مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَالْمَقْصُودُ هُنَا  أَنَّ   مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ ضَلَالِ الْمُشْرِكِينَ مَا يَرَوْنَهُ أَوْ يَسْمَعُونَهُ عِنْدَ الْأَوْثَانِ  كَإِخْبَارِ عَنْ غَائِبٍ أَوْ أَمْرٍ يَتَضَمَّنُ قَضَاءَ حَاجَةٍ وَنَحْوَ  ذَلِكَ ; فَإِذَا شَاهَدَ أَحَدُهُمْ الْقَبْرَ انْشَقَّ  وَخَرَجَ مِنْهُ شَيْخٌ بَهِيٌّ عَانَقَهُ أَوْ كَلَّمَهُ  ظَنَّ  أَنَّ  ذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ الْمَقْبُورُ أَوْ الشَّيْخُ الْمَقْبُورُ وَالْقَبْرُ لَمْ يَنْشَقَّ ; وَإِنَّمَا  الشَّيْطَانُ مَثَّلَ لَهُ  ذَلِكَ كَمَا يُمَثِّلُ لِأَحَدِهِمْ  أَنَّ الْحَائِطَ انْشَقَّ  وَأَنَّهُ  خَرَجَ مِنْهُ صُورَةُ إنْسَانٍ وَيَكُونُ هُوَ  الشَّيْطَانُ تَمَثَّلَ لَهُ  فِي صُورَةِ إنْسَانٍ  وَأَرَاهُ  أَنَّهُ  خَرَجَ  مِنْ الْحَائِطِ . وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ  لِذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي  رَآهُ قَدْ  خَرَجَ  مِنْ الْقَبْرِ :  نَحْنُ لَا نَبْقَى  فِي قُبُورِنَا بَلْ  مِنْ حِينِ يُقْبَرُ أَحَدُنَا يَخْرُجُ  مِنْ قَبْرِهِ وَيَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى  ذَلِكَ الْمَيِّتَ  فِي الْجِنَازَةِ يَمْشِي وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ إلَى أَنْوَاعٍ أُخْرَى مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُهَا .  وَأَهْلُ الضَّلَالِ إمَّا أَنْ يُكَذِّبُوا بِهَا وَإِمَّا أَنْ يَظُنُّوهَا  مِنْ كَرَامَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَيَظُنُّونَ  أَنَّ  ذَلِكَ الشَّخْصَ هُوَ  نَفْسُ النَّبِيِّ أَوْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَوْ  مَلَكٌ  عَلَى صُورَتِهِ وَرُبَّمَا  قَالُوا هَذِهِ رُوحَانِيَّتُهُ أَوْ رَقِيقَتُهُ أَوْ سِرُّهُ أَوْ مِثَالُهُ أَوْ رُوحُهُ تَجَسَّدَتْ حَتَّى قَدْ يَكُونُ مَنْ يَرَى  ذَلِكَ الشَّخْصَ  فِي  مَكَانَيْنِ فَيَظُنُّ  أَنَّ الْجِسْمَ الْوَاحِدَ يَكُونُ  فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ  فِي  مَكَانَيْنِ وَلَا يُعْلَمُ  أَنَّ  ذَلِكَ حِينَ تَصَوَّرَ بِصُورَتِهِ : لَيْسَ هُوَ  ذَلِكَ الْإِنْسِيَّ .  وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ  أَنَّ  الَّذِينَ يَدْعُونَ  الْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَغَيْرِ قُبُورِهِمْ  : هُمْ  مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَدْعُونَ غَيْرَ اللَّهِ   كَاَلَّذِينَ يَدْعُونَ الْكَوَاكِبَ وَاَلَّذِينَ  اتَّخَذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا  قَالَ تَعَالَى :   {   مَا  كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ  ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ  كُونُوا عِبَادًا  لِي  مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ  كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ   }   {   وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ  تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ  مِنْ دُونِهِ  فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا   }   {   أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى  رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ  أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ  وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ  كَانَ مَحْذُورًا   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ  مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ  فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا  فِي الْأَرْضِ وَمَا  لَهُمْ  فِيهِمَا  مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ  مِنْ ظَهِيرٍ   }   {   وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ   }  . وَمِثْلُ  هَذَا كَثِيرٌ  فِي الْقُرْآنِ :  يَنْهَى أَنْ يُدْعَى غَيْرُ اللَّهِ لَا  مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَلَا  الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِهِمْ ;  فَإِنَّ  هَذَا شِرْكٌ أَوْ ذَرِيعَةٌ إلَى الشِّرْكِ ; بِخِلَافِ مَا يُطْلَبُ  مِنْ أَحَدِهِمْ  فِي حَيَاتِهِ  مِنْ الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى  ذَلِكَ ;  فَإِنَّ  أَحَدًا  مِنْ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَمْ يُعْبَدْ  فِي حَيَاتِهِ بِحَضْرَتِهِ فَإِنَّهُ يَنْهَى مَنْ يَفْعَلُ  ذَلِكَ ; بِخِلَافِ دُعَائِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ  فَإِنَّ  ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى الشِّرْكِ بِهِمْ  وَكَذَلِكَ دُعَاؤُهُمْ  فِي  مَغِيبِهِمْ هُوَ ذَرِيعَةٌ إلَى الشِّرْكِ  . فَمَنْ رَأَى نَبِيًّا أَوْ  مَلَكًا  مِنْ الْمَلَائِكَةِ  وَقَالَ لَهُ " اُدْعُ  لِي " لَمْ يُفْضِ  ذَلِكَ إلَى الشِّرْكِ  بِهِ بِخِلَافِ مَنْ  دَعَاهُ  فِي  مَغِيبِهِ  فَإِنَّ  ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ  بِهِ  كَمَا قَدْ  وَقَعَ  فَإِنَّ الْغَائِبَ وَالْمَيِّتَ لَا يَنْهَى مَنْ يُشْرِكُ بَلْ إذَا تَعَلَّقَتْ الْقُلُوبُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ  أَفْضَى  ذَلِكَ إلَى الشِّرْكِ  بِهِ  فَدَعَا وَقَصَدَ  مَكَانَ قَبْرِهِ أَوْ تِمْثَالِهِ أَوْ غَيْرَ  ذَلِكَ  كَمَا قَدْ  وَقَعَ  فِيهِ الْمُشْرِكُونَ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ  مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمُبْتَدِعَةِ الْمُسْلِمِينَ .