مسألة تاليةمسألة سابقة
متن:
فَصْلٌ وَأَمَّا التَّغْيِيرُ فَمِثْلُ مَا رَوَى أَبُو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إلَّا مِنْ بَأْسٍ } فَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ الْجَائِزَةُ فِيهَا بَأْسٌ كُسِرَتْ وَمِثْلُ تَغْيِيرِ الصُّورَةِ الْمُجَسَّمَةِ وَغَيْرِ الْمُجَسَّمَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً ; مِثْلُ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ : { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : إنِّي أَتَيْتُك اللَّيْلَةَ ; فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَدْخَلَ عَلَيْك الْبَيْتَ إلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالُ رَجُلٍ كَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ ; فَأَمَرَ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ فَيُصَيَّرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ ; وَأَمَرَ بِالسِّتْرِ يُقْطَعُ فَيُجْعَلُ فِي وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآنِ وَأَمَرَ بِالْكَلْبِ يُخْرَجُ . فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا الْكَلْبُ جَرْوٌ كَانَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ تَحْتَ نَضِيدٍ لَهُمْ } رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَأَبُو داود والترمذي وَصَحَّحَهُ . كُلُّ مَا كَانَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ التَّأْلِيفِ الْمُحَرَّمِ فَإِزَالَتُهُ وَتَغْيِيرُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ إرَاقَةِ خَمْرِ الْمُسْلِمِ ; وَتَفْكِيكِ آلَاتِ الْمَلَاهِي ; وَتَغْيِيرِ الصُّوَرِ الْمُصَوَّرَةِ ; وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ إتْلَافِ مَحِلِّهَا تَبَعًا لِلْحَالِ وَالصَّوَابُ جَوَازُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا . وَالصَّوَابُ إنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَهُوَ حَرَامٌ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ وَالْحَشِيشَةُ القنبية وَغَيْرُ ذَلِكَ . وَأَمَّا التَّغْرِيمُ : فَمِثْلُ مَا رَوَى أَبُو داود وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ السُّنَنِ عَنْ { النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَبْلَ أَنْ يُؤْوِيَهُ إلَى الْجَرِينِ : أَنَّ عَلَيْهِ جَلَدَاتُ نَكَالٍ وَغُرْمُهُ مَرَّتَيْنِ . وَفِيمَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَاشِيَةِ قَبْلَ أَنْ تُؤْوَى إلَى الْمَرَاحِ : أَنَّ عَلَيْهِ جَلَدَاتُ نَكَالٍ وَغُرْمُهُ مَرَّتَيْنِ } . وَكَذَلِكَ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الضَّالَّةِ الْمَكْتُومَةِ أَنَّهُ يُضَعَّفُ غُرْمُهَا وَبِذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ; مِثْلُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ وَأَضْعَفَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ الْغُرْمَ فِي نَاقَةِ أَعْرَابِيٍّ أَخَذَهَا مَمَالِيكُ جِيَاعٌ فَأَضْعَفَ الْغُرْمَ عَلَى سَيِّدِهِمْ وَدَرَأَ عَنْهُمْ الْقَطْعَ . وَأَضْعَفَ عُثْمَانُ بْنُ عفان فِي الْمُسْلِمِ إذَا قَتَلَ الذِّمِّيَّ عَمْدًا إنَّهُ يُضَعَّفُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ ; لِأَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَأَخَذَ بِذَلِكَ . أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ .