مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَقَدْ   مَيَّزَ اللَّهُ بَيْنَ حَقِّهِ وَحَقِّ الرَّسُولِ  فِي مِثْلِ قَوْلِهِ :   {   وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ   }  فَالطَّاعَةُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَالْخَشْيَةُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالتَّقْوَى لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا يُخْشَى مَخْلُوقٌ وَلَا يُتَّقَى مَخْلُوقٌ لَا  مَلَكٌ وَلَا نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا .  قَالَ تَعَالَى : {  وَقَالَ اللَّهُ لَا  تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ   }   {  وَلَهُ مَا  فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  وَلَهُ الدِّينُ  وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ  آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ  وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلَّا اللَّهَ  فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ   }  .  وَقَالَ تَعَالَى :   {  فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا  تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا   }  .  وَكَذَلِكَ مَيَّزَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ  فِي   قَوْله تَعَالَى {   وَلَوْ  أَنَّهُمْ رَضُوا مَا  آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ  وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ  مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إنَّا إلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ   }  فَفِي الْإِيتَاءِ  قَالَ :   {  آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ   }  لِأَنَّ الرَّسُولَ هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللَّهِ  فِي تَبْلِيغِ  أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَتَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ  . فَالْحَلَالُ مَا حَلَّلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالدِّينُ مَا  شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ .  قَالَ تَعَالَى : {   وَمَا  آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا  نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا   }  فَلِهَذَا  قَالَ تَعَالَى :   {   وَلَوْ  أَنَّهُمْ رَضُوا مَا  آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ  وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ   }  وَلَمْ يَقُلْ هُنَا : " وَرَسُولُهُ " ;  لِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ حَسْبُ جَمِيعِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى :   {   يَا  أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ   }  أَيْ هُوَ حَسْبُك وَحَسْبُ مَنْ اتَّبَعَك  مِنْ الْمُؤْمِنِينَ .  وَقَالَ تَعَالَى : {   إنَّ  وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ   }  ذَكَرَ  هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ :   {   إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ  مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ   }  - إلَى قَوْلِهِ -   {   قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ  ثُمَّ كِيدُونِ  فَلَا تُنْظِرُونِ   }   {   إنَّ  وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ   }  . عَنْ  ابْنِ عَبَّاسٍ  قَالَ : هُمْ الَّذِينَ لَا يَعْدِلُونَ بِاَللَّهِ فَيَتَوَلَّاهُمْ وَيَنْصُرُهُمْ وَلَا تَضُرُّهُمْ عَدَاوَةُ مَنْ  عَادَاهُمْ  .  كَمَا  قَالَ تَعَالَى :   {   إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا  فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ   }  .  ثُمَّ  قَالَ تَعَالَى مِمَّا يَأْمُرُهُمْ :   {   سَيُؤْتِينَا اللَّهُ  مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إنَّا إلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ   }  فَأَمَرَهُمْ أَنْ  يَجْعَلُوا الرَّغْبَةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {   فَإِذَا فَرَغْتَ  فَانْصَبْ   }   {   وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ   }  وَهَذَا  لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَمْلِكُ لِلْمَخْلُوقِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا  .  وَهَذَا عَامٌّ  فِي أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ  قَالَ تَعَالَى : {   قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ  مِنْ دُونِهِ  فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا   }   {   أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى  رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ  أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ  وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ  كَانَ مَحْذُورًا   }  .  قَالَ  طَائِفَةٌ  مِنْ   السَّلَفِ  ابْنُ عَبَّاسٍ  وَغَيْرُهُ : هَذِهِ الْآيَةُ  فِي الَّذِينَ عَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ  وَالْأَنْبِيَاءَ  كَالْمَسِيحِ  وَعُزَيْرَ  .  وَقَالَ  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ  :  كَانَ قَوْمٌ  مِنْ الْإِنْسِ يَعْبُدُونَ قَوْمًا  مِنْ الْجِنِّ  فَأَسْلَمَ الْجِنُّ  وَبَقِيَ أُولَئِكَ  عَلَى عِبَادَتِهِمْ  . فَالْآيَةُ تَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ  دَعَا  مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ هُوَ صَالِحٌ عِنْدَ اللَّهِ  مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ  قَالَ تَعَالَى : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَعَوْتُمُوهُمْ {  فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا   }   {   أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى  رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ  أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ  وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ  كَانَ مَحْذُورًا   }  قَالَ  أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَطِيَّةَ  فِي تَفْسِيرِهِ  :  أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى  أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَعْبُودِينَ يَطْلُبُونَ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ وَالتَّزَلُّفَ إلَيْهِ  وَأَنَّ هَذِهِ حَقِيقَةُ  حَالِهِمْ  . وَالضَّمِيرُ  فِي (  رَبِّهِمْ لِلْمُبْتَغِينَ أَوْ لِلْجَمِيعِ . و ( الْوَسِيلَةُ هِيَ الْقُرْبَةُ وَسَبَبُ الْوُصُولِ إلَى الْبُغْيَةِ وَتَوَسَّلَ الرَّجُلُ إذَا  طَلَبَ الدُّنُوَّ  وَالنَّيْلَ  لِأَمْرِ مَا وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   مَنْ سَأَلَ اللَّهَ  لِي الْوَسِيلَةَ   }  الْحَدِيثُ .  وَهَذَا الَّذِي  ذَكَرَهُ  ذَكَرَ  سَائِرَ الْمُفَسِّرِينَ [ نَحْوَهُ إلَّا  أَنَّهُ ] بَرَزَ  بِهِ  عَلَى غَيْرِهِ  فَقَالَ : و {   أَيُّهُمْ   }  ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ   {  أَقْرَبُ   }  و   {   أُولَئِكَ   }  يُرَادُ بِهِمْ الْمَعْبُودُونَ وَهُوَ  ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ   {   يَبْتَغُونَ   }  . وَالضَّمِيرُ  فِي   {   يَدْعُونَ   }  لِلْكُفَّارِ  وَفِي   {   يَبْتَغُونَ   }  لِلْمَعْبُودِينَ . وَالتَّقْدِيرُ نَظَرُهُمْ وَذِكْرُهُمْ   {   أَيُّهُمْ  أَقْرَبُ   }  .  وَهَذَا  كَمَا  قَالَ  عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  فِي حَدِيثِ الرَّايَةِ   بِخَيْبَرِ  : فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا  أَيْ يَتَبَارَوْنَ  فِي طَلَبِ الْقُرْبِ .  قَالَ   رَحِمَهُ اللَّهُ وَطَفَّفَ  الزَّجَّاجُ  فِي  هَذَا الْمَوْضِعِ فَتَأَمَّلْهُ . وَلَقَدْ صَدَقَ  فِي  ذَلِكَ  فَإِنَّ  الزَّجَّاجَ  ذَكَرَ  فِي قَوْلِهِ :   {   أَيُّهُمْ  أَقْرَبُ   }  وَجْهَيْنِ  كِلَاهُمَا  فِي غَايَةِ الْفَسَادِ . وَقَدْ  ذَكَرَ  ذَلِكَ عَنْهُ  ابْنُ الْجَوْزِيِّ  وَغَيْرُهُ وَتَابَعَهُ  المهدوي  والبغوي  وَغَيْرُهُمَا .  وَلَكِنَّ  ابْنَ عَطِيَّةَ  كَانَ  أَقْعَدَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْمَعَانِي  مِنْ هَؤُلَاءِ  وَأَخْبَرَ بِمَذْهَبِ  سِيبَوَيْهِ  وَالْبَصْرِيِّينَ  فَعَرَفَ تَطْفِيفَ  الزَّجَّاجِ  مَعَ عِلْمِهِ   رَحِمَهُ اللَّهُ  بِالْعَرَبِيَّةِ وَسَبْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِمَا يَعْرِفُهُ  مِنْ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ . وَأُولَئِكَ  لَهُمْ بَرَاعَةٌ وَفَضِيلَةٌ  فِي أُمُورٍ يَبْرُزُونَ  فِيهَا  عَلَى  ابْنِ عَطِيَّةَ  .  لَكِنَّ دِلَالَةَ الْأَلْفَاظِ  مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ هُوَ بِهَا  أَخْبَرُ  وَإِنْ  كَانُوا هُمْ  أَخْبَرَ بِشَيْءِ آخَرَ  مِنْ الْمَنْقُولَاتِ أَوْ غَيْرِهَا .  وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى  أَنَّ  الْمَسِيحَ  وَإِنْ  كَانَ رَسُولًا كَرِيمًا فَإِنَّهُ  عَبَدَ اللَّهَ فَمَنْ  عَبَدَهُ فَقَدْ  عَبَدَ مَا لَا يَنْفَعُهُ وَلَا يَضُرُّهُ  قَالَ تَعَالَى : {   لَقَدْ  كَفَرَ الَّذِينَ  قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ  الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ  وَقَالَ  الْمَسِيحُ يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ  رَبِّي  وَرَبَّكُمْ إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ  مِنْ أَنْصَارٍ   }   {   لَقَدْ  كَفَرَ الَّذِينَ  قَالُوا إنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا  مِنْ إلَهٍ إلَّا إلَهٌ وَاحِدٌ  وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا  عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ  أَلِيمٌ   }   {  أَفَلَا يَتُوبُونَ إلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ   }   {   مَا  الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلَّا رَسُولٌ قَدْ  خَلَتْ  مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ  كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ  كَيْفَ نُبَيِّنُ  لَهُمُ الْآيَاتِ  ثُمَّ انْظُرْ  أَنَّى يُؤْفَكُونَ   }   {   قُلْ أَتَعْبُدُونَ  مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ   }  . وَقَدْ  أَمَرَ تَعَالَى  أَفْضَلَ الْخَلْقِ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُ لِغَيْرِهِ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا  فَقَالَ تَعَالَى : {   قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إلَّا مَا  شَاءَ اللَّهُ   }  وَقَالَ :   {   قُلْ إنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا   }   {   قُلْ إنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ  مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا   }   {   إلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ  وَرِسَالَاتِهِ   }  يَقُولُ : لَنْ يُجِيرَنِي  مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ إنْ عَصَيْته  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {   قُلْ إنِّي  أَخَافُ إنْ عَصَيْتُ  رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ   }   {   وَلَنْ أَجِدَ  مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا   }  أَيْ مَلْجَأً أَلْجَأُ إلَيْهِ .   {   إلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ  وَرِسَالَاتِهِ   }  أَيْ لَا يُجِيرُنِي مِنْهُ أَحَدٌ إلَّا طَاعَتُهُ أَنْ أُبَلِّغَ مَا أُرْسِلْت  بِهِ إلَيْكُمْ  فَبِذَلِكَ تَحْصُلُ  الْإِجَارَةُ وَالْأَمْنُ .  وَقِيلَ أَيْضًا : {   لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا   }  لَا أَمْلِكُ إلَّا تَبْلِيغَ مَا أُرْسِلْت  بِهِ مِنْهُ . وَمِثْلُ  هَذَا  فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ .  فَتَبَيَّنَ  أَنَّ   الْأَمْنَ  مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَحُصُولَ السَّعَادَةِ إنَّمَا هُوَ بِطَاعَتِهِ تَعَالَى  لِقَوْلِهِ :   {   مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ  رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ   }  أَيْ لَوْ لَمْ تَدْعُوهُ  كَمَا  أَمَرَ فَتُطِيعُوهُ فَتَعْبُدُوهُ وَتُطِيعُوا رُسُلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْبَأُ بِكُمْ شَيْئًا .  وَهَذِهِ   الْوَسِيلَةُ الَّتِي  أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُبْتَغَى إلَيْهِ  فَقَالَ تَعَالَى :   {   يَا  أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ   }  قَالَ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ  كَابْنِ عَبَّاسٍ  وَمُجَاهِدٍ  وَعَطَاءٍ  وَالْفَرَّاءِ  : الْوَسِيلَةُ الْقُرْبَةُ  .  قَالَ  قتادة  :  تَقَرَّبُوا إلَى اللَّهِ بِمَا يُرْضِيهِ  .  قَالَ  أَبُو  عُبَيْدَةَ  : تَوَسَّلْت إلَيْهِ أَيْ تَقَرَّبْت .  وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ  :  تَحَبَّبُوا إلَى اللَّهِ . وَالتَّحَبُّبُ وَالتَّقَرُّبُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ .  فَالْإِيمَانُ بِالرَّسُولِ وَطَاعَتُهُ هُوَ  وَسِيلَةُ الْخَلْقِ إلَى اللَّهِ لَيْسَ  لَهُمْ  وَسِيلَةٌ يَتَوَسَّلُونَ بِهَا أَلْبَتَّةَ إلَّا  الْإِيمَانُ بِرَسُولِهِ وَطَاعَتُهُ . وَلَيْسَ لِأَحَدِ  مِنْ الْخَلْقِ  وَسِيلَةٌ إلَى اللَّهِ  تَبَارَكَ وَتَعَالَى إلَّا بِوَسِيلَةِ  الْإِيمَانِ بِهَذَا الرَّسُولِ الْكَرِيمِ وَطَاعَتِهِ . وَهَذِهِ يُؤْمَرُ بِهَا الْإِنْسَانُ حَيْثُ  كَانَ  مِنْ الْأَمْكِنَةِ  وَفِي كُلِّ وَقْتٍ . وَمَا  خُصَّ  مِنْ الْعِبَادَاتِ  بِمَكَانِ كَالْحَجِّ أَوْ زَمَانٍ كَالصَّوْمِ وَالْجُمْعَةِ فَكُلٌّ  فِي  مَكَانِهِ وَزَمَانِهِ . وَلَيْسَ لِنَفْسِ الْحُجْرَةِ  مِنْ دَاخِلٍ - فَضْلًا عَنْ جِدَارِهَا  مِنْ خَارِجٍ - اخْتِصَاصٌ بِشَيْءِ  فِي شَرْعِ الْعِبَادَاتِ وَلَا فِعْلِ شَيْءٍ مِنْهَا . فَالْقُرْبُ  مِنْ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِالْبُعْدِ مِنْهُ  بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ  . وَالْمَسْجِدُ  خُصَّ بِالْفَضِيلَةِ  فِي حَيَاتِهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وُجُودِ الْقَبْرِ فَلَمْ تَكُنْ فَضِيلَةُ مَسْجِدِهِ  لِذَلِكَ وَلَا اسْتَحَبَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَلَا أَحَدٌ  مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا عُلَمَاءِ  أُمَّتِهِ أَنْ يُجَاوِرَ أَحَدٌ عِنْدَ قَبْرٍ وَلَا يَعْكُفَ عَلَيْهِ لَا قَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ وَلَا قَبْرِ غَيْرِهِ وَلَا أَنْ يَقْصِدَ السُّكْنَى قَرِيبًا  مِنْ قَبْرٍ أَيَّ قَبْرٍ  كَانَ .  وَسُكْنَى  الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ  هُوَ أَفْضَلُ  فِي حَقِّ مَنْ تَتَكَرَّرُ طَاعَتُهُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ  فِيهَا أَكْثَرُ .  كَمَا  كَانَ الْأَمْرُ  لَمَّا  كَانَ  النَّاس مَأْمُورِينَ بِالْهِجْرَةِ إلَيْهَا .  فَكَانَتْ الْهِجْرَةُ إلَيْهَا وَالْمُقَامُ بِهَا  أَفْضَلَ  مِنْ جَمِيعِ الْبِقَاعِ   مَكَّةَ  وَغَيْرِهَا . بَلْ  كَانَ  ذَلِكَ وَاجِبًا  مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ .  فَلَمَّا فُتِحَتْ   مَكَّةُ  قَالَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ  وَنِيَّةٌ   }  وَكَانَ مَنْ أَتَى  مِنْ   أَهْلِ   مَكَّةَ  وَغَيْرِهِمْ لِيُهَاجِرَ وَيَسْكُنَ  الْمَدِينَةَ  يَأْمُرُهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى  مَدِينَتِهِ وَلَا يَأْمُرُهُ بِسُكْنَاهَا .  كَمَا  كَانَ  عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُ النَّاسَ  عَقِبَ الْحَجِّ أَنْ يَذْهَبُوا إلَى بِلَادِهِمْ لِئَلَّا يُضَيِّقُوا  عَلَى   أَهْلِ   مَكَّةَ  .  وَكَانَ يَأْمُرُ كَثِيرًا  مِنْ أَصْحَابِهِ وَقْتَ الْهِجْرَةِ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى  أَمَاكِنَ أُخَرَ لِوِلَايَةِ  مَكَانٍ وَغَيْرِهِ  وَكَانَتْ طَاعَةُ الرَّسُولِ بِالسَّفَرِ إلَى غَيْرِ  الْمَدِينَةِ  أَفْضَلَ  مِنْ الْمُقَامِ عِنْدَهُ  بِالْمَدِينَةِ  حِينَ  كَانَتْ  دَارَ الْهِجْرَةِ  فَكَيْفَ بِهَا بَعْدَ  ذَلِكَ ؟ إذْ  كَانَ الَّذِي يَنْفَعُ النَّاسَ طَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .  وَأَمَّا مَا سِوَى  ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُمْ لَا قَرَابَةٌ وَلَا  مُجَاوَرَةٌ وَلَا غَيْرُ  ذَلِكَ  كَمَا  ثَبَتَ عَنْهُ  فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ  أَنَّهُ  قَالَ : {   يَا  فَاطِمَةُ  بِنْتَ مُحَمَّدٍ  لَا  أُغْنِي  عَنْك  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا . يَا  صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ  لَا  أُغْنِي  عَنْك  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا  عَبَّاسُ  عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ  لَا  أُغْنِي  عَنْك  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا   }  .  قَالَ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   إنَّ  آلَ  أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا  لِي بأولياء إنَّمَا  وَلِيِّي اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ   }  .  وَقَالَ :   {   إنَّ أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ حَيْثُ  كَانُوا وَمَنْ  كَانُوا   }  . وَقَدْ  قَالَ تَعَالَى :   {   إنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا   }  فَهُوَ  تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُدَافِعُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ  كَانُوا . فَاَللَّهُ هُوَ الدَّافِعُ وَالسَّبَبُ هُوَ  الْإِيمَانُ .  وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَقُولُ  فِي خُطْبَتِهِ :   {  مِنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ  رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ وَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا   }  قَالَ تَعَالَى :   {   وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ  أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا   }  .  وَأَمَّا   مَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ  مِنْ  أَنَّ الْبَلَاءَ يَنْدَفِعُ عَنْ أَهْلِ بَلَدٍ أَوْ إقْلِيمٍ بِمَنْ هُوَ مَدْفُونٌ عِنْدَهُمْ  مِنْ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ  كَمَا يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ  أَنَّهُ يَنْدَفِعُ عَنْ   أَهْلِ   بَغْدَادَ  الْبَلَاءُ لِقُبُورِ ثَلَاثَةٍ :  أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ  وَبِشْرٍ الْحَافِي  وَمَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ  وَيَظُنُّ بَعْضُهُمْ  أَنَّهُ يَنْدَفِعُ الْبَلَاءُ عَنْ   أَهْلِ  الشَّامِ  بِمَنْ عِنْدَهُمْ  مِنْ قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ   الْخَلِيلِ  وَغَيْرِهِ   عَلَيْهِمْ السَّلَامُ  . وَبَعْضُهُمْ يَظُنُّ  أَنَّهُ يَنْدَفِعُ الْبَلَاءُ عَنْ   أَهْلِ   مِصْرَ  بِنَفِيسَةَ  أَوْ غَيْرِهَا . أَوْ يَنْدَفِعُ عَنْ   أَهْلِ   الْحِجَازِ   بِقَبْرِ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   وَأَهْلِ   الْبَقِيعِ  أَوْ غَيْرِهِمْ . فَكُلُّ  هَذَا غُلُوٌّ مُخَالِفٌ  لِدِينِ الْإِسْلَامِ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ  وَالْإِجْمَاعِ  .  فَالْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ  كَانَ عِنْدَهُ  مِنْ قُبُورِ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَا  شَاءَ اللَّهُ  فَلَمَّا  عَصَوْا  الْأَنْبِيَاءَ وَخَالَفُوا مَا  أَمَرَ اللَّهُ  بِهِ وَرُسُلُهُ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ مَنْ انْتَقَمَ مِنْهُمْ . وَالرُّسُلُ الْمَوْتَى مَا عَلَيْهِمْ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ وَقَدْ بَلَّغُوا رِسَالَةَ  رَبِّهِمْ .  وَكَذَلِكَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ اللَّهُ تَعَالَى  فِي حَقِّهِ :   {   إنْ عَلَيْكَ إلَّا الْبَلَاغُ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   وَمَا  عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ   }  . وَقَدْ  ضَمِنَ اللَّهُ لِكُلِّ مَنْ  أَطَاعَ الرَّسُولَ أَنْ يَهْدِيَهُ وَيَنْصُرَهُ . فَمَنْ خَالَفَ أَمْرَ الرَّسُولِ اسْتَحَقَّ الْعَذَابَ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ أَحَدٌ  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا .  كَمَا {  قَالَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا  عَبَّاسُ  عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ  لَا  أُغْنِي  عَنْك  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا . يَا  صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ  لَا  أُغْنِي  عَنْك  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا  فَاطِمَةُ  بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ  لَا  أُغْنِي  عَنْك  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا   }  .  وَقَالَ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لِمَنْ وَلَّاهُ  مِنْ أَصْحَابِهِ :   {   لَا  ألفين أَحَدَكُمْ يَأْتِي يَوْمَ  الْقِيَامَةِ  عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ  أَغِثْنِي . فَأَقُولُ : لَا أَمْلِكُ  لَك  مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُك   }  وَكَانَ   أَهْلُ  الْمَدِينَةِ  فِي خِلَافَةِ  أَبِي بَكْرٍ  وَعُمَرَ  وَصَدْرٍ  مِنْ خِلَافَةِ  عُثْمَانَ  عَلَى أَفْضَلِ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ  لِتَمَسُّكِهِمْ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ .  ثُمَّ  تَغَيَّرُوا بَعْضَ التَّغَيُّرِ بِقَتْلِ  عُثْمَانَ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  وَخَرَجَتْ الْخِلَافَةُ النَّبَوِيَّةُ  مِنْ عِنْدِهِمْ  وَصَارُوا رَعِيَّةً لِغَيْرِهِمْ .  ثُمَّ  تَغَيَّرُوا بَعْضَ التَّغَيُّرِ فَجَرَى عَلَيْهِمْ  عَامَ الْحَرَّةِ  مِنْ الْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَغَيْرِ  ذَلِكَ  مِنْ الْمَصَائِبِ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ  ذَلِكَ . وَاَلَّذِي فَعَلَ بِهِمْ  ذَلِكَ  وَإِنْ  كَانَ ظَالِمًا مُعْتَدِيًا فَلَيْسَ هُوَ  أَظْلَمَ مِمَّنْ فَعَلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَأَصْحَابِهِ مَا فَعَلَ وَقَدْ  قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :   {  أَوَلَمَّا  أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ  أَنَّى  هَذَا قُلْ هُوَ  مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ   }  وَقَدْ  كَانَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مَدْفُونِينَ  بِالْمَدِينَةِ  .  وَكَذَلِكَ  الشَّامُ  كَانُوا  فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ  فِي سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ  ثُمَّ جَرَتْ فِتَنٌ  وَخَرَجَ الْمُلْكُ  مِنْ أَيْدِيهِمْ  ثُمَّ سُلِّطَ عَلَيْهِمْ الْمُنَافِقُونَ الْمَلَاحِدَةُ   وَالنَّصَارَى  بِذُنُوبِهِمْ وَاسْتَوْلَوْا  عَلَى   بَيْتِ الْمَقْدِسِ  وَقَبْرِ   الْخَلِيلِ  وَفَتَحُوا الْبِنَاءَ الَّذِي  كَانَ عَلَيْهِ وَجَعَلُوهُ كَنِيسَةً .  ثُمَّ صَلَحَ دِينُهُمْ  فَأَعَزَّهُمْ اللَّهُ وَنَصَرَهُمْ  عَلَى عَدُوِّهِمْ  لَمَّا  أَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاتَّبَعُوا مَا  أُنْزِلَ إلَيْهِمْ  مِنْ  رَبِّهِمْ . فَطَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ قُطْبُ السَّعَادَةِ وَعَلَيْهَا تَدُورُ {   وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ  أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا   }  وَكَانَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَقُولُ  فِي خُطْبَتِهِ :   {   مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ  رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا  فَلَا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا   }  .   وَمَكَّةُ  نَفْسُهَا لَا يُدْفَعُ الْبَلَاءُ عَنْ أَهْلِهَا وَيُجْلَبُ  لَهُمْ الرِّزْقُ إلَّا بِطَاعَتِهِمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ .  كَمَا  قَالَ   الْخَلِيلُ   عَلَيْهِ السَّلَامُ   {  رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ  مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ  رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ  لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ   }  .  وَكَانُوا  فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَظِّمُونَ حُرْمَةَ الْحَرَمِ وَيَحُجُّونَ وَيَطُوفُونَ   بِالْبَيْتِ  وَكَانُوا خَيْرًا  مِنْ غَيْرِهِمْ  مِنْ الْمُشْرِكِينَ . وَاَللَّهُ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ .  وَكَانُوا يُكْرَمُونَ مَا لَا يُكْرَمُ غَيْرُهُمْ وَيُؤْتَوْنَ مَا لَا يُؤْتَاهُ غَيْرُهُمْ لِكَوْنِهِمْ  كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِدِينِ   إبْرَاهِيمَ  بِأَعْظَمَ مِمَّا  تَمَسَّكَ  بِهِ غَيْرُهُمْ . وَهُمْ  فِي الْإِسْلَامِ إنْ  كَانُوا  أَفْضَلَ  مِنْ غَيْرِهِمْ  كَانَ جَزَاؤُهُمْ بِحَسَبِ فَضْلِهِمْ  وَإِنْ  كَانُوا  أَسْوَأَ عَمَلًا  مِنْ غَيْرِهِمْ  كَانَ جَزَاؤُهُمْ بِحَسَبِ سَيِّئَاتِهِمْ . فَالْمَسَاجِدُ وَالْمَشَاعِرُ إنَّمَا يَنْفَعُ فَضْلُهَا لِمَنْ عَمِلَ  فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ  عَزَّ  وَجَلَّ .  وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْبِقَاعِ لَا يَحْصُلُ بِهَا ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ وَإِنَّمَا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ  عَلَى الْأَعْمَالِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَالْمَنْهِيِّ عَنْهَا .  وَكَانَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ آخَى بَيْنَ  سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ  وَأَبِي الدَّرْدَاءِ  وَكَانَ  أَبُو الدَّرْدَاءِ   بِدِمَشْقَ  وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ   بِالْعِرَاقِ  فَكَتَبَ  أَبُو الدَّرْدَاءِ  إلَى  سَلْمَانَ  : هَلُمَّ إلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ . فَكَتَبَ إلَيْهِ  سَلْمَانُ  : إنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ  أَحَدًا وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الرَّجُلَ عَمَلُهُ  . وَالْمُقَامُ بِالثُّغُورِ لِلْجِهَادِ أَفْضَلُ  مِنْ سُكْنَى الْحَرَمَانِ  بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ  .  وَلِهَذَا  كَانَ سُكْنَى   الصَّحَابَةِ  بِالْمَدِينَةِ  أَفْضَلَ لِلْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ . وَاَللَّهُ تَعَالَى : هُوَ الَّذِي  خَلَقَ الْخَلْقَ . وَهُوَ الَّذِي يَهْدِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ وَيَنْصُرُهُمْ . وَكُلُّ مَنْ سِوَاهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا  مِنْ  ذَلِكَ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {   قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ  مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ  فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا  فِي الْأَرْضِ وَمَا  لَهُمْ  فِيهِمَا  مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ  مِنْ ظَهِيرٍ   }   {   وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ   }  وَقَدْ فَسَّرُوهَا بِأَنَّهُ يُؤْذَنُ لِلشَّافِعِ وَالْمَشْفُوعِ لَهُ جَمِيعًا  فَإِنَّ سَيِّدَ الشُّفَعَاءِ يَوْمَ  الْقِيَامَةِ   مُحَمَّدًا   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  إذَا  أَرَادَ الشَّفَاعَةَ  قَالَ :   {   فَإِذَا رَأَيْت  رَبِّي خَرَرْت لَهُ سَاجِدًا  وَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ يَفْتَحُهَا عَلَيَّ لَا أُحْسِنُهَا الْآنَ  فَيُقَالُ  لِي : ارْفَعْ رَأْسَك وَقُلْ تُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهُ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ .  قَالَ فَيَحُدُّ  لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ   }  .  وَكَذَلِكَ  ذَكَرَ  فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ .  وَلِهَذَا  قَالَ تَعَالَى :   {   وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ  مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ   }  فَأَخْبَرَ  أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ  دُونَ اللَّهِ . وَقَوْلُهُ : " إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ هُمْ أَصْحَابُ الشَّفَاعَةِ مِنْهُمْ الشَّافِعُ وَمِنْهُمْ الْمَشْفُوعُ لَهُ . وَقَدْ  ثَبَتَ  فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {  أَنَّهُ سَأَلَهُ  أَبُو هُرَيْرَةَ  فَقَالَ : مَنْ  أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِك يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟  فَقَالَ : يَا  أَبَا هُرَيْرَةَ  لَقَدْ ظَنَنْت أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ  هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ  أَوَّلَ مِنْك لِمَا رَأَيْت  مِنْ حِرْصِك  عَلَى الْحَدِيثِ .  أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ  الْقِيَامَةِ مَنْ  قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا  مِنْ قَلْبِهِ   }  . رَوَاهُ  الْبُخَارِيُّ  فَجَعَلَ  أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ  أَكْمَلَهُمْ إخْلَاصًا .  وَقَالَ  فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : {   إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ  ثُمَّ  صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ  صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا  ثُمَّ  سَلُوا اللَّهَ  لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ  فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدِ  مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ  أَكُونَ  ذَلِكَ الْعَبْدَ فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ  لِي الْوَسِيلَةَ  حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ  الْقِيَامَةِ   }  . فَالْجَزَاءُ  مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ فَقَدْ  أَخْبَرَ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْ  صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا . وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ  حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتُهُ يَوْمَ  الْقِيَامَةِ " . وَلَمْ يَقُلْ  كَانَ  أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي بَلْ  قَالَ : {  أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ  الْقِيَامَةِ مَنْ  قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا  مِنْ قَلْبِهِ   }  . فَعُلِمَ  أَنَّ مَا يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ  مِنْ شَفَاعَةِ الرَّسُولِ وَغَيْرِهَا لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ  مِنْ الْأَعْمَالِ  وَإِنْ  كَانَ صَالِحًا كَسُؤَالِهِ الْوَسِيلَةَ لِلرَّسُولِ  فَكَيْفَ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ  بِهِ  مِنْ الْأَعْمَالِ بَلْ  نَهَى عَنْهُ ؟ فَذَاكَ لَا  يَنَالُ  بِهِ خَيْرًا لَا  فِي الدُّنْيَا وَلَا  فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ غُلُوِّ   النَّصَارَى  فِي  الْمَسِيحِ   عَلَيْهِ السَّلَامُ  فَإِنَّهُ يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ . وَنَظِيرُ  هَذَا مَا  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  عَنْهُ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً  وَإِنِّي اخْتَبَأْت دَعْوَتِي شَفَاعَةً  لِأُمَّتِي يَوْمَ  الْقِيَامَةِ فَهِيَ  نَائِلَةٌ إنْ  شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا   }  .  وَكَذَلِكَ  فِي أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ كُلِّهَا إنَّمَا يَشْفَعُ  فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ فَبِحَسَبِ تَوْحِيدِ الْعَبْدِ لِلَّهِ وَإِخْلَاصِهِ دِينَهُ لِلَّهِ يَسْتَحِقُّ كَرَامَةَ الشَّفَاعَةِ وَغَيْرِهَا .  وَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَّقَ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ وَالْحَمْدَ وَالذَّمَّ  بِالْإِيمَانِ  بِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ فَمَنْ  كَانَ  أَكْمَلَ  فِي  ذَلِكَ  كَانَ  أَحَقَّ بِتَوَلِّي اللَّهِ لَهُ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .  ثُمَّ جَمِيعُ عِبَادِهِ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُهُمْ وَهُوَ الَّذِي يَدْفَعُ عَنْهُمْ الْمَكَارِهَ وَهُوَ الَّذِي يَقْصِدُونَهُ  فِي النَّوَائِبِ .  قَالَ تَعَالَى : {   وَمَا بِكُمْ  مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ  ثُمَّ إذَا  مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ   }  أَيْ بَدَلًا عَنْ الرَّحْمَنِ .  هَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {   وَلَوْ  نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً  فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ   }  أَيْ لَجَعَلْنَا بَدَلًا مِنْكُمْ  كَمَا  قَالَهُ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :  فَلَيْتَ لَنَا  مِنْ  مَاءِ  زَمْزَمَ  شَرْبَةً  مُبَرَّدَةً بَاتَتْ  عَلَى الطَّهَيَانِ  أَيْ بَدَلًا  مِنْ  مَاءِ  زَمْزَمَ  .  فَلَا يَكْلَأُ الْخَلْقَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَيَحْفَظُهُمْ وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ الْمَكَارِهَ إلَّا اللَّهُ .  قَالَ تَعَالَى : {   أَمَّنْ  هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ  مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إنِ الْكَافِرُونَ إلَّا  فِي غُرُورٍ   }   {   أَمَّنْ  هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إنْ  أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ  لَجُّوا  فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ   }  .  وَمَنْ  ظَنَّ  أَنَّ أَرْضًا مُعَيَّنَةً تَدْفَعُ عَنْ أَهْلِهَا الْبَلَاءَ مُطْلَقًا لِخُصُوصِهَا أَوْ لِكَوْنِهَا  فِيهَا قُبُورُ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَهُوَ  غالط . فَأَفْضَلُ الْبِقَاعِ   مَكَّةُ  وَقَدْ عَذَّبَ اللَّهُ أَهْلَهَا عَذَابًا عَظِيمًا  فَقَالَ تَعَالَى : {  وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً  كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا  مِنْ كُلِّ  مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ  الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا  كَانُوا يَصْنَعُونَ   }   {   وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ  فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ   }  .