وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ خُطْبَةٍ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ . كِلَاهُمَا فَرْضٌ لِوَقْتِهَا فِي سَاعَةٍ مُشْكِلَةِ الْعَيْنِ . وَاعْتِبَارُ الشَّرْطِ فِيهَا كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنْ هَيْئَةِ الدِّينِ . كَالظُّهْرِ وَالسُّنَنِ وَالْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ أَيْضًا بِالتَّأْذِينِ .
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تُنَزَّلُ عَلَى عِدَّةِ مَسَائِلَ بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهَا مُتَنَازَعٌ فِيهِ : مِنْهَا إذَا اجْتَمَعَ عِيدٌ وَجُمُعَةٌ فَمَنْ قَالَ : إنَّ الْعِيدَ فَرْضٌ يَقُولُ : إنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ هِيَ خُطْبَةٌ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ كِلَاهُمَا فَرْضٌ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْعِيدِ . فَإِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَتْ فَرْضًا . وَإِمَّا أَنْ تُنَزَّلَ عَلَى مَا إذَا اعْتَقَدَ جُمُعَتَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ جُمُعَتَانِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْأُولَى وَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ إذَا كَانَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ . فَإِنْ أُشْكِلَ عَيَّنَ السَّابِقَةَ بَطَلَتَا جَمِيعًا وَصَلَّوْا ظُهْرًا . فَالْخُطْبَةُ الَّتِي قَبْلَ الثَّانِيَةِ خُطْبَةٌ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ كِلَاهُمَا فَرْضٌ إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَذِنَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقَامُ عِنْدَهُمْ وَكِلَاهُمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ جُمُعَتَهُ فَرْضٌ . وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ السَّائِلُ الْفَجْرَ وَالْجُمُعَةَ فَإِنَّ الْفَجْرَ فَرْضٌ فِي وَقْتِهَا وَالْجُمُعَةَ فَرْضٌ لِوَقْتِهَا وَبَيْنَهُمَا خُطْبَةٌ هِيَ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ . وَمِنْهَا خُطَبُ الْحَجِّ : فَإِنَّ خُطْبَةَ عَرَفَةَ تَكُونُ بَيْنَ الصَّلَاةِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَكِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالْخُطْبَةُ يَوْمَ النَّحْرِ : تَكُونُ بَيْنَ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ فَكِلَاهُمَا فَرْضٌ .