وَسُئِلَ عَنْ إمَامٍ يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَرْضِ بِالنَّاسِ ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا صَلَاةً أُخْرَى وَيَقُولُ : هَذِهِ عَنْ صَلَاةٍ فَاتَتْكُمْ هَلْ يَسُوغُ هَذَا ؟ .
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . لَيْسَ لِلْإِمَامِ الرَّاتِبِ أَنْ يَعْتَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الْفَرِيضَةَ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ مُخَالِفَةٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَلَمْ يَسْتَحِبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ . لَا أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا مَالِكٍ وَلَا الشَّافِعِيِّ . وَلَا أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ . بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَعَادَ بِأُولَئِكَ الْمَأْمُومِينَ الصَّلَاةَ مَرَّتَيْنِ دَائِمًا أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ كَانَ ضَالًّا . وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الْإِمَامِ إذَا صَلَّى مَرَّةً ثَانِيَةً بِقَوْمِ آخَرِينَ غَيْرَ الْأَوَّلِينَ . مِنْهُمْ مَنْ يُجِيزُ ذَلِكَ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَرِّمُ ذَلِكَ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ . وَمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ أَمَّا كَوْنُ الْإِمَامِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ دَائِمًا مَعَ الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ وَأَنْ يُصَلُّوا خَلْفَهُ فَهَذَا لَيْسَ بِمَشْرُوعِ . وَإِنْ قَالَ : إنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْفَوَائِتِ . وَأَقَلُّ مَا فِي هَذَا أَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى أَنْ يَتَشَبَّهَ بِهِ الْأَئِمَّةُ فَتَبْقَى بِهِ سُنَّةٌ يَرْبُو عَلَيْهَا الصَّغِيرُ وَتُغَيَّرُ بِسَبَبِهَا شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْبَوَادِي وَمَوَاضِعِ الْجَهْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .