تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ " الْخُلْعِ " : هَلْ هُوَ طَلَاقٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثَّلَاثِ ؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَنِيَّتِهِ ؟
12345
وَأَهْلُ الْيَمَنِ إلَى الْيَوْمِ تَقُولُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا : طَلِّقْنِي . فَيَقُولُ لَهَا : اُبْذُلِي لِي فَتَبْذُلُ لَهُ الصَّدَاقَ أَوْ غَيْرَهُ فَيُطَلِّقُهَا . فَهَذَا عَامَّةُ طَلَاقِهِمْ وَقَدّ أَفْتَاهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّ هَذَا فِدْيَةٌ وَفِرَاقٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقِ . وَرَدَّ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ وَفِدَاءٍ مَرَّةً . فَهَذَا نَقْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفُتْيَاهُ وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْقُرْآنِ بِمَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ . وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ مُقْتَضَى نُصُوصِ أَحْمَد وَأُصُولُهُ فَهُوَ مُقْتَضَى أُصُولِ الشَّرْعِ وَنُصُوصِ الشَّارِعِ ; فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْعُقُودِ بِمَقَاصِدِهَا وَمَعَانِيهَا ; لَا بِأَلْفَاظِهَا . فَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِاللَّفْظَيْنِ وَاحِدًا لَمْ يَجُزْ اخْتِلَافُ حُكْمِهِمَا . وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى الْوَاحِدُ إنْ شَاءَ الْعَبْدُ جَعَلَهُ طَلَاقًا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا [ كَانَ تَلَاعُبًا ] وَهَذَا بَاطِلٌ وَقَدْ أَوْرَدُوا عَلَى هَذَا : أَنَّ الْمُعْتَقَةَ تَحْتَهُ إذَا خَيَّرَهَا زَوْجُهَا فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَلَهَا أَنْ تَفْسَخَ النِّكَاحَ لِأَجْلِ عِتْقِهَا . قَالُوا : فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ مَعَ الْعِوَضِ يَمْلِكُ إيقَاعَ فَسْخٍ وَيَمْلِكُ إيقَاعَ طَلَاقٍ . وَهَذَا الْقِيَاسُ ضَعِيفٌ ; فَإِنَّ هَذِهِ إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا : فَتَكُونُ مُخَيَّرَةً بَيْنَ إيقَاعِ فُرْقَةٍ بَائِنَةٍ وَبَيْنَ إيقَاعِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ . وَهَذَا مُسْتَقِيمٌ ; كَمَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يَخْلَعَهَا مُفَارَقَةً فُرْقَةً بَائِنَةً وَبَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَا عِوَضٍ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ; وَإِنَّمَا الْمُخَالِفُ لِلْأُصُولِ أَنْ يَمْلِكَ فُرْقَةً بَائِنَةً إنْ شَاءَ جَعَلَهَا فَسْخًا وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا طَلَاقًا وَالْمَقْصُودُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْفُرْقَةُ الْبَائِنَةُ ; وَالْأَمْرُ إلَيْهِ فِي جَعْلِهَا طَلَاقًا أَوْ غَيْرَ طَلَاقٍ : فَهَذَا هُوَ الْمُنْكَرُ الَّذِي يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ إنْ شَاءَ جَعَلَ الْعَقْدَ الْوَاحِدَ طَلَاقًا وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ غَيْرَ طَلَاقٍ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ . وَأَيْضًا فَاَلَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ هُوَ قَصْدُ الْأَفْعَالِ وَغَايَتُهَا ; وَأَمَّا الْأَحْكَامُ فَإِلَى الشَّارِعِ . فَالشَّارِعُ يُفَرِّقُ بَيْنَ حُكْمِ هَذَا الْفِعْلِ وَحُكْمِ هَذَا الْفِعْلِ ; لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ بِالْفِعْلَيْنِ . فَإِذَا كَانَ مَقْصُودُ الرَّجُلِ بِهَا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ وَنَفْيِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَقْصُودَ الْفُرْقَةِ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ . وَأَيْضًا فَمَعْنَى الِافْتِدَاءِ ثَابِتٌ فِيمَا إذَا سَأَلَتْهُ أَنْ يُفَارِقَهَا بِعِوَضِ ; وَاَللَّهُ عَلَّقَ حُكْمَ الْخُلْعِ بِمُسَمَّى الْفِدْيَةِ فَحَيْثُ وُجِدَ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ الْخُلْعُ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى . وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الرَّجْعَةَ مِنْ لَوَازِمِ الطَّلَاقِ فِي الْقُرْآنِ ; فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ تَعَالَى طَلَاقَ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا وَأَثْبَتَ فِيهِ الرَّجْعَةَ ; فَلَوْ كَانَ الِافْتِدَاءُ طَلَاقًا لَثَبَتَ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَهَذَا يُزِيلُ مَعْنَى الِافْتِدَاءِ ; إذْ هُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ ; فَإِنَّا نَعْلَمُ مَنْ قَالَ : إنَّ الْخُلْعَ الْمُطْلَقَ يَمْلِكُ فِيهِ الْعِوَضَ وَيَسْتَحِقُّ فِيهِ الرَّجْعَةَ . لَكِنْ قَالَ طَائِفَةٌ هُوَ غَيْرُ لَازِمٍ ; فَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعِوَضَ وَرَاجَعَهَا ; وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الرَّجْعَةَ فِي الْعِوَضِ : هَلْ يَصِحُّ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ : هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ . وَبُطْلَانُ الْجَمْعِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ أَحْمَد . ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُوجِبُ الْعِوَضَ وَيَرُدُّ الرَّجْعَةَ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُ الرَّجْعَةَ وَيُبْطِلُ الْعِوَضَ . وَهُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ ; وَلَيْسَ عَنْ أَحْمَد فِي ذَلِكَ نَصٌّ . وَقِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَد صِحَّتُهُ بِهَذَا الشَّرْطِ كَمَا لَوْ بَذَلَتْ مَالًا عَلَى أَنْ تَمْلِكَ أَمْرَهَا . فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ جَوَازُ الشَّرْطِ فِي الْعُقُودِ إلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَى فَسَادِهَا دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ وَلَيْسَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ عِنْدَهُ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ; بَلْ مَا خَالَفَ مَقْصُودَ الشَّارِعِ وَنَاقَضَ حُكْمَهُ ; كَاشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتَقِ وَاشْتِرَاطِ الْبَائِعِ لِلْوَطْءِ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَأَيْضًا فَالْفَرْقُ بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ فِي الْخُلْعِ قَوْلٌ مُحْدَثٌ لَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ : لَا الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا تَابِعِيهِمْ . وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ ; بَلْ ذَكَرَ : أَنَّهُ يَحْسَبُ أَنَّ الصَّحَابَةَ يُفَرِّقُونَ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ نَقْلًا لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ . وَالشَّافِعِيُّ ذَكَرَ هَذَا فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ . وَرَجَّحَ فِيهِ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَلَيْسَ بِفَسْخِ فَلَمْ يُجِزْ هَذَا الْقَوْلَ لِمَا ظَنَّهُ مِنْ تَنَاقُضِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُ بِلَفْظِ طَلَاقًا بَائِنًا مِنْ الثَّلَاثِ وَبِلَفْظِ لَيْسَ مِنْ الثَّلَاثِ فَلِمَا ظَنَّهُ مِنْ تَنَاقُضِهِ عَدَلَ عَنْ تَرْجِيحِهِ . وَلَكِنَّ هَذَا التَّنَاقُضَ لَمْ يَنْقُلْهُ : لَا هُوَ ; وَلَا أَحَدٌ غَيْرُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ الْقَائِلِينَ بِهِ وَلَا مَنْ اتَّبَعَهُ . كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ ; وَإِنَّمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد لَمَّا وَجَدُوا غَيْرَهُمْ قَدْ ذَكَرُوا الْفَرْقَ فِيهِ بَيْنَ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ ; وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ كَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ والطحاوي : أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا ; وَإِنَّمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَالْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ قَاطِبَةً : إمَّا جَعْلُ الْخُلْعِ فُرْقَةً بَائِنَةً وَلَيْسَ بِطَلَاقِ . وَإِمَّا جَعْلُهُ طَلَاقًا . وَمَا رَأَيْت فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ وَلَا اُعْتُبِرَ فِيهِ عَدَمُ نِيَّةِ الطَّلَاقِ ; بَلْ قَدْ يَقُولُونَ كَمَا يَقُولُ عِكْرِمَةُ : كُلُّ ما أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ : مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا مَقْصُودَ الْعَقْدِ ; لَا لَفْظًا مُعَيَّنًا وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ وَالنُّصُوصِ . وَبِبُطْلَانِ هَذَا الْفَرْقِ يَسْتَدِلُّ مَنْ يَجْعَلُ الْجَمِيعَ طَلَاقًا : فَيُبْطِلُ الْقَوْلَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ . وَهَذَا الْفَرْقُ إذَا قِيلَ بِهِ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْحُجَجِ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ فَسْخًا ; وَلِهَذَا عَدَلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ تَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ ; لِمَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ أَهْلَهُ يُفَرِّقُونَ . وَأَيْضًا فَفِي السُّنَنِ أَنَّ { فَيْرُوزَ الديلمي أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلِّقْ أَيَّتَهمَا شِئْت قَالَ : فَعَمَدْت إلَى أَسْبَقِهِمَا صُحْبَةً فَفَارَقْتهَا } . وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ فَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فُرْقَةٌ بَائِنَةٌ ; وَلَيْسَتْ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ قَدْ تَنَاوَلَ مَا هُوَ فَسْخٌ لَيْسَ مِنْ الثَّلَاثِ . وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ إذَا قَالَ : قَدْ طَلَقَتْ هَذِهِ كَانَ ذَلِكَ فُرْقَةً لَهَا وَاخْتِيَارًا لِلْأُخْرَى ; خِلَافَ مَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد : أَنَّهُ إذَا قَالَ لِإِحْدَاهُمَا طَلِّقْهَا كَانَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا لَهَا . قَالُوا : لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا لِزَوْجَةٍ . فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالْعُقُولِ ; فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ لِلْمَرْأَةِ زَاهِدٌ فِيهَا رَاغِبٌ عَنْهَا فَكَيْفَ يَكُونُ مُخْتَارًا لَهَا مُرِيدًا لِبَقَائِهَا وَإِنَّمَا أَوْقَعَهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا ظَنُّهُمْ أَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا هُوَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَهَذَا ظَنٌّ فَاسِدٌ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ وَإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ . وَأَيْضًا فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَجْعَلْ الشَّارِعُ لَهُ لَفْظًا مُعَيَّنًا ; بَلْ إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِأَيِّ لَفْظٍ يَحْتَمِلُهُ وَقَعَ عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يُنَازِعْ فِي ذَلِكَ إلَّا بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشِّيعَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ ; وَلَا يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ عَنْ السَّلَفِ . فَإِذَا قَالَ : فَارَقْتُك . أَوْ سَرَّحْتُك . أَوْ : سَيَّبْتُك . وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْكِنَايَاتِ . فَإِذَا أَتَى بِهَذِهِ الْكِنَايَاتِ مَعَ الْعِوَضِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ لَهُ : سَرِّحْنِي أَوْ سَيِّبْنِي بِأَلْفِ أَوْ فَارِقْنِي بِأَلْفِ أَوْ خَلِّنِي بِأَلْفِ . فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْ تَقُولَ : فادني بِأَلْفِ أَوْ اخْلَعْنِي بِأَلْفِ أَوْ افْسَخْ نِكَاحِي بِأَلْفِ . وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَلْفَاظِ الْكِنَايَاتِ . مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ وَالْفَسْخِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَنَوَى بِهِمَا الطَّلَاقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَهُمَا مِنْ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ . فَأَيُّ فَرْقٍ فِي أَلْفَاظِ الْكِنَايَاتِ بَيْنَ لَفْظٍ وَلَفْظٍ