مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 فَلَفْظُ التَّوَسُّلِ يُرَادُ  بِهِ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ  : - ( أَحَدُهَا التَّوَسُّلُ بِطَاعَتِهِ  فَهَذَا فَرْضٌ لَا يَتِمُّ  الْإِيمَانُ إلَّا  بِهِ . وَ ( الثَّانِي التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ  وَهَذَا  كَانَ  فِي حَيَاتِهِ وَيَكُونُ يَوْمَ  الْقِيَامَةِ يَتَوَسَّلُونَ بِشَفَاعَتِهِ . وَ ( الثَّالِثُ التَّوَسُّلُ  بِهِ بِمَعْنَى  الْإِقْسَامِ  عَلَى اللَّهِ بِذَاتِهِ وَالسُّؤَالِ بِذَاتِهِ  فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ تَكُنْ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ  فِي الِاسْتِسْقَاءِ  وَنَحْوِهِ لَا  فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَمَاتِهِ لَا عِنْدَ قَبْرِهِ وَلَا غَيْرِ قَبْرِهِ وَلَا يُعْرَفُ  هَذَا  فِي شَيْءٍ  مِنْ الْأَدْعِيَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا يُنْقَلُ شَيْءٌ  مِنْ  ذَلِكَ  فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ مَرْفُوعَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ أَوْ عَمَّنْ لَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً  كَمَا سَنَذْكُرُ  ذَلِكَ إنْ  شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .  وَهَذَا هُوَ الَّذِي  قَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ  وَأَصْحَابُهُ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ وَنَهَوْا عَنْهُ حَيْثُ  قَالُوا : لَا يُسْأَلُ بِمَخْلُوقِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ : أَسْأَلُك بِحَقِّ  أَنْبِيَائِك .  قَالَ  أَبُو الْحُسَيْنِ القدوري  فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ  فِي الْفِقْهِ الْمُسَمَّى   بِشَرْحِ  الكرخي  فِي بَابِ الْكَرَاهَةِ : وَقَدْ  ذَكَرَ  هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ  مِنْ أَصْحَابِ  أَبِي حَنِيفَةَ  .  قَالَ  بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ  حَدَّثَنَا  أَبُو يُوسُفَ  قَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ  : لَا يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ إلَّا  بِهِ .  وَأَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ " بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ  مِنْ عَرْشِك " أَوْ " بِحَقِّ خَلْقِك " . وَهُوَ قَوْلُ  أَبِي يُوسُفَ  قَالَ  أَبُو يُوسُفَ  : بِمَعْقِدِ الْعِزِّ  مِنْ عَرْشِهِ هُوَ اللَّهُ  فَلَا  أَكْرَهُ  هَذَا  وَأَكْرَهُ أَنْ  يَقُولَ بِحَقِّ فُلَانٍ أَوْ بِحَقِّ  أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك وَبِحَقِّ   الْبَيْتِ الْحَرَامِ   وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ  .  قَالَ  القدوري  : الْمَسْأَلَةُ بِخَلْقِهِ لَا تَجُوزُ  لِأَنَّهُ لَا  حَقَّ لِلْخَلْقِ  عَلَى الْخَالِقِ  فَلَا تَجُوزُ وِفَاقًا .  وَهَذَا الَّذِي  قَالَهُ  أَبُو حَنِيفَةَ  وَأَصْحَابُهُ  مِنْ  أَنَّ اللَّهَ لَا يُسْأَلُ بِمَخْلُوقِ لَهُ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا هُوَ مُوَافِقٌ  لِسَائِرِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَمْنَعُونَ أَنْ يُقْسِمَ أَحَدٌ بِالْمَخْلُوقِ فَإِنَّهُ إذَا مَنَعَ أَنْ يُقْسِمَ  عَلَى مَخْلُوقٍ بِمَخْلُوقِ فَلَأَنْ يُمْنَعَ أَنْ يُقْسِمَ  عَلَى الْخَالِقِ بِمَخْلُوقِ  أَوْلَى  وَأَحْرَى .  وَهَذَا بِخِلَافِ إقْسَامِهِ سُبْحَانَهُ بِمَخْلُوقَاتِهِ كَاللَّيْلِ إذَا  يَغْشَى وَالنَّهَارِ إذَا تَجَلَّى {   وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا   }   {   وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا   }   {   وَالصَّافَّاتِ صَفًّا   }  فَإِنَّ   إقْسَامَهُ بِمَخْلُوقَاتِهِ   يَتَضَمَّنُ  مِنْ ذِكْرِ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ  عَلَى قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ مَا يَحْسُنُ مَعَهُ إقْسَامُهُ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ  فَإِنَّ إقْسَامَهُ بِالْمَخْلُوقَاتِ شِرْكٌ بِخَالِقِهَا  كَمَا  فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ   {   مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ  أَشْرَكَ   }  وَقَدْ صَحَّحَهُ  التِّرْمِذِيُّ  وَغَيْرُهُ  وَفِي لَفْظٍ   {  فَقَدْ  كَفَرَ   }  وَقَدْ صَحَّحَهُ  الْحَاكِمُ  . وَقَدْ  ثَبَتَ عَنْهُ  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  أَنَّهُ  قَالَ   {   مَنْ  كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ   }  وَقَالَ   {   لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ  فَإِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ   }  وَفِي   الصَّحِيحَيْنِ  عَنْهُ  أَنَّهُ  قَالَ   {   مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ   }  .