وَسُئِلَ عَنْ   قَوْمٍ مُنْتَسِبِينَ إلَى الْمَشَايِخِ يتوبونهم عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَالسَّرِقَةِ وَأَلْزَمُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِكَوْنِهِمْ  يُصَلُّونَ صَلَاةَ عَادَةِ الْبَادِيَةِ فَهَلْ تَجِبُ  إقَامَةُ حُدُودِ الصَّلَاةِ  أَمْ لَا ؟ . 
				
				
				 فَأَجَابَ :  أَمَّا الصَّلَاةُ فَقَدْ  قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {   فَوَيْلٌ  لِلْمُصَلِّينَ   }   {   الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ   }   {   الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ   }   {   وَيَمْنَعُونَ  الْمَاعُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {  فَخَلَفَ  مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ  أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ  فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا   }  فَقَدْ  ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى  فِي كِتَابِهِ   الَّذِينَ  يُصَلُّونَ إذَا سَهَوْا عَنْ الصَّلَاةِ  وَذَلِكَ  عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يُؤَخِّرَهَا عَنْ وَقْتِهَا .  الثَّانِي : أَنْ لَا يُكَمِّلَ وَاجِبَاتِهَا :  مِنْ الطَّهَارَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالْخُشُوعِ وَغَيْرِ  ذَلِكَ .  كَمَا  ثَبَتَ  فِي الصَّحِيحِ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ :   {   تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ - ثَلَاثَ مِرَارٍ - يَتَرَقَّبُ الشَّمْسَ حَتَّى إذَا  كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ  شَيْطَانٍ قَامَ  فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ  فِيهَا إلَّا قَلِيلًا   }  .  فَجَعَلَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  صَلَاةَ الْمُنَافِينَ   التَّأْخِيرَ وَقِلَّةَ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَقَدْ  قَالَ تَعَالَى : {   إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلَّا قَلِيلًا   }  وَقَالَ :   {   إنَّ الْمُنَافِقِينَ  فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ  لَهُمْ نَصِيرًا   }   {   إلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ  وَسَوْفَ  يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا   }  .  وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :   {  فَخَلَفَ  مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ  أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ  فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا   }  فَقَدْ  قَالَ بَعْضُ   السَّلَفِ  : إضَاعَتُهَا تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا وَإِضَاعَةُ حُقُوقِهَا قَالُوا :  وَكَانُوا  يُصَلُّونَ وَلَوْ تَرَكُوهَا  لَكَانُوا كُفَّارًا ; فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ إلَّا  تَرْكُ الصَّلَاةِ   }  وَقَالَ :   {   الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ  تَرَكَهَا فَقَدْ  كَفَرَ   }  وَفِي الْحَدِيثِ :   {   إنَّ الْعَبْدَ إذَا كَمَّلَ الصَّلَاةَ صَعِدَتْ  وَلَهَا بُرْهَانٌ كَبُرْهَانِ الشَّمْسِ . وَتَقُولُ حَفِظَك اللَّهُ  كَمَا حَفِظْتنِي وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهَا فَإِنَّهَا تُلَفُّ  كَمَا يُلَفُّ الثَّوْبُ وَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُ صَاحِبِهَا وَتَقُولُ ضَيَّعَك اللَّهُ  كَمَا ضَيَّعْتنِي   }  .  وَفِي   السُّنَنِ  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   إنَّ الْعَبْدَ لَيَنْصَرِفُ  مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يُكْتَبْ لَهُ إلَّا نِصْفُهَا ; إلَّا ثُلُثُهَا إلَّا رُبْعُهَا إلَّا خُمُسُهَا ; إلَّا سُدُسُهَا . حَتَّى  قَالَ : إلَّا عُشْرُهَا   }  وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ  : لَيْسَ  لَك  مِنْ صَلَاتِك إلَّا مَا عَقَلْت مِنْهَا  . وَقَوْلُهُ :   {   وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ   }  الَّذِي يُشْتَغَلُ بِهَا عَنْ  إقَامَةِ الصَّلَاةِ -  كَمَا  أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  - بِنَوْعِ  مِنْ أَنْوَاعِ الشَّهَوَاتِ : كَالرَّقَصِ وَالْغِنَاءِ : وَأَمْثَالِ  ذَلِكَ . وَفِي   الصَّحِيحَيْنِ  :   {  أَنَّ رَجُلًا  دَخَلَ الْمَسْجِدَ  فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  . فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ : وَعَلَيْك السَّلَامُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ  تُصَلِّ فَرَجَعَ  فَصَلَّى  ثُمَّ  أَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ : وَعَلَيْك السَّلَامُ ارْجِعْ  فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ  تُصَلِّ . . مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا .  فَقَالَ : وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهَا فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي  فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ : إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مِمَّا تَيَسَّرَ  مَعَك  مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ؟  ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ افْعَلْ  ذَلِكَ  فِي صَلَاتِك كُلِّهَا   }  .  وَفِي   السُّنَنِ  عَنْهُ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ  فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ   }   {  وَنَهَى عَنْ نَقْرٍ كَنَقْرِ الْغُرَابِ   }  .   وَرَأَى  حُذَيْفَةُ  رَجُلًا  يُصَلِّي لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ  فَقَالَ : لَوْ  مُتّ  مُتّ  عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا   مُحَمَّدًا   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَوْ  قَالَ : لَوْ مَاتَ  هَذَا  . رَوَاهُ  ابْنُ خزيمة  فِي صَحِيحِهِ  .