وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يُصَلِّي وَقْتًا وَيَتْرُكُ الصَّلَاةَ كَثِيرًا أَوْ لَا يُصَلِّي هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ ؟ .
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ : قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى يُخْلِفَ وَفَاءً قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ فَلَمَّا تَمَكَّنَ صَارَ هُوَ يُوَفِّيهِ مِنْ عِنْدِهِ فَصَارَ الْمَدِينُ يُخْلِفُ وَفَاءً . هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَنْهُ : { إنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَلْقَاهُ عَبْدٌ بِهَا بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدَعُ قَضَاءً } رَوَاهُ أَحْمَد . فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ تَرْكَ الدَّيْنِ بَعْدَ الْكَبَائِرِ . فَإِذَا كَانَ قَدْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَدِينِ الَّذِي لَا قَضَاءَ لَهُ فَعَلَى فَاعِلِ الْكَبَائِرِ أَوْلَى وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ قَاتِلُ نَفْسِهِ وَالْغَالُّ : لَمَّا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمَا . وَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِذَوِي الْفَضْلِ تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى ذَوِي الْكَبَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَالدُّعَاةِ إلَى الْبِدَعِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ جَائِزَةً فِي الْجُمْلَةِ . فَأَمَّا قَوْلُهُ : { الشَّهِيدُ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الدَّيْنُ } فَأَرَادَ بِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ يُوَفَّاهُ .