مسألة تاليةمسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَالْوَسِيلَةُ الَّتِي  أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَبْتَغِيَهَا إلَيْهِ  هِيَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ بِطَاعَتِهِ  وَهَذَا يَدْخُلُ  فِيهِ كُلُّ مَا  أَمَرَنَا اللَّهُ  بِهِ وَرَسُولُهُ . وَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَيْهَا إلَّا بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بِالْإِيمَانِ  بِهِ وَطَاعَتِهِ  وَهَذَا التَّوَسُّلُ  بِهِ فَرْضٌ  عَلَى كُلِّ أَحَدٍ .  وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ -  كَمَا يَسْأَلُهُ النَّاسُ يَوْمَ  الْقِيَامَةِ أَنْ يَشْفَعَ  لَهُمْ  وَكَمَا  كَانَ   الصَّحَابَةُ  يَتَوَسَّلُونَ بِشَفَاعَتِهِ  فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ مِثْلُ تَوَسُّلِ الْأَعْمَى بِدُعَائِهِ حَتَّى  رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ -  فَهَذَا نَوْعٌ ثَالِثٌ هُوَ  وَمِنْ بَابِ قَبُولِ اللَّهِ دُعَاءَهُ وَشَفَاعَتَهُ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ فَمَنْ شَفَعَ لَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَدَعَا لَهُ فَهُوَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَدْعُ لَهُ وَلَا يَشْفَعْ لَهُ .  وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ  ظَنَّ  أَنَّ تَوَسُّلَ   الصَّحَابَةِ  بِهِ  كَانَ بِمَعْنَى  أَنَّهُمْ يُقْسِمُونَ  بِهِ وَيَسْأَلُونَ  بِهِ  فَظَنَّ  هَذَا مَشْرُوعًا مُطْلَقًا لِكُلِّ أَحَدٍ  فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ وَظَنُّوا أَنَّ  هَذَا مَشْرُوعٌ  فِي حَقِّ  الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ بَلْ  وَفِي الصَّالِحِينَ وَفِيمَنْ يُظَنُّ  فِيهِمْ الصَّلَاحُ  وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا  فِي نَفْسِ الْأَمْرِ . وَلَيْسَ  فِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ  فِي  ذَلِكَ حَدِيثٌ  فِي شَيْءٍ  مِنْ دَوَاوِينِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا  فِي الْأَحَادِيثِ - لَا  فِي   الصَّحِيحَيْنِ  وَلَا كُتُبِ السُّنَنِ وَلَا الْمَسَانِيدِ الْمُعْتَمَدَةِ   كَمُسْنَدِ  الْإِمَامِ  أَحْمَدَ  وَغَيْرِهِ - وَإِنَّمَا يُوجَدُ  فِي الْكُتُبِ الَّتِي عُرِفَ  أَنَّ  فِيهَا كَثِيرًا  مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ الْمَكْذُوبَةِ الَّتِي يَخْتَلِقُهَا الْكَذَّابُونَ بِخِلَافِ مَنْ قَدْ يَغْلَطُ  فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ  فَإِنَّ هَؤُلَاءِ تُوجَدُ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ  فِي السُّنَنِ   وَمُسْنَدِ  الْإِمَامِ  أَحْمَدَ  وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ  فَإِنَّ  أَحْمَدَ  لَمْ يَرْوِ  فِي مُسْنَدِهِ  عَنْ أَحَدٍ  مِنْ هَؤُلَاءِ . وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْحَافِظُ  أَبُو الْعَلَاءِ الهمداني  وَالشَّيْخُ  أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ  : هَلْ  فِي   الْمُسْنَدِ  حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ ؟  فَأَنْكَرَ الْحَافِظُ  أَبُو الْعَلَاءِ  أَنْ  يَكُونَ  فِي   الْمُسْنَدِ  حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ  وَأَثْبَتَ  ذَلِكَ  أَبُو الْفَرَجِ  وَبَيَّنَ  أَنَّ  فِيهِ أَحَادِيثَ قَدْ عُلِمَ  أَنَّهَا بَاطِلَةٌ ; وَلَا  مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ .  فَإِنَّ الْمَوْضُوعَ  فِي اصْطِلَاحِ  أَبِي الْفَرَجِ  هُوَ الَّذِي قَامَ دَلِيلٌ  عَلَى  أَنَّهُ بَاطِلٌ  وَإِنْ  كَانَ الْمُحَدِّثُ  بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْكَذِبَ بَلْ غَلِطَ  فِيهِ وَلِهَذَا رَوَى  فِي كِتَابِهِ  فِي الْمَوْضُوعَاتِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً  مِنْ  هَذَا النَّوْعِ وَقَدْ نَازَعَهُ  طَائِفَةٌ  مِنْ الْعُلَمَاءِ  فِي كَثِيرٍ مِمَّا  ذَكَرَهُ  وَقَالُوا إنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَقُومُ دَلِيلٌ  عَلَى  أَنَّهُ بَاطِلٌ بَلْ بَيَّنُوا ثُبُوتَ بَعْضِ  ذَلِكَ  لَكِنَّ الْغَالِبَ  عَلَى مَا  ذَكَرَهُ  فِي الْمَوْضُوعَاتِ  أَنَّهُ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا الْحَافِظُ  أَبُو الْعَلَاءِ  وَأَمْثَالُهُ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِالْمَوْضُوعِ الْمُخْتَلَقَ الْمَصْنُوعَ الَّذِي تَعَمَّدَ صَاحِبُهُ الْكَذِبَ وَالْكَذِبُ  كَانَ قَلِيلًا  فِي السَّلَفِ .