تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ غَمَسَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا مِنْ قِيَامِهِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ : فَهَلْ هَذَا الْمَاءُ يَكُونُ طَهُورًا ؟ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي غَسْلِ الْيَدِ إذَا بَاتَتْ طَاهِرَةً ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ .
12
وَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصْلٌ وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنْ يَغْمِسَ الْقَائِمُ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا } فَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَنْجِيسَ الْمَاءِ بِالِاتِّفَاقِ بَلْ قَدْ يَكُونُ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ أَثَرًا وَأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى التَّأْثِيرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَعْظَمَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّنْجِيسِ . وَأَيْضًا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ ; فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ } فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْغَسْلَ لَيْسَ مُسَبَّبًا عَنْ النَّجَاسَةِ بَلْ هُوَ مُعَلَّلٌ بِمَبِيتِ الشَّيْطَانِ عَلَى خَيْشُومِهِ . وَالْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ : { فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ } يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ذَلِكَ فَتَكُونُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مِنْ الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ الَّتِي شَهِدَ لَهَا النَّصُّ بِالِاعْتِبَارِ . وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ بَعْدَ الْبَوْلِ فَهَذَا إنْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَنَهْيِهِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ وَقَوْلُهُ : { فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ } فَإِنَّهُ إذَا بَالَ فِي الْمُسْتَحَمِّ ثُمَّ اغْتَسَلَ حَصَلَ لَهُ وَسْوَاسٌ وَرُبَّمَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَوْلِ فَعَادَ عَلَيْهِ رَشَاشُهُ وَكَذَلِكَ إذَا بَالَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ اغْتَسَلَ فِيهِ فَقَدْ يَغْتَسِلُ قَبْلَ الِاسْتِحَالَةِ مَعَ بَقَاءِ أَجْزَاءِ الْبَوْلِ ; فَنُهِيَ عَنْهُ لِذَلِكَ . وَنَهْيُهُ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ إنْ صَحَّ يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَهَذَا قَدْ يَكُونُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْذِيرِ الْمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ ; لَا لِأَجْلِ نَجَاسَتِهِ وَلَا لِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا ; فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ الْمَاءَ لَا يَجْنُبُ } .