مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 فَاَلَّذِي  شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ تَوْحِيدٌ وَعَدْلٌ وَإِحْسَانٌ وَإِخْلَاصٌ وَصَلَاحٌ لِلْعِبَادِ  فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ  وَمَا لَمْ يَشْرَعْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ  مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُبْتَدَعَةِ  فِيهِ شِرْكٌ وَظُلْمٌ وَإِسَاءَةٌ وَفَسَادُ  الْعِبَادِ  فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ .  فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى  أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِعِبَادَتِهِ وَالْإِحْسَانِ إلَى عِبَادِهِ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {   وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا  بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى   }  وَهَذَا أَمْرٌ بِمَعَالِي الْأَخْلَاقِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   إنَّمَا بُعِثْت لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ   }  رَوَاهُ  الْحَاكِمُ  فِي صَحِيحِهِ  وَقَدْ  ثَبَتَ عَنْهُ  فِي الصَّحِيحِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ  قَالَ :   {   الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ  مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى   }  وَقَالَ :   {   الْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُعْطِيَةُ وَالْيَدُ السُّفْلَى  السَّائِلَةُ   }  وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْهُ  فِي الصَّحِيحِ .  فَأَيْنَ الْإِحْسَانُ إلَى عِبَادِ اللَّهِ  مِنْ إيذَائِهِمْ بِالسُّؤَالِ وَالشِّحَاذَةِ  لَهُمْ ؟  وَأَيْنَ التَّوْحِيدُ لِلْخَالِقِ بِالرَّغْبَةِ إلَيْهِ وَالرَّجَاءِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَالْحُبِّ لَهُ  مِنْ الْإِشْرَاكِ  بِهِ بِالرَّغْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِ وَالرَّجَاءِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَأَنْ يُحِبَّ  كَمَا يُحِبُّ اللَّهَ وَأَيْنَ صَلَاحُ الْعَبْدِ  فِي عُبُودِيَّةِ اللَّهِ وَالذُّلِّ لَهُ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ  مِنْ فَسَادِهِ  فِي عُبُودِيَّةِ الْمَخْلُوقِ وَالذُّلِّ لَهُ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ ؟  فَالرَّسُولُ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَمَرَ بِتِلْكَ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْفَاضِلَةِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي تُصْلِحُ أُمُورَ أَصْحَابِهَا  فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ  وَنَهَى عَنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تُفْسِدُ أُمُورَ أَصْحَابِهَا . وَلَكِنَّ  الشَّيْطَانَ يَأْمُرُ بِخِلَافِ مَا يَأْمُرُ  بِهِ الرَّسُولُ  قَالَ تَعَالَى : {   أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكُمْ يَا بَنِي  آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا  الشَّيْطَانَ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ   }   {   وَأَنِ اعْبُدُونِي  هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ   }   {   وَلَقَدْ  أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   إنَّ  عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ  الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ   }   {   إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ  عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا  وَعَلَى  رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ   }   {   إنَّمَا  سُلْطَانُهُ  عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ  بِهِ مُشْرِكُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ  شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ   }   {   وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ  أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ   }  وَذِكْرُ الرَّحْمَنِ : هُوَ الذِّكْرُ الَّذِي  أَنْزَلَ اللَّهُ  عَلَى رَسُولِهِ الَّذِي  قَالَ  فِيهِ : {   إنَّا  نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ  وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ  فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى   }   {   وَمَنْ  أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي  فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ  الْقِيَامَةِ  أَعْمَى   }   {  قَالَ  رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي  أَعْمَى وَقَدْ  كُنْتُ بَصِيرًا   }   {  قَالَ  كَذَلِكَ  أَتَتْكَ آيَاتُنَا  فَنَسِيتَهَا  وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ  تُنْسَى   }  وَقَدْ  قَالَ تَعَالَى :   {  المص   }   {   كِتَابٌ  أُنْزِلَ إلَيْكَ  فَلَا يَكُنْ  فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ  بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ   }   {   اتَّبِعُوا مَا  أُنْزِلَ إلَيْكُمْ  مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا  مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ   }  وَقَدْ  قَالَ تَعَالَى :   {   كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإِذْنِ  رَبِّهِمْ إلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ   }   {   اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا  فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا  فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ  مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {  وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا  مِنْ  أَمْرِنَا مَا  كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا  الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا  نَهْدِي  بِهِ مَنْ  نَشَاءُ  مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ   }   {   صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا  فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا  فِي الْأَرْضِ  أَلَا إلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ   }  .  فَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ مَا بَعَثَ اللَّهُ  بِهِ رَسُولَهُ   مُحَمَّدًا   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بِفِعْلِ مَا  أَمَرَ وَتَرْكِ مَا حَظَرَ وَتَصْدِيقِهِ فِيمَا  أَخْبَرَ  وَلَا طَرِيقَ إلَى اللَّهِ إلَّا  ذَلِكَ  وَهَذَا سَبِيلُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَحِزْبِ اللَّهِ الْمُفْلِحِينَ وَجُنْدِ اللَّهِ الْغَالِبِينَ . وَكُلُّ مَا خَالَفَ  ذَلِكَ فَهُوَ  مِنْ طُرُقِ أَهْلِ الْغَيِّ وَالضَّلَالِ وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَنْ  هَذَا  وَهَذَا  فَقَالَ تَعَالَى {   وَالنَّجْمِ إذَا  هَوَى   }   {   مَا  ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى   }   {   وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى   }   {   إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى   }  وَقَدْ  أَمَرَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ نَقُولَ  فِي صَلَاتِنَا {  اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ   }   {   صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ   }  . وَقَدْ رَوَى  التِّرْمِذِيُّ  وَغَيْرُهُ عَنْ  عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ  عَنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ   {   الْيَهُودُ  مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ   وَالنَّصَارَى  ضَالُّونَ   }  قَالَ  التِّرْمِذِيُّ  حَدِيثٌ صَحِيحٌ .  وَقَالَ  سُفْيَانُ بْنُ عيينة  :  كَانُوا يَقُولُونَ مَنْ فَسَدَ  مِنْ عُلَمَائِنَا  فَفِيهِ شَبَهٌ  مِنْ   الْيَهُودِ  وَمَنْ فَسَدَ  مِنْ عُبَّادِنَا  فَفِيهِ شَبَهٌ  مِنْ   النَّصَارَى  .  وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ  مِنْ السَّلَفِ يَقُولُ : احْذَرُوا فِتْنَةَ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ  فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ .  فَمَنْ  عَرَفَ الْحَقَّ وَلَمْ يَعْمَلْ  بِهِ  أَشْبَهَ   الْيَهُودَ  الَّذِينَ  قَالَ اللَّهُ  فِيهِمْ : {   أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ  أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ  تَتْلُونَ الْكِتَابَ  أَفَلَا تَعْقِلُونَ   }  .  وَمَنْ  عَبَدَ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالْغُلُوِّ وَالشِّرْكِ  أَشْبَهَ   النَّصَارَى  الَّذِينَ  قَالَ اللَّهُ  فِيهِمْ : {   يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا  تَغْلُوا  فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا  أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ  ضَلُّوا  مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا  وَضَلُّوا عَنْ  سَوَاءِ السَّبِيلِ   }  . فَالْأَوَّلُ  مِنْ الْغَاوِينَ وَالثَّانِي  مِنْ الضَّالِّينَ .  فَإِنَّ الْغَيَّ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَالضَّلَالَ عَدَمُ الْهُدَى .  قَالَ تَعَالَى : {   وَاتْلُ عَلَيْهِمْ  نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ  آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا  فَأَتْبَعَهُ  الشَّيْطَانُ  فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ   }   {   وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا  وَلَكِنَّهُ  أَخْلَدَ إلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ  هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ  ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ  لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ  فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ  وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا  وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا  يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا  وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ  يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا  ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا  وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ   }  . وَمَنْ جَمَعَ الضَّلَالَ وَالْغَيَّ  فَفِيهِ شَبَهٌ  مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ . نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا  وَسَائِرَ إخْوَانِنَا صِرَاطَ الَّذِينَ  أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ  مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا .