تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَصْلٌ جَاءَ فِي حَدِيثٍ { إنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ الْكُفْرُ وَالْكِبْرُ } وَهَذَا صَحِيحٌ فَإِنَّ هَذَيْنِ الذَّنَبَيْنِ أَسَاسُ كُلِّ ذَنْبٍ فِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَإِنَّ إبْلِيسَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ أَوَّلًا وَهُوَ أَصْلُ ذَلِكَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إلَّا إبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } وَقَالَ : { إلَّا إبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ } فَجَعَلَ الْكِبْرَ يُضَادُّ الْإِيمَانَ . وَكَذَلِكَ الشِّرْكُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : { إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ مَاتَ وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ } قَالَ : وَأَنَا أَقُولُ : مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ . ثُمَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفَرِدُ لَهُ أَحَدُهُمَا وَالْمُؤْمِنُ الصَّالِحُ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إمَّا أَنْ يَخْضَعَ لِلَّهِ وَحْدَهُ أَوْ يَخْضَعَ لِغَيْرِهِ مَعَ خُضُوعِهِ لَهُ أَوْ لَا يَخْضَعُ لَا لِلَّهِ وَلَا لِغَيْرِهِ فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُؤْمِنُ وَالثَّانِي هُوَ الْمُشْرِكُ وَالثَّالِثُ هُوَ الْمُتَكَبِّرُ الْكَافِرُ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَافِرًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَالنَّصَارَى آفَتُهُمْ الشِّرْكُ وَالْيَهُودُ آفَتُهُمْ الْكِبْرُ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ النَّصَارَى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا وَاحِدًا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وَقَالَ عَنْ الْيَهُودِ : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } وَلِهَذَا عُوقِبَتْ الْيَهُودُ بِضَرْبِ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ عَلَيْهِمْ وَالنَّصَارَى بِالضَّلَالِ وَالْبِدَعِ وَالْجَهَالَةِ .