وَسُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ   يُؤَخِّرُونَ صَلَاةَ اللَّيْلِ إلَى النَّهَارِ لِأَشْغَالِ  لَهُمْ  مِنْ زَرْعٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ خِدْمَةِ أُسْتَاذٍ أَوْ غَيْرِ  ذَلِكَ . فَهَلْ يَجُوزُ  لَهُمْ  ذَلِكَ ؟ أَمْ لَا ؟ . 
				
				
				 وَإِذَا   اسْتَيْقَظَ آخِرَ وَقْتِ الْفَجْرِ فَإِذَا اغْتَسَلَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ  فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ هُنَا يَقُولُونَ : يَغْتَسِلُ  وَيُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهَذَا مَذْهَبُ  أَبِي حَنِيفَةَ  وَالشَّافِعِيِّ  وَأَحْمَد   وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ  فِي مَذْهَبِ  مَالِكٍ  .  وَقَالَ  فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ : بَلْ يَتَيَمَّمُ أَيْضًا هُنَا  وَيُصَلِّي قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا تَقَدَّمَ  فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ  لِأَنَّ الصَّلَاةَ  فِي الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ خَيْرٌ  مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ بِالْغُسْلِ  . وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِأَنَّ الْوَقْتَ  فِي حَقِّ  النَّائِمِ هُوَ  مِنْ حِينِ يَسْتَيْقِظُ كَمَا  قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   {   مَنْ  نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ  نَسِيَهَا  فَلْيُصَلِّهَا إذَا  ذَكَرَهَا  فَإِنَّ  ذَلِكَ وَقْتُهَا   }  . فَالْوَقْتُ  فِي حَقِّ  النَّائِمِ هُوَ  مِنْ حِينِ يَسْتَيْقِظُ وَمَا قَبْلَ  ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَقْتًا  فِي حَقِّهِ .  وَإِذَا  كَانَ  كَذَلِكَ فَإِذَا   اسْتَيْقَظَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاغْتِسَالُ وَالصَّلَاةُ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِهَا  فَقَدْ  صَلَّى الصَّلَاةَ  فِي وَقْتِهَا وَلَمْ يُفَوِّتْهَا ; بِخِلَافِ مَنْ اسْتَيْقَظَ  فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ  فَإِنَّ الْوَقْتَ  فِي حَقِّهِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَوِّتَ الصَّلَاةَ .  وَكَذَلِكَ مَنْ  نَسِيَ صَلَاةً  وَذَكَرَهَا   فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَغْتَسِلُ  وَيُصَلِّي  فِي  أَيِّ وَقْتٍ  كَانَ وَهَذَا هُوَ الْوَقْتُ  فِي حَقِّهِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَيْقِظْ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا اسْتَيْقَظَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  لَمَّا  نَامُوا عَنْ الصَّلَاةِ  عَامَ خَيْبَرَ فَإِنَّهُ  يُصَلِّي بِالطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ  وَإِنْ أَخَّرَهَا إلَى حِينِ الزَّوَالِ فَإِذَا قُدِّرَ  أَنَّهُ  كَانَ جُنُبًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَيَغْتَسِلُ  وَإِنْ أَخَّرَهَا إلَى قَرِيبِ الزَّوَالِ وَلَا  يُصَلِّي هُنَا بِالتَّيَمُّمِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ  الْمَكَانِ الَّذِي  نَامَ  فِيهِ كَمَا انْتَقَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَأَصْحَابُهُ عَنْ  الْمَكَانِ الَّذِي  نَامُوا  فِيهِ وَقَالَ : {  هَذَا  مَكَانٌ  حَضَرَنَا  فِيهِ  الشَّيْطَانُ   }  . وَقَدْ  نَصَّ  عَلَى  ذَلِكَ  أَحْمَد  وَغَيْرُهُ .  وَإِنْ  صَلَّى  فِيهِ  جَازَتْ صَلَاتُهُ . فَإِنْ  قِيلَ :  هَذَا يُسَمَّى قَضَاءً أَوْ  أَدَاءً ؟ . قِيلَ : الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ هُوَ فَرْقٌ اصْطِلَاحِيٌّ ; لَا  أَصْلَ لَهُ  فِي  كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ;  فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى فِعْلَ الْعِبَادَةِ  فِي وَقْتِهَا قَضَاءً كَمَا  قَالَ  فِي الْجُمُعَةِ : {   فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا  فِي الْأَرْضِ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ   }  مَعَ  أَنَّ هَذَيْنِ يَفْعَلَانِ  فِي الْوَقْتِ . و " الْقَضَاءُ "  فِي لُغَةِ الْعَرَبِ : هُوَ إكْمَالُ الشَّيْءِ وَإِتْمَامُهُ .  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {  فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ   }  أَيْ  أَكْمَلَهُنَّ  وَأَتَمَّهُنَّ . فَمَنْ فَعَلَ الْعِبَادَةَ كَامِلَةً فَقَدْ  قَضَاهَا وَإِنْ فَعَلَهَا  فِي وَقْتِهَا .  وَقَدْ  اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا  أَعْلَمُ  عَلَى  أَنَّهُ لَوْ  اعْتَقَدَ بَقَاءَ وَقْتِ الصَّلَاةِ  فَنَوَاهَا  أَدَاءً .  ثُمَّ تَبَيَّنَ  أَنَّهُ  صَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ  صَحَّتْ  لِأَنَّهُ وَلَوْ اعْتَقَدَ خُرُوجَهُ  فَنَوَاهَا قَضَاءً  ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَقَاءُ الْوَقْتِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ .  وَكُلُّ مَنْ فَعَلَ الْعِبَادَةَ  فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُمِرَ  بِهِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ  نَوَاهَا  أَدَاءً أَوْ قَضَاءً وَالْجُمُعَةُ تَصِحُّ  سَوَاءٌ  نَوَاهَا  أَدَاءً أَوْ قَضَاءً إذْ  أَرَادَ الْقَضَاءَ الْمَذْكُورَ  فِي الْقُرْآنِ   وَالنَّائِمُ  وَالنَّاسِي إذَا  صَلَّيَا وَقْتَ الذِّكْرِ  وَالِانْتِبَاهِ فَقَدْ  صَلَّيَا  فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُمِرَا بِالصَّلَاةِ  فِيهِ وَإِنْ  كَانَا قَدْ  صَلَّيَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهِمَا . فَمَنْ سَمَّى  ذَلِكَ قَضَاءً بِاعْتِبَارِ  هَذَا الْمَعْنَى وَكَانَ  فِي لُغَتِهِ  أَنَّ الْقَضَاءَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا لِلْعُمُومِ فَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ . وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ  قَطُّ شُغْلٌ يُسْقِطُ عَنْهُ فِعْلَ الصَّلَاةِ  فِي وَقْتِهَا بِحَيْثُ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ النَّهَارِ إلَى اللَّيْلِ وَصَلَاةَ اللَّيْلِ إلَى النَّهَارِ ; بَلْ لَا  بُدَّ  مِنْ فِعْلِهَا  فِي الْوَقْتِ ; لَكِنْ  يُصَلِّي بِحَسَبِ  حَالِهِ فَمَا  قَدَرَ عَلَيْهِ  مِنْ  فَرَائِضِهَا  فَعَلَهُ وَمَا  عَجَزَ عَنْهُ  سَقَطَ عَنْهُ وَلَكِنْ يَجُوزُ  الْجَمْعُ لِلْعُذْرِ بَيْنَ صَلَاتَيْ النَّهَارِ وَبَيْنَ صَلَاتَيْ اللَّيْلِ  عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ : فَيَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسَافِرِ إذَا  جَدَّ  بِهِ السَّيْرُ عِنْدَ  مَالِكٍ  وَالشَّافِعِيِّ    وَأَحْمَد  فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ  فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ  أَبِي حَنِيفَةَ  . وَفِعْلُ الصَّلَاةِ  فِي وَقْتِهَا  أَوْلَى  مِنْ الْجَمْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ ; بِخِلَافِ الْقَصْرِ  فَإِنَّ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ  مِنْ صَلَاةِ أَرْبَعٍ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ . فَلَوْ  صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا   فَهَلْ تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ ؟  عَلَى قَوْلَيْنِ . وَالنَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ  فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ  يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ  يُصَلِّ  فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا  قَطُّ وَلَا  أَبُو بَكْرٍ   وَلَا  عُمَرُ  .