مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَقَالَ : فَصْل   الْعِبَادَاتُ الْمَأْمُورُ بِهَا  ;  كَالْإِيمَانِ الْجَامِعِ وَكَشُعَبِهِ مِثْلَ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ ; وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ ; وَالْجِهَادِ  وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ ; وَغَيْرِ  ذَلِكَ  لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ وَرُبَّمَا لَمْ يَشْرَعْ  لَهَا إلَّا  حَالَانِ ;  لِأَنَّ الْعَبْدَ إمَّا أَنْ يَقْتَصِرَ  عَلَى الْوَاجِبِ  فَقَطْ ; وَإِمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْمُسْتَحَبِّ  فِيهَا وَإِمَّا أَنْ يَنْقُصَ عَنْ الْوَاجِبِ  فِيهَا  . فَالْأَوَّلُ حَالُ الْمُقْتَصِدِينَ  فِيهَا  وَإِنْ  كَانَ سَابِقًا  فِي غَيْرِهَا . وَالثَّانِي حَالُ السَّابِقِ  فِيهَا . وَالثَّالِثُ حَالُ الظَّالِمِ  فِيهَا .  وَالْعِبَادَةُ الْكَامِلَةُ تَارَةً تَكُونُ مَا أُدِّيَ  فِيهَا الْوَاجِبُ وَتَارَةً مَا أَتَى  فِيهَا بِالْمُسْتَحَبِّ . وَبِإِزَاءِ الْكَامِلَةِ النَّاقِصَةِ قَدْ يَعْنِي بِالنَّقْصِ  نَقْصَ بَعْضِ وَاجِبَاتِهَا وَقَدْ يَعْنِي  بِهِ تَرْكَ بَعْضِ مُسْتَحَبَّاتِهَا .  فَأَمَّا تَفْسِيرُ الْكَامِلِ بِمَا كَمُلَ  بالمستحبات فَهُوَ غَالِبُ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ  فِي الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِ  ذَلِكَ ; فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ : الْوُضُوءُ يَنْقَسِمُ : إلَى كَامِلٍ وَمُجْزِئٍ . وَالْغُسْلُ يَنْقَسِمُ إلَى كَامِلٍ وَمُجْزِئٍ . وَيُرِيدُونَ بِالْمُجْزِئِ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوَاجِبِ وَبِالْكَامِلِ مَا  أُتِيَ  فِيهِ بِالْمُسْتَحَبِّ  فِي الْعَدَدِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ ; وَغَيْرِ  ذَلِكَ . وَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلُوا مَا جَاءَ  فِي حَدِيثِ  ابْنِ مَسْعُودٍ  مَرْفُوعًا :   {   إذَا  قَالَ  فِي رُكُوعِهِ : سُبْحَانَ  رَبِّي الْعَظِيمَ ثَلَاثًا فَقَدْ  تَمَّ رُكُوعُهُ  وَذَلِكَ  أَدْنَاهُ . وَإِذَا  قَالَ  فِي سُجُودِهِ : سُبْحَانَ  رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا فَقَدْ  تَمَّ سُجُودُهُ  وَذَلِكَ  أَدْنَاهُ   }  فَقَالُوا :  أَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ  يَعْنُونَ :  أَدْنَى الْكَمَالِ الْمَسْنُونِ .  وَقَالُوا : أَقَلُّ الْوِتْرِ رَكْعَةٌ  وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ فَجَعَلُوا لِلْكَمَالِ  أَدْنَى  وَأَعْلَى ;  وَكِلَاهُمَا  فِي الْكَمَالِ الْمَسْنُونِ لَا الْمَفْرُوضِ . ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ  فِي   حَرْفِ النَّفْيِ الدَّاخِلِ  عَلَى الْمُسَمَّيَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَقَوْلِهِ : {   لَا  قِرَاءَةَ  إلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ   }   {   وَلَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ  مِنْ اللَّيْلِ   }   {   وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ   }   {   وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُذْكَرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ   }  فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ : هُوَ لِنَفْيِ الْفِعْلِ  فَلَا يُجْزِئُ مَعَ  هَذَا النَّفْيُ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : هُوَ لِنَفْيِ الْكَمَالِ . يُرِيدُونَ نَفْيَ الْكَمَالِ الْمَسْنُونِ . وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِمَا كَمُلَ بِالْوَاجِبِ فَهُوَ  فِي عُرْفِ الشَّارِعِ لَكِنْ الْمَوْجُودُ  فِيهِ كَثِيرًا لَفْظُ التَّمَامِ كَقَوْلِهِ : {   وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ   }  وَالْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ الْوَاجِبِ الْإِتْمَامُ بِالْوَاجِبَاتِ  وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {  ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ   }  وَقَوْلُهُ .   {   لَا تَتِمُّ صَلَاةُ عِيدٍ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ   }  الْحَدِيثَ . وَقَوْلُهُ :   {  فَمَا انْتَقَصْت  مِنْ  هَذَا فَقَدْ انْتَقَصْت  مِنْ صَلَاتِك   }  وَيُمْكِنُ أَنْ  يُقَالَ  فِي إتْمَامِ الْحَجِّ وَالصِّيَامِ  وَنَحْوِ  ذَلِكَ : هُوَ أَمْرٌ مُطْلَقٌ بِالْإِتْمَامِ وَاجِبُهُ وَمُسْتَحَبُّهُ  فَمَا  كَانَ وَاجِبًا فَالْأَمْرُ  بِهِ إيجَابٌ وَمَا  كَانَ مُسْتَحَبًّا فَالْأَمْرُ  بِهِ اسْتِحْبَابٌ وَجَاءَ لَفْظُ التَّمَامِ  فِي قَوْلِهِ : {   فَقَدْ  تَمَّ رُكُوعُهُ  وَذَلِكَ  أَدْنَاهُ   }  وَقَوْلُهُ :   {  أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ  فَإِنَّ  إقَامَةَ الصَّفِّ  مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ   }  وَرُوِيَ   {  مِنْ  إقَامَةِ الصَّلَاةِ   }  . وَالنَّقْصُ بِإِزَاءِ التَّمَامِ وَالْكَمَالِ كَقَوْلِهِ :   {   مَنْ   صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ  فِيهَا بِأُمِّ الْكِتَابِ  فَهِيَ خِدَاجٌ   }  فَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ : هُوَ  نَقْصُ الْوَاجِبَاتِ ;  لِأَنَّ الْخِدَاجَ هُوَ النَّاقِصُ  فِي أَعْضَائِهِ وَأَرْكَانِهِ  . وَآخَرُونَ يَقُولُونَ : هُوَ النَّاقِصُ عَنْ  كَمَالِهِ الْمُسْتَحَبِّ .  فَإِنَّ النَّقْصَ يُسْتَعْمَلُ  فِي نَقْصِ الِاسْتِحْبَابِ كَثِيرًا  كَمَا تَقَدَّمَ  فِي تَقْسِيمِ الْفُقَهَاءِ الطَّهَارَةَ إلَى كَامِلٍ وَمُجْزِئٍ لَيْسَ بِكَامِلِ وَمَا لَيْسَ بِكَامِلٍ فَهُوَ نَاقِصٌ . وَقَوْلُهُ : {   فَقَدْ  تَمَّ رُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ  وَذَلِكَ  أَدْنَاهُ   }  وَمَا لَمْ يَتِمَّ فَهُوَ نَاقِصٌ  وَإِنْ  كَانَ مُجْزِئًا .