مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَكَذَلِكَ كَلُّ دُعَاءٍ  ذَكَرَهُ أَصْحَابُهُ  كَمَا  ذَكَرَ  ابْنُ حَبِيبٍ  فِي   الْوَاضِحَةِ  وَغَيْرِهِ  قَالَ :  وَقَالَ  مَالِكٌ  فِي   الْمَبْسُوطِ  :   وَلَيْسَ يَلْزَمُ مَنْ  دَخَلَ الْمَسْجِدَ  وَخَرَجَ  مِنْ   أَهْلِ  الْمَدِينَةِ  الْوُقُوفُ بِالْقَبْرِ وَإِنَّمَا  ذَلِكَ لِلْغُرَبَاءِ  .  وَقَالَ  فِيهِ أَيْضًا :   وَلَا بَأْسَ لِمَنْ قَدِمَ  مِنْ سَفَرٍ أَوْ  خَرَجَ إلَى سَفَرٍ أَنْ يَقِفَ  عَلَى   قَبْرِ النَّبِيِّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَدْعُو  لَهُ  وَلِأَبِي بَكْرٍ  وَعُمَرَ  .  قِيلَ لَهُ :  فَإِنَّ نَاسًا  مِنْ   أَهْلِ  الْمَدِينَةِ  لَا يَقْدَمُونَ  مِنْ سَفَرٍ وَلَا يُرِيدُونَهُ يَفْعَلُونَ  ذَلِكَ  فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ  أَكْثَرَ وَرُبَّمَا وَقَفُوا  فِي الْجُمُعَة أَوْ الْأَيَّامِ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ أَوْ  أَكْثَرَ عِنْدَ الْقَبْرِ فَيُسَلِّمُونَ وَيَدْعُونَ سَاعَةً .  فَقَالَ  مَالِكٌ  : لَمْ يَبْلُغْنِي  هَذَا عَنْ أَهْلِ الْفِقْهِ بِبَلَدِنَا  وَتَرْكُهُ وَاسِعٌ وَلَا يُصْلِحُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا  أَصْلَحَ  أَوَّلَهَا وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَصَدْرِهَا  أَنَّهُمْ  كَانُوا يَفْعَلُونَ  ذَلِكَ وَيُكْرَهُ إلَّا لِمَنْ جَاءَ  مِنْ سَفَرٍ أَوْ  أَرَادَهُ .  قَالَ  ابْنُ الْقَاسِمِ  : وَرَأَيْت أَهْلَ  الْمَدِينَةِ  إذَا خَرَجُوا مِنْهَا أَوْ دَخَلُوا  أَتَوْا الْقَبْرَ فَسَلَّمُوا  قَالَ  وَلِذَلِكَ رَأَى .  قَالَ  أَبُو الْوَلِيدِ  الباجي  : فَفَرَّقَ بَيْنَ أَهْلِ  الْمَدِينَةِ  وَالْغُرَبَاءِ  لِأَنَّ الْغُرَبَاءَ قَصَدُوا  لِذَلِكَ وَأَهْلَ  الْمَدِينَةِ  مُقِيمُونَ بِهَا لَمْ يَقْصِدُوهَا  مِنْ  أَجْلِ الْقَبْرِ وَالتَّسْلِيمِ  .  قَالَ :  وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {   اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ   }   {   اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ  عَلَى قَوْمٍ  اتَّخَذُوا قُبُورَ  أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ   }  قَالَ :  وَقَالَ النَّبِيُّ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {   لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا   }  .  قَالَ  وَمِنْ كِتَابِ  أَحْمَدَ بْنِ شُعْبَةَ  فِيمَنْ وَقَفَ بِالْقَبْرِ لَا يَلْتَصِقُ  بِهِ وَلَا يَمَسُّهُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهُ طَوِيلًا  وَفِي (   العتبية  يَعْنِي عَنْ  مَالِكٍ  : يَبْدَأُ : بِالرُّكُوعِ قَبْلَ السَّلَامِ  فِي   مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَأَحَبُّ مَوَاضِعِ التَّنَفُّلِ  فِيهِ  مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  حَيْثُ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ  وَأَمَّا  فِي الْفَرِيضَةِ فَالتَّقَدُّمُ إلَى الصُّفُوفِ .  قَالَ : وَالتَّنَفُّلُ  فِيهِ لِلْغُرَبَاءِ  أَحَبُّ إلَيَّ  مِنْ التَّنَفُّلِ  فِي الْبُيُوتِ .  فَهَذَا قَوْلُ  مَالِكٍ  وَأَصْحَابِهِ وَمَا نَقَلُوهُ عَنْ   الصَّحَابَةِ  يُبَيِّنُ  أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا الْقَبْرَ إلَّا لِلسَّلَامِ  عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَالدُّعَاءِ لَهُ . وَقَدْ كَرِهَ  مَالِكٌ  إطَالَةَ الْقِيَامِ  لِذَلِكَ وَكَرِهَ أَنْ يَفْعَلَهُ أَهْلُ  الْمَدِينَةِ  كُلَّمَا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَخَرَجُوا مِنْهُ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ  ذَلِكَ الْغُرَبَاءُ وَمَنْ قَدِمَ  مِنْ سَفَرٍ أَوْ  خَرَجَ لَهُ فَإِنَّهُ تَحِيَّةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  .  فَأَمَّا إذَا قَصَدَ الرَّجُلُ الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّمَا يَدْعُو  فِي مَسْجِدِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ  كَمَا ذَكَرُوا  ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ  مِنْ   الصَّحَابَةِ  أَنَّهُ فَعَلَ  ذَلِكَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَلْ وَلَا  أَطَالَ الْوُقُوفَ عِنْدَ الْقَبْرِ لِلدُّعَاءِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَكَيْفَ بِدُعَائِهِ لِنَفْسِهِ .  وَأَمَّا   دُعَاءُ الرَّسُولِ وَطَلَبُ الْحَوَائِجِ مِنْهُ وَطَلَبُ شَفَاعَتِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ  فَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ  مِنْ   السَّلَفِ  وَمَعْلُومٌ  أَنَّهُ لَوْ  كَانَ قَصْدُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْقَبْرِ مَشْرُوعًا لَفَعَلَهُ   الصَّحَابَةُ   وَالتَّابِعُونَ  وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ  بِهِ  فَكَيْفَ بِدُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ؟ .  فَدَلَّ  ذَلِكَ  عَلَى  أَنَّ مَا  فِي الْحِكَايَةِ الْمُنْقَطِعَةِ  مِنْ قَوْلِهِ " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ  بِهِ " كَذِبٌ  عَلَى  مَالِكٍ  مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ   الصَّحَابَةِ   وَالتَّابِعِينَ  وَأَفْعَالِهِمْ الَّتِي يَفْعَلُهَا  مَالِكٌ  وَأَصْحَابُهُ  وَنَقَلَهَا  سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إذْ  كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْقَبْرَ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَيَسْتَشْفِعَ  بِهِ يَقُولُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْفَعْ  لِي أَوْ اُدْعُ  لِي أَوْ يَشْتَكِي إلَيْهِ مَصَائِبَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَوْ  مِنْ غَيْرِهِ  مِنْ الْمَوْتَى  مِنْ  الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ  مِنْ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَرَاهُمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ أَوْ يَشْتَكِيَ إلَيْهِمْ الْمَصَائِبَ  فَإِنَّ  هَذَا كُلَّهُ  مِنْ فِعْلِ   النَّصَارَى  وَغَيْرِهِمْ  مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ  مِنْ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ; لَيْسَ  هَذَا  مِنْ فِعْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ  مِنْ   الْمُهَاجِرِينَ   وَالْأَنْصَارِ  وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا مِمَّا  أَمَرَ  بِهِ أَحَدٌ  مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ  وَإِنْ  كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ إذْ  كَانَ يَسْمَعُ السَّلَامَ عَلَيْهِ  مِنْ الْقَرِيبِ وَيُبَلَّغُ سَلَامَ الْبَعِيدِ . وَقَدْ احْتَجَّ  أَحْمَدُ  وَغَيْرُهُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ  أَحْمَدُ  وَأَبُو داود  بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ  مِنْ حَدِيثِ  حيوة بْنِ شريح الْمِصْرِيِّ  حَدَّثَنَا  أَبُو صَخْرٍ  عَنْ  يَزِيدَ بْنِ قسيط  عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  عَنْ رَسُولِ اللَّهِ   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ :   {   مَا  مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا  رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ  رُوحِي حَتَّى  أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ   }  .  وَعَلَى  هَذَا الْحَدِيثِ اعْتَمَدَ الْأَئِمَّةُ  فِي السَّلَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَبْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ  فَإِنَّ أَحَادِيثَ زِيَارَةِ قَبْرِهِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَا يُعْتَمَدُ  عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا  فِي الدِّينِ . وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِ أَهْلُ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنَّمَا يَرْوِيهَا مَنْ يَرْوِي الضِّعَافَ  كالدارقطني  وَالْبَزَّارِ  وَغَيْرِهِمَا . وَأَجْوَدُ حَدِيثٍ  فِيهَا مَا رَوَاهُ  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ  - وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْكَذِبُ ظَاهِرٌ عَلَيْهِ - مِثْلُ قَوْلِهِ :   {   مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي  فَكَأَنَّمَا زَارَنِي  فِي حَيَاتِي   }  فَإِنَّ  هَذَا كَذِبُهُ ظَاهِرٌ مُخَالِفٌ  لِدِينِ الْمُسْلِمِينَ  فَإِنَّ مَنْ  زَارَهُ  فِي حَيَاتِهِ  وَكَانَ مُؤْمِنًا  بِهِ  كَانَ  مِنْ أَصْحَابِهِ لَا سِيَّمَا إنْ  كَانَ  مِنْ الْمُهَاجِرِينَ إلَيْهِ الْمُجَاهِدِينَ مَعَهُ وَقَدْ  ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ  قَالَ   {   لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ   أُحُدٍ  ذَهَبًا مَا بَلَغَ  مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا  نَصِيفَهُ   }  أَخْرَجَاهُ  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  . وَالْوَاحِدُ  مِنْ بَعْدِ   الصَّحَابَةِ  لَا يَكُونُ مِثْلَ   الصَّحَابَةِ  بِأَعْمَالِ مَأْمُورٍ بِهَا  وَاجِبَةٍ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ  فَكَيْفَ بِعَمَلِ لَيْسَ بِوَاجِبِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؟ بَلْ وَلَا شُرِعَ السَّفَرُ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ .  وَأَمَّا السَّفَرُ إلَى مَسْجِدِهِ لِلصَّلَاةِ  فِيهِ وَالسَّفَرِ إلَى   الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى  لِلصَّلَاةِ  فِيهِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَالسَّفَرِ إلَى   الْكَعْبَةِ  لِلْحَجِّ فَوَاجِبٌ . فَلَوْ سَافَرَ أَحَدٌ السَّفَرَ الْوَاجِبَ وَالْمُسْتَحَبَّ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ وَاحِدٍ  مِنْ   الصَّحَابَةِ  الَّذِينَ سَافَرُوا إلَيْهِ  فِي حَيَاتِهِ  فَكَيْفَ بِالسَّفَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ