مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ : فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أُلْزِمُوا بِلِبَاسِ غَيْرِ لِبَاسِهِمْ الْمُعْتَادِ وَزِيٍّ غَيْرِ زِيِّهِمْ الْمَأْلُوفِ وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ أَلْزَمَهُمْ بِتَغْيِيرِ عَمَائِمِهِمْ وَأَنْ تَكُونَ خِلَافَ عَمَائِمِ الْمُسْلِمِينَ فَحَصَلَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ فِي الطَّرَقَاتِ وَالْفَلَوَاتِ وَتَجَرَّأَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِهِ السُّفَهَاءُ وَالرَّعَاعُ وَآذَوْهُمْ غَايَةَ الْأَذَى وَطَمِعَ بِذَلِكَ فِي إهَانَتِهِمْ وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِمْ . فَهَلْ يَسُوغُ لِلْإِمَامِ رَدُّهُمْ إلَى زِيِّهِمْ الْأَوَّلِ وَإِعَادَتِهِمْ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مَعَ حُصُولِ التَّمْيِيزِ بِعَلَامَةِ يُعْرَفُونَ بِهَا ؟ وَهَلْ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ أَمْ لَا ؟ .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ : فَأَجَابَهُمْ مِنْ مَنْعِ التَّوْفِيقِ وَصَدٍّ عَنْ الطَّرِيقِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَأَنَّ لِلْإِمَامِ إعَادَتَهُمْ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ . قَالَ شَيْخُنَا : فَجَاءَتْنِي الْفَتْوَى . فَقُلْت : لَا تَجُوزُ إعَادَتُهُمْ وَيَجِبُ إبْقَاؤُهُمْ عَلَى الزِّيِّ الَّذِي يَتَمَيَّزُونَ بِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ . فَذَهَبُوا ثُمَّ غَيَّرُوا الْفُتْيَا ثُمَّ جَاءُوا بِهَا فِي قَالَبٍ آخَرَ فَقُلْت : لَا تَجُوزُ إعَادَتُهُمْ . فَذَهَبُوا ثُمَّ أَتَوْا بِهَا فِي قَالِبٍ آخَرَ فَقُلْت : هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُعَيَّنَةُ وَإِنْ خَرَجَتْ فِي عِدَّةِ قَوَالِبَ . قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ : ثُمَّ ذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَى السُّلْطَانِ وَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ بِكَلَامِ عَجِبَ مِنْهُ الْحَاضِرُونَ فَأَطْبَقَ الْقَوْمُ عَلَى إبْقَائِهِمْ . وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .