وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تُدْرِكُهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي مَدْرَسَةٍ ; فَيَجِدُ فِي الْمَدَارِسِ بِرَكًا فِيهَا مَاءٌ لَهُ مُدَّةٌ كَثِيرَةٌ وَمِثْلُ مَاءِ الْحَمَّامِ الَّذِي فِي الْحَوْضِ : فَهَلْ يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ وَالطَّهَارَةُ أَمْ لَا ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ كَحَدِيثِ عَائِشَةَ ; وَأُمِّ سَلَمَةَ ; وَمَيْمُونَةَ ; وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ وَزَوْجَتُهُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَقُولَ لَهَا : أَبْقِي لِي وَتَقُولَ هِيَ : أَبْقِ لِي } . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ { قَالَ : كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَغْتَسِلُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءٌ جَارٍ وَلَا حَمَّامٌ } . فَإِذَا كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ جَمِيعًا وَيَغْتَسِلُونَ جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ بِقَدْرِ الْفَرْقِ وَهُوَ بِضْعَةَ عَشَرَ رِطْلًا بِالْمِصْرِيِّ أَوْ أَقَلُّ وَلَيْسَ لَهُمْ يَنْبُوعٌ وَلَا أُنْبُوبٌ فَتَوَضُّؤُهُمْ وَاغْتِسَالُهُمْ جَمِيعًا مِنْ حَوْضِ الْحَمَّامِ أَوْلَى وَأَحْرَى فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْحَوْضُ نَاقِصًا وَالْأُنْبُوبُ مَسْدُودًا ; فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْأُنْبُوبُ مَفْتُوحًا ؟ وَسَوَاءٌ فَاضَ أَوْ لَمْ يَفِضْ . وَكَذَلِكَ بِرَكُ الْمَدَارِسِ وَمَنْ مَنَعَ غَيْرَهُ حَتَّى يَنْفَرِدَ وَحْدَهُ بِالِاغْتِسَالِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لَلسُّنَّةِ .