تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَأَمَّا السَّلَامُ الْمُطْلَقُ الْعَامُّ فَالْأَمْرُ بِهِ مِنْ خَصَائِصِهِ كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ مِنْ خَصَائِصِهِ . وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى غَيْرِهِ عُمُومًا وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهِ خُصُوصًا نِزَاعٌ . وَقَدْ عَدَّى بَعْضُهُمْ ذَلِكَ إلَى السَّلَامِ فَجَعَلَهُ مُخْتَصًّا بِهِ كَمَا اخْتَصَّ بِالصَّلَاةِ . وَحُكِيَ هَذَا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الجويني ; لَكِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ . وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَفِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى : { إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } فَهُنَا أَخْبَرَ وَأَمَرَ . وَأَمَّا فِي حَقِّ عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبَرَ وَلَمْ يَأْمُرْ فَقَالَ تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ } . وَلِهَذَا إذَا ذَكَرَ الْخُطَبَاءُ ذَلِكَ قَالُوا : إنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرِ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِهِ وَأَيَّهَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَرِيَّتِهِ أَيْ قَالَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } . فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَدَأَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِهِ لَكِنْ لَمْ يُؤَيِّهْ فِيهَا بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَرِيَّتِهِ . وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : { إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ } .