وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ إمَامٍ شَافِعِيٍّ يُصَلِّي بِجَمَاعَةِ : حَنَفِيَّةٍ وَشَافِعِيَّةٍ وَعِنْدَ الْوِتْرِ الْحَنَفِيَّةُ وَحْدَهُمْ .
فَأَجَابَ : قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيت الصُّبْحَ فَصَلِّ وَاحِدَةً تُوتِرُ لَك مَا صَلَّيْت } " وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ مَفْصُولَةٍ عَمَّا قَبْلَهَا وَإِنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسِ وَسَبْعٍ لَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ . وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَائِزٌ وَأَنَّ الْوِتْرَ بِثَلَاثِ بِسَلَامِ وَاحِدٍ أَيْضًا كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ . وَلَكِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ لَمْ تَبْلُغْ جَمِيعَ الْفُقَهَاءِ فَكَرِهَ بَعْضُهُمْ الْوِتْرَ بِثَلَاثِ مُتَّصِلَةٍ كَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ . وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ الْوِتْرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ الْوِتْرَ بِخَمْسِ وَسَبْعٍ وَتِسْعٍ مُتَّصِلَةٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَمَالِكٌ . وَالصَّوَابُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَأَوْتَرَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ يَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .