تنسيق الخط:    (إخفاء التشكيل)
متن:
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَيُّمَا طَلَبُ الْقُرْآنِ أَوْ الْعِلْمِ أَفْضَلُ ؟ .
1
فَأَجَابَ : أَمَّا الْعِلْمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ عَيْنًا كَعِلْمِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِ مَا لَا يَجِبُ مِنْ الْقُرْآنِ فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ الْأَوَّلِ وَاجِبٌ وَطَلَبَ الثَّانِي مُسْتَحَبٌّ وَالْوَاجِبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ . وَأَمَّا طَلَبُ حِفْظِ الْقُرْآنِ : فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا تُسَمِّيهِ النَّاسُ عِلْمًا : وَهُوَ إمَّا بَاطِلٌ أَوْ قَلِيلُ النَّفْعِ . وَهُوَ أَيْضًا مُقَدَّمٌ فِي التَّعَلُّمِ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ عِلْمَ الدِّينِ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فَإِنَّ الْمَشْرُوعَ فِي حَقِّ مِثْلِ هَذَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَبْدَأَ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ أَصْلُ عُلُومِ الدِّينِ بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْأَعَاجِمِ وَغَيْرِهِمْ حَيْثُ يَشْتَغِلُ أَحَدُهُمْ بِشَيْءِ مِنْ فُضُولِ الْعِلْمِ مِنْ الْكَلَامِ أَوْ الْجِدَالِ وَالْخِلَافِ أَوْ الْفُرُوعِ النَّادِرَةِ أَوْ التَّقْلِيدِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَوْ غَرَائِبِ الْحَدِيثِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَكَثِيرٍ مِنْ الرِّيَاضِيَّاتِ الَّتِي لَا تَقُومُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ وَيَتْرُكُ حِفْظَ الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي مِثْل [ هَذِهِ ] الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ . وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ وَالْعَمَلُ بِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .