ .  وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ  قَدْ  أَمَرَهُمْ أَنْ يُفْرِدُوا لِلْعُمْرَةِ سَفَرًا وَلِلْحَجِّ سَفَرًا  وَهَذَا أَفْضَلُ - بِاتِّفَاقِ   الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ  وَغَيْرِهِمْ -  مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ ;  فَإِنَّ الَّذِينَ فَضَّلُوا التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ  كَمَا فَضَّلَ  أَحْمَد  التَّمَتُّعَ لِمَنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ وَالْقِرَانَ لِمَنْ  سَاقَ الْهَدْيَ -  فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ وَصَرَّحَ  فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  كَانَ قَارِنًا  - هُوَ مَعَ  ذَلِكَ يَقُولُ : إنَّ   إفْرَادَ الْعُمْرَةِ بِسَفَرِ وَالْحَجِّ بِسَفَرِ  أَفْضَلُ  مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ  وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ  أَبِي حَنِيفَةَ  - فِيمَا  ذَكَرَهُ  مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ  -  أَنَّ عُمْرَةً  كُوفِيَّةً أَفْضَلُ  مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ . وَبَسْطُ  هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ .  وَالْمَقْصُودُ  أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَا  زَالُوا يُسَافِرُونَ إلَى مَسْجِدِهِ وَلَا يُسَافِرُونَ إلَى قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ : كَقَبْرِ  مُوسَى  وَقَبْرِ   الْخَلِيلِ   عَلَيْهِ السَّلَامُ  وَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ  مِنْ   الصَّحَابَة  أَنَّهُ سَافَرَ إلَى قَبْرِ   الْخَلِيلِ  مَعَ كَثْرَةِ  مَجِيئِهِمْ إلَى  الشَّامِ  وَالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ  .  فَكَيْفَ يُجْعَلُ السَّفَرُ إلَى   مَسْجِدِ الرَّسُولِ  الَّذِي يُسَمِّيهِ بَعْضُ النَّاسِ زِيَارَةً لِقَبْرِهِ مِثْلَ السَّفَرِ إلَى قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ السَّابِعُ :  أَنَّ السَّفَرَ الْمَشْرُوعَ إلَى مَسْجِدِهِ يَتَضَمَّنُ أَنْ يُفْعَلَ  فِي مَسْجِدِهِ مَا  كَانَ يُفْعَلُ  فِي حَيَاتِهِ وَحَيَاةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ :  مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ  كَمَا يُفْعَلُ  ذَلِكَ  فِي  سَائِرِ الْمَسَاجِدِ  وَسَائِرِ الْبِقَاعِ .  وَإِنْ  كَانَ مَسْجِدُهُ  أَفْضَلَ . فَالْمَشْرُوعُ  فِيهِ عِبَادَةٌ لِلَّهِ مَأْمُورٌ بِهَا  وَأَمَّا الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ سَافَرَ إلَى قَبْرِ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا هُوَ  مِنْ نَوْعِ الشِّرْكِ كَدُعَائِهِمْ وَطَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُمْ وَاِتِّخَاذِ قُبُورِهِمْ مَسَاجِدَ وَأَعْيَادًا وَأَوْثَانًا .  وَهَذَا مُحَرَّمٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ  .  فَإِنْ قُلْت : فَقَدْ يَفْعَلُ بَعْضُ النَّاسِ عِنْدَ قَبْرِهِ مِثْلَ  هَذَا . قُلْت  لَك :  أَمَّا عِنْدُ الْقَبْرِ  فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ  عَلَى  ذَلِكَ ;  فَإِنَّ اللَّهَ  أَجَابَ دَعْوَتَهُ حَيْثُ  قَالَ : {   اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ .   }  .  وَأَمَّا  فِي مَسْجِدِهِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ  ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ الْجُهَّالِ  وَأَمَّا مَنْ يَعْلَمُ شَرْعَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا شُرِعَ وَهَؤُلَاءِ يَنْهَوْنَ أُولَئِكَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ  فَلَا يَجْتَمِعُ الزُّوَّارُ  عَلَى الضَّلَالِ  وَأَمَّا قَبْرُ غَيْرِهِ فَالْمُسَافِرُونَ إلَيْهِ كُلُّهُمْ جُهَّالٌ ضَالُّونَ مُشْرِكُونَ وَيَصِيرُونَ عِنْدَ نَفْسِ الْقَبْرِ ; وَلَا أَحَدَ هُنَاكَ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ .  الْوَجْهُ الثَّامِنُ : أَنْ  يُقَالَ قَبْرُهُ مَعْلُومٌ مُتَوَاتِرٌ ; بِخِلَافِ قَبْرِ غَيْرِهِ .  وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ  أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَفِظَ عَامَّةَ قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ بِبَرَكَةِ رِسَالَةِ   مُحَمَّدٍ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَلَمْ يَتَمَكَّنْ النَّاسُ مَعَ ظُهُورِ دِينِهِ أَنْ  يَتَّخِذُوا قُبُورَ  الْأَنْبِيَاءِ مَسَاجِدَ  كَمَا  أَظْهَرَ  مِنْ  الْإِيمَانِ بِنُبُوَّةِ  الْأَنْبِيَاءِ وَمَا جَاءُوا  بِهِ :  مِنْ إعْلَانِ ذِكْرِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ  وَمُوَالَاتِهِمْ وَالتَّصْدِيقِ لِأَقْوَالِهِمْ وَالِاتِّبَاعِ لِأَعْمَالِهِمْ : مَا لَمْ يَكُنْ  هَذَا لِأُمَّةِ أُخْرَى .  وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُنْتَفَعُ  بِهِ  مِنْ جِهَةِ  الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ تَصْدِيقُهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوا وَطَاعَتُهُمْ فِيمَا أَمَرُوا وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِيمَا  فَعَلُوا وَحُبُّ مَا  كَانُوا يُحِبُّونَهُ وَبُغْضُ مَا  كَانُوا يُبْغِضُونَهُ  وَمُوَالَاةُ مَنْ يُوَالُونَهُ  وَمُعَادَاةُ مَنْ يُعَادُونَهُ وَنَحْوُ  ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ أَخْبَارِهِمْ . وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مَمْلُوءَانِ  مِنْ ذِكْرِ  الْأَنْبِيَاءِ .  وَهَذَا أَمْرٌ ثَابِتٌ  فِي الْقُلُوبِ مَذْكُورٌ بِالْأَلْسِنَةِ ;  وَأَمَّا  نَفْسُ الْقَبْرِ فَلَيْسَ فِي رُؤْيَتِهِ شَيْءٌ  مِنْ  ذَلِكَ ; بَلْ أَهْلُ الضَّلَالِ  يَتَّخِذُونَهَا أَوْثَانًا  كَمَا  كَانَتْ   الْيَهُودُ   وَالنَّصَارَى  يَتَّخِذُونَ قُبُورَ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ . فَبِبَرَكَةِ رِسَالَةِ   مُحَمَّدٍ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَظْهَرَ اللَّهُ  مِنْ ذِكْرِهِمْ وَمَعْرِفَةِ أَحْوَالِهِمْ مَا يَجِبُ  الْإِيمَانُ  بِهِ وَتَنْتَفِعُ  بِهِ الْعِبَادُ .  وَأَبْطَلَ مَا يَضُرُّ الْخَلْقَ  مِنْ الشِّرْكِ بِهِمْ وَاِتِّخَاذِ قُبُورِهِمْ مَسَاجِدَ  كَمَا  كَانُوا  يَتَّخِذُونَهَا  فِي زَمَنِ مَنْ قَبْلَنَا .  وَلَمْ يَكُنْ  عَلَى عَهْدِ   الصَّحَابَةِ  قَبْرُ نَبِيٍّ ظَاهِرٌ  يُزَارُ ; لَا بِسَفَرِ وَلَا بِغَيْرِ سَفَرٍ . لَا قَبْرُ   الْخَلِيلِ  وَلَا غَيْرُهُ .  وَلَمَّا  ظَهَرَ  بتستر  " قَبْرُ   دَانْيَالَ  "  وَكَانُوا يَسْتَسْقُونَ  بِهِ كَتَبَ  فِيهِ  أَبُو  مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ  إلَى  عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  ; فَكَتَبَ إلَيْهِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَحْفِرَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ  عَشَرَ قَبْرًا وَيَدْفِنُهُ بِاللَّيْلِ  فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَيُعْفِي الْقُبُورَ كُلَّهَا لِئَلَّا يَفْتَتِنَ  بِهِ النَّاسُ  .  وَهَذَا قَدْ  ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ . وَمِمَّنْ رَوَاهُ  يُونُسُ بْنُ بَكْرٍ  فِي   "  زِيَادَاتِ مَغَازِي  ابْنِ إسْحَقَ    عَنْ  أَبِي  خلدة خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ  . حَدَّثَنَا  أَبُو  الْعَالِيَةِ  قَالَ :  لَمَّا فَتَحْنَا   "  تُسْتَرَ "  وَجَدْنَا  فِي بَيْتِ  مَالِ  الْهُرْمُزَانِ  سَرِيرًا عَلَيْهِ رَجُلٌ مَيِّتٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ لَهُ فَأَخَذْنَا الْمُصْحَفَ فَحَمَلْنَاهُ إلَى  عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  فَدَعَا لَهُ  كَعْبًا  فَنَسَخَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَأَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ  مِنْ الْعَرَبِ قَرَأَهُ : قَرَأْته مِثْلَمَا  أَقْرَأُ الْقُرْآنَ  هَذَا . فَقُلْت :  لِأَبِي  الْعَالِيَةِ  : مَا  كَانَ  فِيهِ ؟  قَالَ :  سِيرَتُكُمْ وَأُمُورُكُمْ وَلُحُونُ  كَلَامِكُمْ وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدُ قُلْت :  فَمَا صَنَعْتُمْ بِالرَّجُلِ ؟  قَالَ : حَفَرْنَا بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ  عَشَرَ قَبْرًا مُتَفَرِّقَةً  فَلَمَّا  كَانَ بِاللَّيْلِ دَفَنَّاهُ وَسَوَّيْنَا الْقُبُورَ كُلَّهَا لِنُعَمِّيَهُ  عَلَى النَّاسِ لَا يَنْبُشُونَهُ . قُلْت : وَمَا يَرْجُونَ  فِيهِ ؟  قَالَ :  كَانَتْ السَّمَاءُ إذَا حُبِسَتْ عَنْهُمْ بَرَزُوا بِسَرِيرِهِ فَيُمْطَرُونَ . فَقُلْت : مَنْ كُنْتُمْ تَظُنُّونَ الرَّجُلَ ؟  قَالَ : رَجُلٌ  يُقَالُ لَهُ   " دَانْيَالُ "  فَقُلْت : مُنْذُ كَمْ وَجَدْتُمُوهُ مَاتَ ؟  قَالَ : مُنْذُ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ . قُلْت مَا  كَانَ تَغَيَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ ؟  قَالَ : لَا ; إلَّا شُعَيْرَاتٌ  مِنْ  قَفَاهُ ; إنَّ لُحُومَ  الْأَنْبِيَاءِ لَا تُبْلِيهَا الْأَرْضُ وَلَا تَأْكُلُهَا السِّبَاعُ .  وَلَمْ تَدَعْ   الصَّحَابَةُ  فِي الْإِسْلَامِ قَبْرًا ظَاهِرًا  مِنْ قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ يَفْتَتِنُ  بِهِ النَّاسُ ; وَلَا يُسَافِرُونَ إلَيْهِ وَلَا يَدْعُونَهُ وَلَا  يَتَّخِذُونَهُ مَسْجِدًا . بَلْ قَبْرُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  حَجَبُوهُ  فِي الْحُجْرَةِ وَمَنَعُوا النَّاسَ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَغَيْرُهُ  مِنْ الْقُبُورِ عَفْوُهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ; إنْ  كَانَ النَّاسُ يَفْتَتِنُونَ  بِهِ  وَإِنْ  كَانُوا لَا يَفْتَتِنُونَ  بِهِ  فَلَا يَضُرُّ مَعْرِفَةُ قَبْرِهِ  كَمَا  قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {  لَمَّا  ذَكَرَ  أَنَّ  مَلَكَ الْمَوْتِ  أَتَى  مُوسَى  -   عَلَيْهِ السَّلَامُ  -  فَقَالَ :  أَجِبْ  رَبَّك فَلَطَمَهُ  مُوسَى  فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَرَجَعَ  الْمَلَكُ إلَى اللَّهِ  فَقَالَ : أَرْسَلْتنِي إلَى عَبْدٍ  لَك لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي  قَالَ :  فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ  وَقَالَ : ارْجِعْ إلَى  مُوسَى  فَقُلْ لَهُ : الْحَيَاةَ تُرِيدُ ؟  فَإِنْ  كُنْت تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ  يَدَك  عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ  فَمَا وَارَتْ  يَدَك  مِنْ شَعْرِهِ فَإِنَّك تَعِيشُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةً .  قَالَ  ثُمَّ  مَاذَا ؟ قَالَ : الْمَوْتُ  قَالَ :  فَمِنْ الْآنَ يَا  رَبِّ وَلَكِنْ أَدْنِنِي  مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرِ  قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَلَوْ  كُنْت  ثَمَّ  لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إلَى  جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ   }  . وَقَدْ  مَرَّ  بِهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ  الْإِسْرَاءِ  فَرَآهُ وَهُوَ قَائِمٌ  يُصَلِّي  فِي قَبْرِهِ وَمَعَ  هَذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ  مِنْ   الصَّحَابَةِ  وَالتَّابِعِينَ يُسَافِرُ إلَيْهِ وَلَا ذَهَبُوا إلَيْهِ  لَمَّا دَخَلُوا  الشَّامَ  فِي زَمَنِ  أَبِي بَكْرٍ  وَعُمَرَ  كَمَا لَمْ يَكُونُوا يُسَافِرُونَ إلَى قَبْرِ   الْخَلِيلِ  وَغَيْرِهِ وَهَكَذَا  كَانُوا يَفْعَلُونَ بِقُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ .  فَقَبْرُ   " دَانْيَالَ "  -  كَمَا  قِيلَ -  كَانُوا يَجِدُونَ مِنْهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ فَعَفَوْهُ لِئَلَّا يَفْتَتِنَ  بِهِ النَّاسُ  . و " قَبْرُ   الْخَلِيلِ  "   عَلَيْهِ السَّلَامُ  كَانَ عَلَيْهِ بِنَاءٌ .  قِيلَ : إنَّ   سُلَيْمَانَ  -   عَلَيْهِ السَّلَامُ  - بَنَاهُ  فَلَا يَصِلُ أَحَدٌ إلَيْهِ ; وَإِنَّمَا نُقِبَ الْبِنَاءُ بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ . وَقَدْ  قِيلَ : إنَّمَا  نَقَبَهُ   النَّصَارَى  لَمَّا اسْتَوْلَوْا  عَلَى مُلْكِ الْبِلَادِ وَمَعَ  هَذَا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ  مِنْ الْوُصُولِ إلَى قَبْرِ   الْخَلِيلِ  - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ -  فَكَانَ   السَّفَرُ إلَى زِيَارَةِ قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ  مُمْتَنِعًا  عَلَى عَهْدِ   الصَّحَابَةِ  وَالتَّابِعِينَ وَإِنَّمَا  حَدَثَ بَعْدَهُمْ .  فَالْأَنْبِيَاءُ كَثِيرُونَ جِدًّا وَمَا يُضَافُ إلَيْهِمْ  مِنْ الْقُبُورِ قَلِيلٌ جِدًّا ; وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ عُرْفًا . فَالْقُبُورُ الْمُضَافَةُ إلَيْهِمْ مِنْهَا مَا يُعْلَمُ  أَنَّهُ كَذِبٌ : مِثْلُ " قَبْرِ   نُوحٍ  " الَّذِي  فِي أَسْفَلِ جَبَلِ   لُبْنَانَ  . وَمِنْهَا مَا لَا  يُعْلَمُ ثُبُوتُهُ  بِالْإِجْمَاعِ  - إلَّا   قَبْرَ نَبِيِّنَا   وَالْخَلِيلِ  وَمُوسَى  -  فَإِنَّ  هَذَا  مِنْ كَرَامَةِ   مُحَمَّدٍ  وَأُمَّتِهِ ;  فَإِنَّ اللَّهَ صَانَ قُبُورَ  الْأَنْبِيَاءِ عَنْ أَنْ  تَكُونَ مَسَاجِدَ صِيَانَةً لَمْ يَحْصُلْ مِثْلُهَا  فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ ;  لِأَنَّ   مُحَمَّدًا  وَأُمَّتَهُ أَظْهَرُوا التَّوْحِيدَ إظْهَارًا لَمْ يُظْهِرْهُ غَيْرُهُمْ . فَقَهَرُوا عُبَّادَ الْأَوْثَانِ وَعُبَّادَ  الصُّلْبَانِ وَعُبَّادَ  النِّيرَانِ  .  وَكَمَا  أَخْفَى اللَّهُ بِهِمْ الشِّرْكَ  فَأَظْهَرَ اللَّهُ   بِمُحَمَّدِ  وَأُمَّتِهِ  مِنْ  الْإِيمَانِ  بِالْأَنْبِيَاءِ وَتَعْظِيمِهِمْ وَتَعْظِيمِ مَا جَاءُوا  بِهِ وَإِعْلَانِ ذِكْرِهِمْ بِأَحْسَنِ الْوُجُوهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِثْلُهُ  فِي أُمَّةٍ  مِنْ الْأُمَمِ  وَفِي الْقُرْآنِ يَأْمُرُ بِذِكْرِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {   وَاذْكُرْ  فِي الْكِتَابِ إبْرَاهِيمَ إنَّهُ  كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا   }   {   وَاذْكُرْ  فِي الْكِتَابِ  مُوسَى إنَّهُ  كَانَ مُخْلَصًا  وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا   }  الْآيَاتُ . وَقَوْلُهُ :   {   اصْبِرْ  عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إنَّهُ أَوَّابٌ   }  وَذَكَرَ بَعْدَهُ   سُلَيْمَانَ  إلَى قَوْلِهِ :   {   وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إذْ نَادَى  رَبَّهُ   }  إلَى قَوْلِهِ :   {   وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ  أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ   }  إلَى قَوْلِهِ   {   وَاذْكُرْ إسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ   }  .  فَأَمَرَ بِذِكْرِ هَؤُلَاءِ .  وَأَمَّا  مُوسَى  وَقَبْلَهُ   نُوحٌ   وَهُودٌ   وَصَالِحٌ  فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ  فِي   قَوْله تَعَالَى   {   كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ   }   {   وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ   }   {   إنْ كُلٌّ إلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ  فَحَقَّ عِقَابِ   }  . وَقَدْ  أَمَرَ بِذِكْرِ  مُوسَى  وَغَيْرِهِ أَيْضًا  فِي سُورَةٍ  أُخْرَى  كَمَا تَقَدَّمَ . فَاَلَّذِي  أَظْهَرَهُ اللَّهُ   بِمُحَمَّدِ  وَأُمَّتِهِ  مِنْ ذِكْرِ  الْأَنْبِيَاءِ بِأَفْضَلِ الذِّكْرِ وَأَخْبَارِهِمْ وَمَدْحِهِمْ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَوُجُوبِ  الْإِيمَانِ بِمَا جَاءُوا  بِهِ وَالْحُكْمِ بِالْكُفْرِ  عَلَى مَنْ  كَفَرَ بِوَاحِدِ مِنْهُمْ وَقَتْلِهِ وَقَتْلِ مَنْ  سَبَّ  أَحَدًا مِنْهُمْ  وَنَحْوِ  ذَلِكَ  مِنْ تَعْظِيمِ أَقْدَارِهِمْ : مَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ  فِي مِلَّةٍ  مِنْ الْمِلَلِ .