مسألة سابقة
				
				
				
				متن:
				 وَدِينُ الْإِسْلَامِ مَبْنِيٌّ  عَلَى أَصْلَيْنِ  وَهُمَا : تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ  وَأَنَّ   مُحَمَّدًا  رَسُولُ اللَّهِ : وَأَوَّلُ  ذَلِكَ أَنْ لَا تَجْعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ  فَلَا تُحِبُّ مَخْلُوقًا  كَمَا تُحِبُّ اللَّهَ وَلَا تَرْجُوهُ  كَمَا تَرْجُو اللَّهَ وَلَا تَخْشَاهُ  كَمَا تَخْشَى اللَّهَ وَمَنْ سَوَّى بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْخَالِقِ  فِي شَيْءٍ  مِنْ  ذَلِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِاَللَّهِ وَهُوَ  مِنْ الَّذِينَ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ وَقَدْ  جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ  وَإِنْ  كَانَ مَعَ  ذَلِكَ يَعْتَقِدُ  أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ  خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ . فَإِنَّ مُشْرِكِي   الْعَرَبِ  كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ  خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ  كَمَا  قَالَ تَعَالَى : {   وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ  خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ   }  وَكَانُوا مَعَ  ذَلِكَ مُشْرِكِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ  آلِهَةً أُخْرَى  قَالَ تَعَالَى : {   أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ  أَنَّ مَعَ اللَّهِ  آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ   }  وَقَالَ تَعَالَى :   {   وَمِنَ النَّاسِ مَنْ  يَتَّخِذُ  مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا  أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ   }  فَصَارُوا مُشْرِكِينَ  لِأَنَّهُمْ  أَحَبُّوهُمْ كَحُبِّهِ لَا  أَنَّهُمْ  قَالُوا إنَّ  آلِهَتَهُمْ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ  .  كَمَا  قَالَ تَعَالَى :   {   أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ   }  .  وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إنْكَارٍ بِمَعْنَى النَّفْيِ أَيْ مَا جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَإِنَّهُمْ مُقِرُّونَ  أَنَّ  آلِهَتَهُمْ لَمْ يَخْلُقُوا كَخَلْقِهِ . وَإِنَّمَا  كَانُوا يَجْعَلُونَهُمْ شُفَعَاءَ وَوَسَائِطَ  قَالَ تَعَالَى : {   وَيَعْبُدُونَ  مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ  فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا  فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى  عَمَّا يُشْرِكُونَ   }  وَقَالَ صَاحِبُ يس :   {   وَمَا لِيَ لَا  أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ   }   {  أَأَتَّخِذُ  مِنْ دُونِهِ  آلِهَةً إنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ  عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ   }   {   إنِّي إذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ   }   {   إنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ   }  . ( الْأَصْلُ الثَّانِي أَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا  شَرَعَ  عَلَى  أَلْسُنِ رُسُلِهِ لَا نَعْبُدُهُ إلَّا بِوَاجِبِ أَوْ مُسْتَحَبٍّ وَالْمُبَاحُ إذَا قُصِدَ  بِهِ الطَّاعَةُ  دَخَلَ  فِي  ذَلِكَ . وَالدُّعَاءُ  مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ فَمَنْ  دَعَا الْمَخْلُوقِينَ  مِنْ الْمَوْتَى وَالْغَائِبِينَ وَاسْتَغَاثَ بِهِمْ - مَعَ  أَنَّ  هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَأْمُرْ  بِهِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ أَمْرَ إيجَابٍ وَلَا اسْتِحْبَابٍ -  كَانَ مُبْتَدِعًا  فِي الدِّينِ مُشْرِكًا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ مُتَّبِعًا غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ .  وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْمَخْلُوقِينَ أَوْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِالْمَخْلُوقِينَ  كَانَ مُبْتَدِعًا بِدْعَةً مَا  أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا  مِنْ سُلْطَانٍ  فَإِنْ  ذَمَّ مَنْ خَالَفَهُ وَسَعَى  فِي عُقُوبَتِهِ  كَانَ ظَالِمًا جَاهِلًا مُعْتَدِيًا .  وَإِنْ  حَكَمَ  بِذَلِكَ فَقَدْ  حَكَمَ بِغَيْرِ مَا  أَنْزَلَ اللَّهُ  وَكَانَ حُكْمُهُ مَنْقُوضًا  بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ  وَكَانَ إلَى أَنْ يُسْتَتَابَ  مِنْ  هَذَا الْحُكْمِ وَيُعَاقَبَ عَلَيْهِ  أَحْوَجَ مِنْهُ إلَى أَنْ يُنَفَّذَ لَهُ  هَذَا الْحُكْمُ  وَيُعَانَ عَلَيْهِ  وَهَذَا كُلُّهُ  مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ  لَيْسَ  فِيهِ خِلَافٌ لَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ . وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ  عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ  فِي مُجَلَّدَاتٍ  مِنْ جُمْلَتِهَا مُصَنَّفٌ ذَكَرْنَا  فِيهِ قَوَاعِدَ تَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْحُكَّامِ وَمَا يَجُوزُ  لَهُمْ الْحُكْمُ  فِيهِ وَمَا لَا يَجُوزُ . وَهُوَ مُؤَلَّفٌ مُفْرَدٌ يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ  هَذَا الْبَابِ لَا يَحْسُنُ إيرَادُ شَيْءٍ  مِنْ فُصُولِهِ هَاهُنَا ; لِإِفْرَادِ الْكَلَامِ  فِي  هَذَا الْمَوْضِعِ  عَلَى قَوَاعِدِ التَّوْحِيدِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ وَسَيَأْتِي إيرَادُ مَا اُخْتُصِرَ مِنْهُ وَحُرِّرَتْ فُصُولُهُ  فِي  ضِمْنِ أَوْرَاقٍ مُفْرَدَةٍ يَقِفُ عَلَيْهَا الْمُتَأَمِّلُ  لِمَزِيدِ  الْفَائِدَةِ وَمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ  هَذَا الْأَمْرِ الْمُهِمِّ . وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .