مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَاَلَّذِي  قَالَهُ  أَبُو حَنِيفَةَ  وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ  مِنْ الْعُلَمَاءِ -  مِنْ  أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ  يُسْأَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَخْلُوقِ : لَا بِحَقِّ  الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِ  ذَلِكَ  - يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ  كَمَا تَقَدَّمَ . ( أَحَدُهُمَا )   الْإِقْسَامُ  عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى  بِهِ  وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ  كَمَا تَقَدَّمَ  كَمَا يُنْهَى أَنْ يُقْسَمَ  عَلَى اللَّهِ   بِالْكَعْبَةِ  وَالْمَشَاعِرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . و ( الثَّانِي ) السُّؤَالُ  بِهِ  فَهَذَا يُجَوِّزُهُ  طَائِفَةٌ  مِنْ النَّاسِ وَنُقِلَ  فِي  ذَلِكَ آثَارٌ عَنْ بَعْضِ   السَّلَفِ  وَهُوَ مَوْجُودٌ  فِي دُعَاءِ كَثِيرٍ  مِنْ النَّاسِ لَكِنْ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فِي  ذَلِكَ كُلُّهُ ضَعِيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ . وَلَيْسَ عَنْهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ يُظَنُّ  أَنَّ  لَهُمْ  فِيهِ حُجَّةً إلَّا حَدِيثَ الْأَعْمَى الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ : {   أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك   مُحَمَّدٍ  نَبِيِّ الرَّحْمَةِ   }  وَحَدِيثُ الْأَعْمَى لَا حُجَّةَ  لَهُمْ  فِيهِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ  فِي  أَنَّهُ إنَّمَا  تَوَسَّلَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ   وَهُوَ  طَلَبٌ  مِنْ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  الدُّعَاءَ وَقَدْ  أَمَرَهُ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ :   {   اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ   }  وَلِهَذَا  رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ  لَمَّا  دَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَكَانَ  ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ  مِنْ آيَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  . وَلَوْ تَوَسَّلَ غَيْرُهُ  مِنْ الْعُمْيَانِ الَّذِينَ لَمْ يَدْعُ  لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بِالسُّؤَالِ  بِهِ لَمْ تَكُنْ حَالُهُمْ كَحَالِهِ .   وَدُعَاءُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ  عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  فِي الِاسْتِسْقَاءِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ   الْمُهَاجِرِينَ   وَالْأَنْصَارِ  وَقَوْلُهُ : " اللَّهُمَّ إنَّا  كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا  وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا "  : يَدُلُّ  عَلَى  أَنَّ   التَّوَسُّلَ الْمَشْرُوعَ  عِنْدَهُمْ هُوَ التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ لَا السُّؤَالُ بِذَاتِهِ ; إذْ لَوْ  كَانَ  هَذَا مَشْرُوعًا لَمْ يَعْدِلْ  عُمَرُ   وَالْمُهَاجِرُونَ   وَالْأَنْصَارُ  عَنْ السُّؤَالِ بِالرَّسُولِ إلَى السُّؤَالِ  بِالْعَبَّاسِ  .  وَشَاعَ النِّزَاعُ  فِي السُّؤَالِ  بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ ;  دُونَ الْإِقْسَامِ بِهِمْ ;  لِأَنَّ بَيْنَ السُّؤَالِ وَالْإِقْسَامِ فَرْقًا :  فَإِنَّ  السَّائِلَ مُتَضَرِّعٌ ذَلِيلٌ يَسْأَلُ بِسَبَبِ يُنَاسِبُ الْإِجَابَةَ وَالْمُقْسِمُ  أَعْلَى  مِنْ  هَذَا فَإِنَّهُ طَالِبٌ مُؤَكِّدٌ  طَلَبَهُ بِالْقَسَمِ وَالْمُقْسِمُ لَا يُقْسِمُ إلَّا  عَلَى مَنْ يَرَى  أَنَّهُ يُبِرُّ  قَسَمَهُ فَإِبْرَارُ الْقَسَمِ خَاصٌّ بِبَعْضِ الْعِبَادِ  .  وَأَمَّا إجَابَةُ  السَّائِلِينَ فَعَامٌّ ;  فَإِنَّ اللَّهَ يُجِيبُ دَعْوَةَ  الْمُضْطَرِّ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ  وَإِنْ  كَانَ كَافِرًا  وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ  أَنَّهُ  قَالَ : {   مَا  مِنْ دَاعٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةِ لَيْسَ  فِيهَا إثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثٍ : إمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ  مِنْ الْخَيْرِ مِثْلَهَا وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ  مِنْ الشَّرِّ مِثْلَهَا  قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إذًا نُكْثِرُ  قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ   }  .